شرح قول المصنف : عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواء تبعاً لما جئت به ) قال النووي : حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح . حفظ
الشيخ : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) قال النووي: " حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح ". هذا الحديث صححه النووي وجماعة، لكن ضعفه غيرهم، وممن ضعفه ابن رجب شارح الأربعين النووية، في كتاب " إحكام الأحكام " ضعفه، ولكن إذا ضعف سندا فإنه لا يضعف متنا، فإن معناه صحيح بلا شك.
قال: ( لا يؤمن أحدكم )، لا يؤمن مطلقا ولا لا يؤمن على وجه التمام؟ لا يؤمن على وجه التمام، اللهم إلا أن يكون لا يهوى ما جاء به الرسول إطلاقا، فإنه لا يؤمن أبدا، لا يؤمن مطلق الإيمان، لأنه إذا كره ما أنزل الله فقد حبط عمله لكفره (( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )) لكفرهم، لكن إذا كان مؤمنا ولا يكره ما أنزل الله، لكن عنده في بعض الأشياء ميل إلى غير ما أنزل الله، فهذا يكون نفي الإيمان في حقه نفي كمال.
وقوله: ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه )، الهوى مقصورا الميل، والهواء ممدودا الريح، والهواء الريح، والمراد هنا الأول، ولهذا جاء مقصورا.
( حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) فإذا كان الهوى تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كان هوى مقبولا صحيحا، ولكن اعلم أن أكثر ما يطلق الهوى على هوى الضلال، لا على هوى الإيمان، (( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )) (( واتبعوا أهواءهم )) وما أشبه ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على ذم من اتبع هواه، لكن الهوى إذا كان تبعا لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام صار هوى إيمان، وصار محمودا، وهو من كمال الإيمان.
( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه ) هذه حتى للغاية، ( تبعا لما جئت به )، لما جاء به من القرآن ولا من السنة؟
الطالب : الجميع.
الشيخ : الجميع، وتبعا لما جئت به في الأحكام ولا في التصديق يعني في العمل بالأحكام ولا في التصديق بالأخبار أو بالجميع؟ بالجميع، يكون تبعا لما جاء به، إن جاء بالأخبار صدق وآمن وأيقن، إن جاء بأحكام امتثل واتبع، نعم،
( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )، إذا كان هواه تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لزم من ذلك أن يوافقه ولا لأ ؟ تصديقا بالخبر وامتثالا للأمر، فيكون حينئذٍ مؤمنا بالرسول محكما ل ... فإنه ناقص أو مفقود.
صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين هذا الباب الذي نحن فيه موضوعه التحاكم إلى غير الله ورسوله، وقد سبق لنا أن ذلك من الشرك والكفر، وأن من اعتقد أن حكما غير حكم الله مساويا لحكم الله أو أحسن منه، أو، مساويا له أو أحسن منه أو أنه يجوز التحاكم إليه فهو كافر، نعم.
وسبق أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) وبينا أن هذا الحديث من حيث الإسناد ضعيف، وأما من حيث المعنى فهو صحيح. وبينا أنه إذا لم يكن هواه تبعا لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن كان كارها له فهو كفر، وإن لم يكن كارها له لكن آثر محبة الدنيا على ذلك فليس بكفر.