.شرح قول المصنف : عن أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعاً : ( إن من ضعف اليقين : أن ترضى الناس بسخط الله ، وأن تحمدهم على رزق الله ، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله ، إن رزق الله لا يجره حرص حريص ، ولا يرده كراهية كاره ) . حفظ
الشيخ : وعن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من ضعف اليقين ) إن مِن الظاهر إن من هنا للتبعيض وقوله : ( من ضعف اليقين ) الضعف ضد القوة ويقال ضَعف ويقال ضُعف وكلاهما بمعنى واحد ( من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله ) أن ترضي هذه اسم إن مؤخر ومن ضعف اليقين خبرها مقدم والتقدير إن إرضاء الناس بسخط الله من ضعف اليقين وقولُه : ( أن ترضي الناس ) بسخط الله الباء هذه للعِوض يعني أن تجعل عِوضَ إرضاء الناس إيش ؟ سخط الله فتستبدل هذا بهذا هذا من ضعف اليقين واليقين أعلى درجات الإيمان وقد يُراد به العلم كما تقول تيقنت هذا الشيء يعني علمتُه يقيناً لا يعتريه الشك ( أن ترضي الناس بسخط الله ) صحيح هذا من ضعف اليقين لأنك إذا أرضيت الناس بما يسخط الله فإن يقينك ضعيف إذ أنك خفت الناس أكثر مما تخاف الله أو لا؟ ولو كان عندك خوف من الله أكثر ما ذهبت ترضي الناس على شيء يُسخط الله لكنك ظننت أنك إذا أرضَيت الناس الآن تخلصت من شرهم وسلمت وفي الحقيقة أنك لا تسلم من شرهم ما تسلم لأن العاقبة لمن ؟ العاقبة للمتقين فأنت إذا اتقيت الله واتبعت رضاه صارت العاقبة لك مثال هذا: رجل عند شخص كبير له جاه وشرف يعرف أن هذا الشخص الذي له جاه وشرف يعرف أنه منهمك في معصية من المعاصي فيقول له هذا أمر لا بأس به هذا جائز نعم ويُسهل له الأمر مع أن في هذا إسخاطاً لله ، في هذا إسخاط لله عز وجل كيف تسهل عليه الحرمات من أجل أن يرضى عنك؟! وهذا هو الذي ابتليت به الأمة الإسلامية الآن تجد الإنسان يجيء إلى الشخص ما يقول إلا ما فيه مدح وقد يكون هذا الممدوح خالياً منه لكن الشيء اللي فيه ذم ما يذكره له وهذا خطأ هذا من النفاق وليس هذا من النصح ولا من علامات المحبة النصح للإنسان أن تُبين له عيوبَه حتى يتلافاها ويحترز منها أما محل الثناء عليه بالفِطنة فهذا ما يحتاج أن تعلمه لأن أفعالَه هذه تنبئُ عنه فلا حاجة إلى أن تخبره نعم إن اقتضت الحال أن تخبره بذلك تشجيعاً له على ما فَعل وسلم ذلك من الغرور فهذا لا بأس به أن تُشجعه فالحاصل إن الناس الآن مع الأسف ينطبق عليهم هذا الحديث كثير منهم ينطبق عليه هذا الحديث تجده يرضي الناس بسخط الله عز وجل ثانياً : ( وأن تحمدهم على رزق الله ) الحمدُ قُلنا فيما سبق وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم لكنه هنا ليس بشرط أن يكون مع المحبة والتعظيم لأنه يشمل المدح تحمدَهم على رزق الله أي عطاء الله يعني إذا أعطوك شيئاً حمدتهم ونسيت المسبب وهو الله عز وجل والمعنى أنك تجعل الحمد كله لهم متناسيا بذلك من ؟ المسبب وهو الله عز وجل هذا هو محل الذم لأن هذا الذي أعطاك ما هو إلا سبب محض والمُعطي حقيقة هو الله عز وجل وشرح ذلك أن الذي بيد الذي أعطاك منين ؟ من الله عز وجل ما خلقه هو لكنه من الله فإذا قُدِّر أن الله عطف قلبه حتى أعطاك صار أيضا ذلك من الله ، فالإرادة والقُدرة على الإعطاء كلها من الله عز وجل ولا شك أن من ضعف اليقين أن تحمد هذا على رزق الله متناسياً حمد الرب عز وجل أما إذا كان في قلبك أن الله تعالى هو الذي منّ عليك بسياق هذا الرزق على هذا الرجل وشكرت الرجل على معروفه فهذا ليس داخلاً في الحديث وليس من ضعف اليقين بل هذا من الشرع لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) فإذن الحديث ليس على ظاهره من كل وجه نعم فالمراد بالحمد أن تحمدهم إيش ؟ الحمد المطلق ناسياً المسبب وهو الله عز وجل فإن ذلك من ضعف اليقين كأنك نسيت المنعِم الأصلي وهو الله عز وجل الذي له النعمة الأولى قُلنا إن هذا سفه أيضاً لأن حقيقة الأمر أن الذي أعطاك هو الله هذا الذي أعطاك ، البشر الذي أعطاك هذا الشيء ما خلق ما أعطاك فالله هو الذي خلق ما بيده وهو الذي عطف قلبه عليك حتى أعطاك أرأيت الآن هذا إنسان معه طفل له سبع سنوات نعم فأعطى طفله ألف درهم قال خذ أعطها فلاناً الذي أخذ هذه الدراهم من يحمد في الأصل ؟ أباه ولا الطفل ؟
الطالب : أباه
الشيخ : أباه فلو حمد الطفل فقط لعُد ذلك سفها لأن الطفل ما هو إلا مُرسل فقط وعلى هذا فنقول إنك إذا حمدتهم على رزق الله ناسياً ما يجب لله عز وجل من الحمد والثناء فهذا هو الذي من ضعف اليقين أما إذا حمدتهم على أنهم سبب من الأسباب وأن الحمد كله لله عز وجل فهو إيش ؟ فهو حق وصحيح
قال : ( وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله ) وهذه عكس الأولى تحمدهم وذاك تذمهم على ما لم يؤتك الله، إنسان مثلا جاء إلى شخص يوزع دراهم فلما مر به ترك ما أعطاه قام يسب هذا اللي بيه ... الجائر الظالم الفاعل يذمه هذا غلط لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فلا تذمه على شيء الله عز وجل منعك إياه بحكمته بل إن كان هؤلاء قد قصروا في واجب عليهم فنعم ذمهم من أجل التقصير بالواجب لا من أجل أنهم لم يعطوك مثل لو كان هذا صاحب بيت المال وهو يعطي المستحقين وأنت منهم ثم منعك لغرض شخصي تذُمه لا لأنه ما أعطاك ولكن لأنه قصّر في الواجب أما من حيث القدر فلا تذُمه لأن الله تعالى لو قدر ذلك لوُجدت الأسباب التي بها يصل إليك هذا الشيء ولكن الله ما قدره فلا تذمهم على ما لم يؤتك الله ولكني أقول لكم الآن تذمهم إذا كانوا قد قصروا... على ترك الشرع ولا على عدم القيام بما يقتضيه القدر؟ نقول على ترك الشرع أما ما لم يقتضه قدر الله فلا تذمهم لأن ذمهم في الحقيقة يعود ذماً لله سبحانه وتعالى .