شرح قول المصنف : وقول الله تعالى : (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد )) حفظ
الشيخ : " وقول الله تعالى (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) " يقول: (( قل إنما أنا بشر مثلكم )) يأمر الله تعالى النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول للناس إنما أنا بشر مثلكم، وهذه جملة فيها حصر، ولا لأ ؟ وهو قطع النبي عليه الصلاة والسلام على البشرية، وأنه ليس ملكا من الملائكة، وليس ربا يدبر ويملك الضر والنفع، إنما هو بشر، وأكد هذه البشرية بقوله (( مثلكم )) (( بشر مثلكم ))، يعني لو قال إنما أنا بشر يوحى إلي، تم الكلام ولا ما يتم؟ تم، لكن ذكر المثلية من باب تحقيق البشرية، وأنه عليه الصلاة والسلام بشر.
قال: (( يوحى إلي )) هذا هو الفرق بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم، (( يوحى إلي )) فهو متميز بالوحي كغيره من الأنبياء والرسل. والوحي يقول العلماء: إنه في اللغة الإعلام بسرعة وخفاء، قالوا ومنها قوله تعالى: (( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا )). وأما في الشرع فهو إعلام الله عز وجل لأحد من البشر أو من الملائكة بما تقتضيه حكمته من شرع، أو الإعلام بالشرع، إعلام الله بالشرع، هذا الوحي، إعلام الله بالشرع يسمى وحيا.
وقوله: (( أنما إلهكم إله واحد )) هذه أيضا فيها حصر، أي: ما إلهكم إلا إله واحد، من هو؟ الله ، فإذا كان الإله المستحق للعبادة إلها واحدا فكيف تشرك معه غيره في العبادة؟ هذا لا يليق، إذا ثبت أنه لا إله إلا الله، وأنه سبحانه وتعالى واحد، فإنه لا يليق بك أن تشرك معه غيره، ولهذا قال: (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ))، المراد باللقاء هنا، (( فمن كان يرجو )) الرجاء وش معناه؟ أيش معنى الرجاء ؟
الطالب : ...
الشيخ : الرجاء الطلب والأمل، يعني: فمن كان يؤمل أن يلقى ربه، والمراد باللقيا هنا الملاقاة الخاصة، لأن الملاقاة نوعان: عامة وخاصة، فالعامة كقوله تعالى: (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) من المراد بالإنسان ؟ كل إنسان، ولهذا قال مفرعا على ذلك: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه )) (( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره )).أما الملاقاة الخاصة التي تتضمن رؤيته تبارك وتعالى كما قاله بعض أهل العلم فإنها خاصة بالمؤمنين كما في هذه الآية، يعني: من كان يرجو لقاء ربه لقاء رضى ونعيم فليعمل، الفاء في قوله (( فليعمل ))؟ رابطة للجواب جواب الشرط، أين الشرط ؟ من كان، من كان يرجو لقاء ربه، وقوله: (( فليعمل عملا صالحا )) هذه الأمر هنا للإرشاد ولا للوجوب ؟
الطالب : ...
الشيخ : أو للإرشاد؟ للإرشاد، يعني: فيقول من كان يريد لقاء الله عز وجل على الوجه الذي يرضاه سبحانه وتعالى فليفعل هذا، فليعمل عملا صالحا، نعم.
وقوله (( فليعمل عملا صالحا )) العمل الصالح ما جمع بين أمرين: ما كان خالصا صوابا، وهذا وجه الشاهد من الآية، ما كان خالصا صوابا، فالخالص ما قصد به وجه الله، والصواب ما كان على شريعة الله، عرفتم؟ الخالص ما قصد به وجه الله، والصواب ما كان على شريعة الله. عندنا رجلان أحدهما ابتدع تسبيحا معينا مخلصا لله، لا يرجو بذلك إلا وجهه، فهل ينفعه؟
الطالب : لا.
الشيخ : ليش ؟ ليس على الشريعة، لأنه ليس على شريعة الله. وآخر عمل عملا على شريعة الله لكنه مراءٍ فيه، هذا أيضا لا يقبل، أيش اللي فقد؟ ليس خالصا لله. فالعمل الصالح ما جمع بين أمرين: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن يقصد الإنسان به وجه الله ويتمشى فيه على شريعة الله، هذا هو العمل الصالح، وما عداه فهو عمل فاسد مردود على صاحبه.
دليل ذلك من السنة واضح جدا: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى ) هذا في جانب الإخلاص، ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) هذا في جانب المتابعة، ولهذا قال العلماء: إن هذين الحديثين ميزان الأعمال، فحديث عمر ميزان الأعمال الباطنة وهي النيات والمقاصد، وحديث عائشة ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) هذا ميزان الأعمال الظاهرة.
وقوله: (( فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) (( ولا يشرك )) لا هذه ناهية، والمراد بالنهي ال... كما قلنا في المراد في الأمر. وقوله (( لا يشرك بعبادة ربه)) شف بعبادة، أما مسائل العادة فالعادة للعادات، لكن العبادة هي خالص الحق لله، ولهذا قال: (( بعبادة ربه )) وأتى بكلمة رب إشارة إلى العلة، فكما أنه ربك الذي خلقك ولم يشركه أحد في خلقك فيجب أن تكون العبادة له وحده، ما قال ولا يشرك بعبادة الله، قال: (( ولا يشرك بعبادة ربه ))، فتكون هنا الإضافة إلى الرب من باب التعليل، كأنه يقول: لما كان هو الرب الذي خلقك وأعدك وأمدك فلتكن العبادة له وحده.
وقوله: (( أحدا )) أحدا نكرة في سياق النهي فتكون عامة، لا يتعبد لأحد، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي، ولا لأحد من المخلوقين، تكون العبادة لله وحده.
وجه الشاهد من هذه الآية الكريمة: أن المرائي يا إخوان المرائي هل أشرك بعبادة الله أحدا؟ نعم، أشرك، لأنه الآن قام يصلي مثلا ليتقرب إلى الناس بمدحه والثناء عليه، فيكون أشرك بعبادة الله أحدا، فالآية واضح مناسبتها للترجمة، مناسبتها للترجمة واضحة.
وفي هذه الآية الكريمة دليل على ملاقاة الله عز وجل لقوله: (( يرجو لقاء ربه )) وقد استدل بها بعض العلماء على ثبوت رؤية الله، لأن الملاقاة معناها المواجهة، وعلى كل حال فالمسألة فيها شيء من الخفاء، وأدلة رؤية الله واضحة في الكتاب والسنة سوى هذه، واضحة وصريحة.
طيب، يستفاد من هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر لا يستحق أن يعبد، أو لا؟ لأنه حصر حاله بالبشرية كما حصر الألوهية بمن؟ بالله، ثم فرع على ذلك أن من كان يرجو لقاء الله فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا، نعم.