شرح قول المصنف : باب من الشرك : إرادة الإنسان بعمله الدنيا حفظ
السائل : ... ؟
الشيخ : ... ما يهتم به، يعني ... لغيره، ما يهتم به.
السائل : ...
الشيخ : أي نعم ... وربما لا يهمه بعد إطلاقا، نعم.
القارئ : " باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا، وقوله تعالى: (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال رحمه الله تعالى : " باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا " قوله " من " هذه للتبعيض، يعني: أن بعض الشرك إرادة الإنسان، وقوله " الدنيا " مفعول لإرادة، لأن إرادة مصدر مضاف إلى فاعله، إرادة الإنسان، وإذا عرفت المصدر المضاف إلى فاعله فحوله إلى فعل مقرون بأن يتبين لك، فمثلا إذا قلنا: باب من الشرك أن يريد الإنسان بعمله الدنيا، وش تطلع الإنسان؟
الطالب : فاعل.
الشيخ : فاعل، فحينئذٍ تكون إرادة مضافة إلى الفاعل، وتكون الدنيا مفعول به، فهذا إذا أردت أن تعرف المصدر هل هو مضاف إلى فاعله أو إلى مفعوله، فحوله إلى مضارع مقرون بأن يتبين لك نوعه.
وقوله: " باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا " هذا الباب مكرر مع ما قبله، أو هو نوع آخر مستقل، أو هو أعم مما قبله؟ فها هنا ثلاث احتمالات: هل هو مكرر مع ما قبله، أو هو أعم منه، أم هو نوع مستقل غير الأول؟ أفهمتم؟
أما كونه مكررا فهذا بعيد أن المؤلف يكتب ترجمتين متتاليتين بمعنى واحد. وأما كونه بعضا منه يعني أن الأول بعض من هذا ويكون هذا أعم فهذا محتمل. وأما كونه نوعا آخر مستقل فهو أيضا محتمل، ويبقى النظر في الترجيح بين كونه نوعا مستقلا، أو كونه أعم من الأول.
يظهر هذا بمعرفة الرياء ومعرفة حقيقة هذا الباب، يعني بمعرفة الحقيقة في البابين، المرائي ماذا يريد؟
الطالب : يريد الدنيا.
الشيخ : يريد الدنيا؟ يعني يريد مالا؟ لا، ما يريد مالا، يريد أن يمدح بالعبادة، فيقال: هو عابد، فهو إذن يريد أن يحمد على عبادته لله عز وجل، ما يريد أن الناس ينفعونه، لا يريد أن ينفعونه، ولا أن ينتفع بهم انتفاعا ماديا، لكنه يريد أن يمدحوه لعبادته لله، وعبادته لله تنفعهم ولا ما تنفعهم؟ ما تنفعهم. أما هنا أن يريد بعمله الدنيا، فإن الإنسان يتعبد لله مخلصا لله، ما يرائي الناس أبدا، ولا يريد أن يراه الناس ليمدحوه، لكنه يريد بعمله شيئا من الدنيا، يريد مالا، يريد مرتبة، يريد صحة وعافية في أهله وولده، نعم، وما أشبه ذلك، فهذا يريد أمرا ماديا محضا، مثاله: أذّن ليأخذ الراتب، صار إماما ليأخذ الراتب، ما قصده التقرب إلى الله عز وجل بهذا، لكن يريد المال، حج لغيره من أجل المال، هذا الذي أراد بعمله الدنيا، أراد مرتبة قرأ في هذه الكلية أو في هذه المدرسة من أجل أن ينال الشهادة ويكون في المرتبة السادسة أو السابعة أو الخامسة أو العاشرة أو المئة، المهم حسب المراتب، هذا أيضا أراد بعمله الدنيا، تقرب إلى الله وتعبد لله يريد أن يجزيه الله على عمله شيئا في الدنيا كمحبة الخلق له ودفع السوء عنه، وما أشبه ذلك، ما يريد الآخرة، يريد نفعا في الدنيا، لأن الأعمال الصالحة لها تأثير في الحياة الدنيا، فهو يريد ذلك (( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض )) فهو يريد هذه البركة الدنيوية فقط.
فتبين الآن الفرق بين الباب الأول وبين هذا الباب، والظاهر أنه قسيم له، يعني: أنه نوع مستقل، وليس قسما منه، ولا أنه أعم منه، هذا هو الظاهر.
ثم قال المؤلف: وقوله تعالى (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها )) طيب، إرادة الدنيا نحن ذكرنا ثلاث صور: أن يريد المال، أن يريد المرتبة، أيش بعد ؟ أن يريد دفع الأمراض والآفات عنه، كل هذه من إرادة الإنسان بعمله الدنيا.
الطالب : أن يريد الجاه.
الشيخ : الجاه داخل في المرتبة، بقي أن يقال للذين يقرؤون في الكليات الآن ربما أوقعناهم في حرج، فيقولون: إذن ماذا نعمل؟ ومنهم من هو الآن على مشارف التخرج، فماذا نقول؟ نقول: إنهم يقصدون بذلك لا أن ينالوا هذه المرتبة الدنيوية، لكن أن ينالوا شهادة تخولهم للعمل في حقلهم، لأنه أصبحت الآن الأعمال كما تشاهدون مبنية على أيش؟ على الشهادات، ييجي واحد حامل البطاقة يمكن ما يعرف يقرأها، لكنه مكتوب عليها دال كاف تاء واو راء ألف هاء، خلاص ... يمكن أنه ما يعرف يقرأها، يحطه في المرتبة هذه، وييجي واحد عبقري عالم كيّس، لكن من أين تخرجت؟ قال: والله تخرجت من حلقات المساجد، انتظر نشوف إن احتجناك وإلا، إذن ماذا يصنعون الناس؟ يعني ما يمكن أن يتوصلوا إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوثيقة، فهم قد اتخذوها أيش؟ وسيلة من أجل أن يعملوا في الحقول النافعة للخلق، وبهذا الوجه تكون النية سليمة، هو يقول أنا ما يهمني أن أكون في المرتبة السابعة المالية أو الثامنة أو التاسعة مثلا، لكن يهمني أن أعمل في الحقل الذي تخولني إياه هذه البطاقة، يقولون إن الشنقيطي رحمه الله وهو عالم كما تعرفون يقول : " أنا لست ممن علمه في قارورة " وش هي القارورة؟
الطالب : الشهادة.
الشيخ : الشهادة يخلها في زجاجة في قارورة حتى ما يجيها لا صدا ولا مدا ولا ... طيب، نعم؟
السائل : ... أراد العلم لذاته ...
الشيخ : هذا طيب هذا طيب، هذا أيضا طيب، يعني: مثلا قد يقول أنا والله ما أجد هذا العلم في المساجد، وأنا أريد أن أتعلم، هذا طيب، هذا طيب، كلها سليمة يعني، لكن افرض أن بعض الناس يقول: إن العلم في الكليات ثمرته قليلة، يعني بركة العلم في المساجد فيما جربنا وفيما جربه غيرنا أفضل بكثير وأبرك وأنفع للقلب، فهو يقول: أنا أستطيع أني أحصل هذا العلم الذي في الكلية أو أكثر منه في المساجد، لكني أريد أن أصل إلى هذه المرتبة التي تخولني أن أعمل، أما إذا أراد العلم وقال أنا ربما لا أحصل على هذا العلم في المساجد فهذا ...