شرح قول المصنف : قوله : (فإن تولوا فقل حسبي الله وهو رب العرش العظيم) حفظ
الشيخ : نعم (( فإن تولوا )) (( تولوا )) يعني أعرضوا مع هذا البيان الشامل الواضح بوصف الرسول عليه الصلاة والسلام (( فقل حسبي الله )).
وقوله : ( فإن تولوا ) أي أعرضوا هل هذا فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة أو لا؟ من الخطاب إلى الغيبة (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليهم ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )) ... في سياق الآية. فإن توليتم ، فإن توليتم. إذن ففي الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة وذلك لأن التولي مكروه التولي مع هذا البيان مكروه. ولهذا لم يخاطبوا به; لم يقل: فإن توليتم.
الطالب : ... .
الشيخ : ... .
(( لقد جاءكم )) قال : (( فإن تولوا فقل )) ولم يقل فإن توليتم فليقل. والبلاغيون يسمونه التفاتا ولو قيل بأنه انتقال; لكان أحسن! لكان أحسن!
(( فإن تولوا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إله إلا هو عليه توكلت )) الخطاب هنا للرسول عليه الصلاة والسلام فقل يا محمد معتمدا على الله متوكلا عليه، معتصما به : (( حسبي الله )) ولا يهمنك إعراضهم فهنا ارتباط الجواب بالشرط واضح يعني إن أعرضوا فلا يهمنك بل قل بلسانك وقلبك : (( حسبي الله )). (( حسبي )) خبر مقدم، والله مبتدأ مؤخر لأن هذا الأحسن يجوز أن يكون حسبي مبتدأ والله خبر لكن لما كانت حسب نكرة ما تتعرف بالإضافة; كان الأولى أن نجعلها هي الخبر. نعم. طيب.
وقوله : (( حسبي الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )) أي : لا معبود حق حقيق بالعبادة سوى الله عز وجل.
(( عليه توكلت )) عليه : جار ومجرور متعلق بتوكلت وقدم لماذا؟ للحصر قدم للحصر. طيب. ما معنى توكلت؟ تقدم معنا أن التوكل : هو الاعتماد على الله مع الثقة به الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به نعم.
وقوله : (( عليه توكلت )) مع قوله : (( لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )) فيها جمع بين العبودية والربوبية والله تعالى دائما يجمع بين هذين الأمرين (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) (( فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ )) هنا (( حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت ))
وقوله : (( وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) الضمير في قوله : (( وهو )) يعود إلى الله سبحانه.
و(( رب العرش )) أي: خالقه، وإضافة الربوبية إلى العرش هنا وإن كانت ربوبية الله عامة لأجل الفضل و الاختصاص فإن ربوبيته للعرش كربوبيته لغيره كما أن ربوبيته لموسى وهارون ليس كربوبيته للعالمين جميعا. وإنما أضاف الربوبية للعرش للاختصاص وأن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. وذكر العرش هنا لإثبات علو الله على الخلق من اعتمد على من لا شيء فوقه وهو رب العرش والعرش أعلى المخلوقات فمناسبة التوكل لقوله : (( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) ظاهرة لأن من كان فوق كل شيء ولا شيء فوقه; فإنه لا أحد يغلبه لا أح يغلبه.
وقوله : (( العرش )) فسره بعض الناس بالكرسي ثم فسروا الكرسي بالعلم. وحينئذ لا يكون هناك لا كرسي ولا عرش. وهذا التفسير باطل. معناه لا كرسي ولا عرش. إذا قلنا العرش هو الكرسي والكرسي هو العلم ما بقي لا كرسي ولا عرش. والصحيح أن العرش غير الكرسي وأن الكرسي غير العلم ولا يصح تفسيره بالعلم بل الكرسي مخلوق من مخلوقات الله العظيمة الذي وسع السماوات والأرض. والعرش أعظم وأعظم، أعظم منه وأعظم. ولهذا وصف الله العرش بأنه عظيم (( وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) وبأنه مجيد بقوله : (( ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد )) وبأنه كريم (( لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )) لأنه عظيم أعظم المخلوقات التي بلغنا علمها لأنه أعظم المخلوقات وأعلاها لأن الله استوى عليه.
