شرح قول المصنف : عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) أخرجاه . حفظ
الشيخ : ثم قال : " عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) " قولُه : ( لا يؤمن ) هذا نفي ، نفي للإيمان ونفي الشيء تارةً يراد به نفي الكمال وتارةً يراد به نفي الأصل تارة يراد به نفي الكمال الواجب ما هو بنفي الكمال الزائد عن الواجب وتارة يُراد به نفي الأصل فإذا قال لنا قائل : ما هو الضابط لهذا الشيء ما هو الضابط لكون هذا النفي .
- فراغ في الشريط -
والقواعد الشرعية تقتضي أن انتفاء هذا الشيء يراد به الانتفاء المطلق فهو للانتفاء المطلق وإذا كان لا يراد به ذلك فهو لانتفاء إيش ؟ لانتفاء الكمال ولكن لا يكون النفي بانتفاء شيء مستحب أبداً فإذا قال : لا صلاة بغير طهور فالمعنى أنها لا تصِح فيكون هذا نفيا للكمال الواجب يعني بمعنى أنه لا يُنفى الشيء إلا لانتفاء أمر واجب فيه ( لا يؤمِن أحدكم حتى أكون أحب إليه من وَلَدِه ) إلى آخره هذا الإيمان المنفي هنا هل هو أصله ؟ أصل الإيمان أو كماله الواجب ؟ كماله الواجب إلا إذا خلا القلب من محبة الرسول صلى الله عليه وسلم إطلاقاً فلا شك أن هذا نفي للإيمان المطلق مطلقا يعني لو لم يكن في قلب الإنسان محبة للرسول صلى الله عليه وسلم فإنه ليس بمؤمن لكن الحديث هنا ليس نفياً للمحبة معلق بإيش؟ بكمال المحبة أن يكون أحب إليه
وقوله : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من وَلَدِه ) بدأ بالولد لأن تعلق القلب به أشد ومحبة الإنسان لِولده غالباً أشد من محبته لأبيه وقولُه : ( من وَلده ) يشمل الذكر والأنثى وقوله : ( ووالدِه ) يعني أباه وجده وإن علا وأمه وجدته وإن علت وقوله : ( والناس أجمعين ) يشمل إخوتَه وأعمامه وأبناء إخوته وأبناء أعمامه وأصحابه وأصدقاءه ونفسه أيضاً ونفسه ، لماذا يشمل نفسه ؟ لأنه من الناس لأنه هو من الناس إذن لا يتم الإيمان إلا بهذا أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام أحب إليه من كل شيء من المخلوقين نعم ، لماذا ؟ وكيف؟ لماذا نحبه أكثر من هذا ؟ لأنه رسول الله عز وجل وإذا كان الله أحب إليك من كل شيء فرسوله أحب إليك من كل مخلوق
وثانيا : يحب النبي عليه الصلاة والسلام لأمور كثيرة أولاً : لما قام به من عبادة الله وتبليغ رسالته فأنت تحبه لله لأنه ما أحد من البشر قام بمثل ما قام به النبي عليه الصلاة والسلام من تبليغ الرسالة والعبادة فتُحبه على هذا تحبه أيضاً بما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولا لا؟ لأننا نحب من اتصف بهذا لو كان غير الرسول صلى الله عليه وسلم تحبه أيضا لما جلبه الله تعالى على يديه من هدايتك وتعليمك وإرشادك وتوجيهك لولا الرسول صلى الله عليه وسلم من أين نعلم هذا العلم ولا لا؟ لكن الله بعثه بالحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، تحبه أيضاً على صبره على الأذى في دين الله صبر وصابر وأوذي في الله عز وجل فصبر صبر أولي العزم من الرسل عليه الصلاة والسلام فتحبه على كل هذه الخصال وإلا فقد يصعب على الإنسان أن يحب من لا يراه ولكن إذا تأمل الإنسان وتدبر هذه الأمور للرسول صلى الله عليه وسلم أحبه بلا شك ولهذا جاء في الحديث وإن كان ليس بصحيح ( أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم ) فأنت تحب الله عز وجل لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم كل نعمة (( وما بكم من نعمة فمن الله ))كل نعمة فيك فهي من الله عز وجل فتُحب هذا المنعم الذي أغدق عليك النعم وأسبغها عليك ظاهرة وباطنة ودفع عنك النقم التي لا.. فكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم نحبه لهذه الأمور ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم من محبة الله ولا لا ؟ نعم من محبة الله لأنها هي النوع الأول من القسم الثاني
يستفاد من هذا الحديث وجوب تقديم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة الناس أو لا؟
وثانيا : فداء الرسول عليه الصلاة والسلام بالنفس والمال صح؟ نعم يعني يجب أن تقدم محبته على نفسك فإذن تفديه بنفسك وبمالك
وفيه أيضاً إنه يجب على الإنسان أن ينصُر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويبذل لها نفسه وماله وكل طاقته لماذا؟ لأنها من كمال محبة الرسول عليه الصلاة والسلام، أنت إذا أحببت شخصاً أحببت أن ينجح في أمره ولا لا؟ ما أظن واحدا منكم يقول أنا أحب فلانا وهو يحب أن يفشل هذا المحبوب أليس كذلك ؟ فإذا كان هكذا فإن من أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لا بد أن يحب سنته وشريعته ويدافع عنها كما يدافع عن شخص الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال بعض أهل العلم في قوله تعالى : (( إن شانئك هو الأبتر )) أي مبغضك هو الأبتر قالوا وكذلك من أبغض شريعته فإنه أبتر فشانئ الرسول صلى الله عليه وسلم وشانئ شريعته لا شك أنه أبتر مقطوع لا خير فيه ولا بركة .
