شرح قول المصنف : وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من حلف بغير الله فقد كفر ، أو أشرك ) رواه الترمذي ، وحسنه وصححه الحاكم . حفظ
الشيخ : قال: " وعن عمر بن الخطاب " اكتبوا الصواب: عن ابن عمر، الحديث هذا عن ابن عمر، " وعن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبيه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم ".
قوله: ( من حلف بغير الله )، من شرطية فتكون للعموم، وبغير الله عام أيضا، ( فقد كفر أو أشرك ) أو هذه للشك من الراوي، هل قال النبي عليه الصلاة والسلام فقد كفر أو قال فقد أشرك، والذي يناسب المقام أن يكون الصواب فقد أشرك. قوله: ( من حلف بغير الله ) يشمل كل مخلوق، سواء بالكعبة، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو بالمصاحف، أو بالشمس، أو بالقمر، أو بأي شيء بغير الله، وهل يشمل الحلف بصفة الله؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا ما يشمل، الحلف بصفات الله جائز لأن الصفة تابعة للموصوف، فتقول مثلا: وعزة الله وحكمة الله وقدرة الله هذا جائز، فالحلف بصفة من صفات الله من الحلف بالله. طيب، ( من حلف بغير الله ) هل المراد بغير هذا الاسم أو المراد المسمى؟ المراد المسمى، فإذا حلف بالله أو بالرحمن أو بالسميع أو بالبصير أو ما أشبه ذلك من أسماء الله تعالى فهو حلف بالله.
وقوله: ( فقد كفر أو أشرك ) قلنا: الظاهر أن صواب الحديث أو أشرك، لأن الحلف كما هو معروف عند أهل العلم تأكيد الشيء بذكر معظم بصيغة مخصوصة بالواو أو الباء أو التاء، أحرف القسم ثلاثة: الباء والواو والتاء، كذا؟ والباء هي أعمها، لأنها تدخل على الظاهر والمضمر، وعلى اسم الله وغيره، ويذكر معها فعل القسم ويحذف، أو لا؟ اللام هي أعمها، اللام هي أعمها من حيث أنها تدخل على الظاهر والمضمر.
الطالب : الباء.
الشيخ : أي أنا أقول الباء.
الطالب : ...
الشيخ : سبحان الله العظيم، الباء هي أعم حروف القسم، لأنها ثلاثة حروف القسم الباء والواو والتاء، والباء أعمها، لأنها تدخل على الظاهر والمضمر، هذه واحدة، وعلى لفظ الجلالة الله وغيره، ويذكر معها فعل القسم ويحذف، (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم )) أقسموا بالله ذكر فعل الحلف ولا لأ؟
طيب، وتقول: بالله لأفعلن بدون فعل القسم، وتقول الله تعالى عظيم جليل أحلف به لأفعلن، وتدخل على الضمير، وتقول بالله أحلف بالرحمن أحلف بالسميع أحلف وما أشبه ذلك، فتدخل على كل اسم من أسماء الله.
أما الواو فإنها لا يذكر معها فعل القسم ما تقول أحلف والله، ولا تدخل على الضمير.
وأما التاء فإنه لا يذكر معها فعل القسم وتختص بالله ورب كما قال ابن مالك : والتاء لله ورب، مع الله أكثر.
المهم أن الحلف تعريفه: تأكيد الشيء بذكر معظم بصيغة معروفة بالباء أو بالواو أو التاء، هذا القسم هذا الحلف.
هذا لا يجوز أن يحلف الإنسان بغير الله مهما كان ذلك الغير، أو بصفة من صفاته سبحانه وتعالى، فإن فعل فقد أشرك، لأنه جعل مرتبة المخلوق في مرتبة الخالق في التعظيم.
طيب، ثم نقول فقد أشرك أشركا أكبر؟ حسين؟ أشركا أكبر إذا حلف بغير الله يشرك شركا أكبر أو أصغر؟ أكبر؟
الطالب : أكبر.
الشيخ : توافقون؟
الطالب : إن اعتقد أنه مساو لله في التعظيم.
الشيخ : في التعظيم؟
الطالب : في التعظيم فهو شرك أكبر.
الشيخ : نعم
الطالب : وإن لم يعتقد ذلك.
الشيخ : فهو أصغر، إذن لا بد من التفصيل، إن اعتقد أن المحلوف به مساو لله عز وجل في التعظيم وفي العظمة، فإنه مشرك شركا أكبر، وإلا فهو شرك أصغر.
طيب، قوله: ( فقد كفر أو أشرك ) معلوم أن الشرك محرم ولو كان أصغر، وهل يغفره الله؟
اختلف في هذا أهل العلم، فقال بعض العلماء: إن قوله تعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) يعني الشرك الأكبر (( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) الشرك الأصغر والكبائر والصغائر أيضا.
وقال شيخ الإسلام: " إن الشرك لا يغفر ولو كان أصغر "، لأن قوله: (( أن يشرك به )) مصدر مؤول فهو نكرة في سياق النفي، إذ أن التقدير لا يغفر شركا به، أو إشراكا به، وهذا نكرة في سياق النفي، فيكون عاما. فإذن الشرك ولو كان أصغر فإنه لا يغفر إلا بتوبة.