وقوله : (( العرش العظيم )) العظيم : فيه دليل على أن كلمة العظيم يوصف بها المخلوق; لأن العرش مخلوق وإلا لا؟ مخلوق. فيوصف المخلوق بالعظيم وبالحكيم يقال فلان حكيم مثلا ويوصف بالرحيم ويوصف بالرؤوف كما في الآية : (( إن الله غفور رحيم )) وقال : (( وكان بالمؤمنين رحيما )) ولا يلزم من اتفاق الاسمين اتفاق المسميين يعني لا تقل إذا كان الإنسان سميعا بصيرا رؤوفا رحيما لزم أن يكون مثل الخالق; لأن الله قال لأن الله سميع بصير عليم نقول لا لا يلزم. كما أن وجود الباري سبحانه لا يستلزم أن تكون ذاته كذوات الخلق; فإن أسماءه كذلك لا يستلزم أن تكون كأسماء الخلق. هناك فرق عظيم بين هذا وهذا.
وقوله : (( فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ )) قل قلنا إنها باللسان والقلب وهكذا يجب أن يعلم المسلم اعتماده على ربه ولا سيما في مثل هذا المقام الذي يتخلى الناس عنه ; لأنه قال : (( فإن تولوا )) (( إن تولوا )). وهذه الكلمة - كلمة الحسب - تقال في الشدائد قالها إبراهيم حين ألقي في النار والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين قيل لهم : (( إن النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )). نعم.
الطالب : شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : وأصحابه أجمعين ما معنى قول المؤلف : " جانب التوحيد "؟
الطالب : أي جنب.
الشيخ : جانب التوحيد. فالمراد بحمايته؟ دليل آخر؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا غير.
الطالب : قوله : ... .
الشيخ : (( هو الذي خلقكم من نفس واحدة )) ... قوله سبحانه وتعالى : (( عزيز عليه ما عنتم )) شمعناه يا راشد؟ ما حضرت؟ معناه؟ ما حضرت؟
الطالب : ... .
الشيخ : ... نعم؟ ... جمعة. نعم؟
الطالب : عزيز عليه ما عنتم أي شاق عليه ما ... .
الشيخ : شاق عليه ما شق عليكم وأصله. (( عزيز )) منين مشتقة صالح؟
الطالب : ... .
الشيخ : الأرض الصلبة القوية والمعنى أنه صعب عليه ما يشق عليكم طيب. هل هناك شاهد أن العنت بمعنى المشقة يا عبد الله؟
الطالب : ... .
الشيخ : ما حضرت بعد؟ (( وليجدوا فيكم غلظة )) طيب. هل يستفاد من الآية جواز إطلاق الوصف وصف الخالق على المخلوق ويش تقول يا أخ؟
الطالب : ... .
الشيخ : يستفاد من الآية جواز إطلاق الخالق على المخلوق؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا جواز إطلاق وصف الخالق على المخلوق؟
الطالب : ... .
الشيخ : ما في الآية دليل.
الطالب : ... .
الشيخ : أظنك ما حضرت.
الطالب : ... .
الشيخ : طيب. من يجيب؟ غانم.
الطالب : (( بالمؤمنين رؤوف رحيم )).
الشيخ : هل لها نظير في القرآن بالنسبة لله؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : مثل؟
الطالب : وكان بالمؤمنين.
الشيخ : وكان؟
الطالب : لا.
الشيخ : إلا.
الطالب : (( وكان الله غفورا رحيما )).
الشيخ : (( وكان بالمؤمنين رحيما )). (( رحيما )) طيب. إذن نحتاج إلى الفارق بين الخالق والمخلوق في هذه المسألة.
الطالب : نقول : الاشتراك في اللفظ لا يستلزم منه الاشتراك في الحقيقة ... قد يشترك الخالق والمخلوق في الألفاظ ... أما الحقائق فهي مختلفة.
الشيخ : يعني مطلق المعنى ... .
الطالب : مشتركة.
الشيخ : لا مانع من الاشتراك لأن المعنى عام لكن كون هذا المخلوق له ما يختص به والله سبحانه وتعالى ما يختص به من هنا افترقا أليس كذلك؟ طيب ولهذا نقول : الوجود يشترك فيه الخالق والمخلوق أليس كذلك؟ الحياة والعلم والقدرة لكن يختلفون اختلافا بينا كبيرا بالنسبة لحقائق هذه المعاني. قوله : أظن هذا.
الطالب : ... .
الشيخ : نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : لا لأن الآية (( هو الذي بعث في الأميين رسولا )) عام ... يقرأ بهذا لكن قراءة شاذة وعلى هذا إذا صحت يكون المعنى من بني هاشم لأنهم هم أنفس العرب.
الطالب : ... .
الشيخ : الراجح أنها ... إذا جاءت من أنفسكم يعني ... .
الطالب : شيخ ... .
الشيخ : مثل؟
الطالب : مثل ... .
الشيخ : لا إذا تختص بالخالق لا يمكن تطلق على المخلوق مثل الرحمان ورب العالمين والقيوم وما أشبهه ... المخلوق.