ومن فوائد الحديث : جواز المحبة التي للشفقة والتي للتعظيم والإكرام من أين تُؤخذ ؟ من قوله : ( أحب إليه من كذا ) فأباح إثبات أصل المحبة لكن أوجب أن تكون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم مقدمةً على محبة هؤلاء وهذا أمر طبيعي ما أحد ينكرُه طيب
ومن فوائد الحديث وجوب تقديم قول الرسول صلى الله عليه وسلم على قول كل الناس لأنه من لازم كونه أحب أن يكون قولُه مقدماً على كل أحد حتى على نفسك نعم ؟ نعم حتى على نفسك أنت مثلا تقول شيئا وتهواه وتقول يلا نفذ هذا الشيء افعل هذا الشيء ثم يأتيك رجل ويقول لك هذا الذي قلت وألزمتنا به يخالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ويش الواجب عليك ؟ إذا كان الرسول أحب إليك من نفسك فأنت تنتصر للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر مما تنتصر لنفسك وترد على نفسك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم نعم ولهذا قال بعضهم :
" تعصي الإله وأنت تزعم حبه *** هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع "

الطالب : شنيع
الشيخ : لا بديع هذا الذي أحفظه أنا وعلى كل حال هو بديع يعني غريب .
الطالب : ... حسن .
الشيخ : لا البديع يعني معناه الغريب الشيء الذي يستغرب يعني المخالف للقياس
طيب إذن يؤخذ من هذا الحديث وجوب تقديم قول الرسول صلى الله عليه وسلم على قول كل الناس حتى على قول أبي بكر؟
الطالب : نعم
الشيخ : وعمر؟
الطالب : نعم
الشيخ : وعثمان؟
الطالب : نعم
الشيخ : وعلي؟
الطالب : نعم
الشيخ : طيب والأئمة الأربعة؟
الطالب : من باب أولى
الشيخ : من باب أولى ومن بَعدهم من باب أولى (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) ولكننا سبق أن قُلنا إذا رأيتم الحديث مخالفاً للأحاديث الأخرى الصحيحة الواضحة أو مخالفا لقول أهل العلم الجمهور منهم فالواجب علينا إيش ؟ التثبت وأن نتأنى في الأمر لأن اتباع الشواذ يؤدي إلى الشذوذ فلهذا يجب علينا إذا رأينا حديثا يخالف ما عليه أكثر الأمة أو يخالف الأحاديث الصحيحة التي كالجبال في رُسوها ما نقول نرده بل يجب علينا أن نتثبت ونطالع ونراجع في سنده حتى يتبين إذا تبين فإنه لا بأس أن يخَصَّص الأقوى بما هو أضعف منه نعم ويمكن أيضاً أن يكون خلاف الأمة أن يكون الحديث ضعيف مخالفاً لقول جمهور الأمة هذا أمر ممكن لكن المهم أن نتثبت في الأمر وهذه القاعدة تنفعك في كثير من الأقوال التي ذُكرت أخيراً وغفل عنها الأقدمون نعم وصارت محل نقاش بين الناس فإنه يجب اتباع هذا الطريق يقال أين الناس من هذه الأحاديث ولو كانت هذه الأحاديث من شريعة الله لكانت محفوظة باقية معلومة نعم مثل ما ذُكر أن الإنسان إذا لم يطُف طواف الإفاضة قبل أن تغرب الشمس يوم العيد فإنه يعود محرماً فإن هذا الحديث وإن كان ظاهر سنده الصحة لكنه ضعيف وشاذ ولهذا ما ذُكر أنه عَمل به إلا كان رجل أو رجلان من التابعين وإلا فالأمة على خلافه فمثل هذه الأحاديث يجب أن يتحرى الإنسان فيها ويتثبت لا نقول تُرَد لأنها قد تكون صحيحة لكن يجب أن يتثبت فيها الإنسان كثيرا .
مناسبة هذا الحديث للباب ظاهرة ويش المناسبة ؟ أنه في باب المحبة محبة الرسول عليه الصلاة والسلام التي محبته من محبة الله نعم .