طيب، فإذا قال قائل: هذا يفيد أن الحلف بغير الله شرك وأنه يجب الحذر منه، فما جوابكم عن قوله تعالى: (( والشمس وضحاها )) (( لا أقسم بهذا البلد )) (( والليل إذا يغشى )) وما أشبه ذلك من المخلوقات التي أقسم الله بها ؟
فالجواب: أن هذا القسم من الله عز وجل، ولله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، وهو حاكم لا محكوم عليه، وسائل لا مسؤول (( لا يسئل عما يفعل وهم يسألون )) وما علينا إلا أن نستسلم ولا نعترض، هذا السجود لغيره كفر وفي مرة من المرات صار ترك السجود لغيره كفرا ولا لأ؟ لأن الأمر كله لله عز وجل (( وإليه يرجع الأمر كله )) هذا جواب.
جواب آخر: أن الإقسام بهذه المخلوقات هو في الحقيقة تعظيم لله عز وجل، يعظم به نفسه ويمدح به نفسه، لأن هذه الآيات التي أقسم بها الآيات الكونية كلها آيات تدل على عظمته، فكأنه أثنى بالقسم على نفسه بما تتضمنه هذه الآيات من الدلالة على عظمته وقدرته، فكأنه ثناء على نفسه بهذا بطريق القسم بها الدال على تعظيمها. أما نحن لو قال قائل: إذن لماذا لا نفعل نحن هكذا؟ قلنا: لأننا نهينا عنه، فصار القسم بهذه الآيات العظيمة صار القسم لا يرد علينا، وش الجواب؟
الجواب من وجهين، الأول: أن هذا من فعل الله والله تعالى لا يسأل عما يفعل، وله أن يقسم سبحانه وتعالى بما شاء من خلقه، وهو سائل غير مسؤول وحاكم غير محكوم عليه، تمام؟ ثانيا: أن نقول إن ما أقسم الله به من هذه الآيات كلها دال على عظمته وعلى تمام قدرته وحكمته فيكون في القسم بها الدال على تعظيمها ورفع شأنها يكون فيه ثناء على الله عز وجل بما تتضمنه من أيش؟ من الدلالة على عظمته.
فإذا قال قائل: هذا المعنى الأخير لماذا لا نفعله نحن ونثني على الله تعالى بالإقسام بها؟ قلنا: لأننا نهينا عنه، فعلينا أن نقول سمعنا وأطعنا.
طيب، فإن قال قائل: هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) وقال: ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) وقال: ( لا تحلفوا بآبائكم )، فما هو الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم: ( أفلح وأبيه إن صدق ) وهذا ثابت في صحيح مسلم، ( أفلح وأبيه إن صدق ) أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي هذا الرجل، فما هو الجواب؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، يقول وأبوه، أبوه كافر ما ندري مفلح ولا ما هو مفلح.
الجواب على هذا من عدة أوجه، لنستعرضها لننظر ماذا يصح منها وما لا يصح.
قال أنكر بعضهم هذه اللفظة، وقال: إنها لا تثبت في الحديث، لماذا ؟ لأنها مخالفة مناقضة للتوحيد، كيف النبي صلى الله عليه وسلم يفعل شيئا مناقضا للتوحيد؟! فإذن يكون مدلول هذه الكلمة في الحديث مناقضا لما علم بالضرورة من دين الإسلام وهو خالص التوحيد، وما كان مناقضا لذلك فهو عند أهل العلم
الطالب : شاذ
الشيخ : شاذ أو باطل، باطل موضوع/ فلهذا أنكرها، هذه واحد.
وقال بعضهم: إن ( وأبيه ) تصحيف من الرواة، وإن أصلها أفلح والله إن صدق، لكن كانوا في الزمن السابق ما يشكلون الكلمات، أبيه إذا حذفت منها النقاط السفلى تشبه الله ولا لأ؟ تشبه الله، نعم بس إنها تعرف شوي النبرات، فقالوا إنها تصحيف، وأصلها أفلح والله إن صدق، لكن الراوي صحف وقال أفلح وأبيه إن صدق، هذا اثنين.
الوجه الثالث: أن هذا مما يجري على الألسنة بغير قصد، وقد قال الله تعالى: (( لا يؤآخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤآخذكم بما عقدتم الأيمان )) وهذا ما نوى، فلا يؤآخذ، هذه ثلاثة أوجه.
الرابع: أن هذا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام أبعد ما يكون عن الشرك بخلافنا نحن، فنحن منهيون عن هذا، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو منهي، لماذا؟ قولوا؟
الطالب : ...
الشيخ : لأنه لا يتصور في حقه الشرك، أبعد الناس عن هذا، هذه أربعة.
الوجه الخامس: أن هذا منسوخ، الحلف بغير الله منسوخ، وأن النهي هو الناقل عن الأصل فيكون هو المعتمد، كم هذه؟ خمسة أوجه، نشوف أيهن أصح.
الوجه الأول إنكار أن تكون ثابتة، وهذا لا يمكن، لأن الحديث صحيح، ولا يمكن إنكاره، وما دام يمكن أن تحمل الألفاظ المروية على وجه صحيح فإنه لا يجوز إنكارها.
الثاني أنه تصحيف، طيب الثاني أنه تصحيف، نقول هذا وإن أمكن على بعد في قوله: ( أفلح وأبيه إن صدق ) لكن لا يمكن في قول الرسول عليه الصلاة والسلام لمن سأله أي الصدقة أفضل، فقال: ( أما وأبيك لتنبأنه ) يمكن التصحيف هنا؟ ما يمكن، إذن سقط هذا، سقط اثنين.
الوجه الثالث أنه مما يجري على اللسان بغير قصد، وما كان جاريا على اللسان بغير قصد فإنه لا يؤاخذ به، وهذا أيضا ليس بصحيح، لأن النهي وارد مع أنهم كانوا يجري على ألسنتهم هذا، مثل ما جرى على لسان سعد، فنهاه النبي عليه الصلاة والسلام، يجري على ألسنتهم، وكوننا نقول لمن تكلم بكلمة شرك أننا لا ننهاه لأن هذا مما يجري على لسانه، نقول أيضا لمن فعل فعل شرك لا ننهاه لأن هذا من عادته، كذا؟ وهذا ليس بصحيح، فهو إذن باطل.
الرابع أن هذا صادر من الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أبعد الناس عن الشرك، فيجوز له أن يحلف بغير الله، لأنه لو حلف ما قصد تعظيم المحلوف به، وهذا أيضا باطل. كيف الرسول يقول الشرك لأنه ما يمكن يشرك؟ لكن يمكن على تسليم هذا أن يقوله لأنه لا يمكن يشرك، لكن يقتدى به، أو لا؟ يقتدى به، فإذا فعل الرسول شيئا اقتدت به الأمة، فيكون هذا باطلا، يمنعه التأسي به.
وش يبقى عندنا؟ الخامس وهو أنه منسوخ، وهذا هو الذي، هو أقرب الأقوال، أقرب الأقوال أنه منسوخ، لأن النهي ناقل عن الأصل، والظاهر أنه منسوخ، هذا هو الظاهر. ولو قال قائل مثلا: نحن نقلب عليكم الأمر ونقول إن المنسوخ هو النهي، نقول المنسوخ هو النهي لأنهم لما كانوا حديثي عهد بشرك نهوا أن يشركوا بالقسم كما نهي الناس حين كانوا حديثي عهد بشرك عن زيارة القبور، ثم أُذن لهم فيها، أيش تقولون؟
الطالب : ...
الشيخ : أي، نعم.
الطالب : ورد النهي فعرفنا أنه ...
الشيخ : أي، لكن إذا قال لا أنا ما أقول متأخر ..
بأنه شرك هذا باقٍ، ولا لأ؟ والشرك لا يجوز لا لمن كان حديث عهد بشرك ولا لمن كان بعيد عهد بشرك، لكن زيارة القبور بين النبي عليه الصلاة والسلام الحكمة من الإذن فيها، وهي أنها تذكر الآخرة.
فالمهم أنه لا شك عندي في أن المتأخر هو النهي، هو النهي عن الحلف بغير الله، وأن ما ذكر فإنه يجاب عنه بما سمعتم.
السائل : ... يعني ما يجوز كونهم حديثي عهد لأنه ما قال ... يسلمون كل يوم يعني فيرد قولهم هذا أنهم كانوا في أول الأمر حديثي عهد بإسلام ...؟
الشيخ : على كل حال العلماء عللوا ذاك القول بهذا، كونهم حديثي عهد، والمراد الجملة، أما الواحد والعشرة والمئة، الصحابة كانوا مئة وأربعة وعشرين ألف، فلا يدركوا بالواحد والإثنين. المهم على كل حال الآن فهمنا أن الأحاديث الواردة والحمد لله أمكن الجمع بينها وبين غيرها، أو التأليف على الأصح بأن يقال أن الصواب هو أنها منسوخة، هذا هو الصواب، وإن كان النووي رحمه الله ارتضى أن هذا مما يجري على اللسان بغير قصد، لكنه كما رأيتم ضعيف ما يمكن القول به.
الطالب : التاريخ؟ ما في تاريخ؟
الشيخ : ما في تاريخ، لا ما في تاريخ، نعم.
الطالب : ...
الشيخ : أي هذا اللي قاله الإخوان قبل قليل، ولهذا يقول، هاه؟
الطالب : يقول ما يعرف العطف
الشيخ : العطف أيش؟
السائل : ...
الشيخ : لا لا لا، ما يصلح ما يصلح هذا، هو لو قال وأباه قلنا يمكن العطف على لغة من؟ من يلزمون الألف مطلقا، أو على أنه مفعول معه، لكن وأبيه ما، لا لا لا، هاه؟
الطالب : ما نقول إنها شاذة اللفظة هذه؟
الشيخ : قلنا الحديث في مسلم أيضا، لما سأله أي الصدقة أفضل قال: ( أما وأبيك لتنبأنه ) في مسلم هذا صحيح، وبين أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت بخيل شحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر.
الطالب : يعني اللفظة ما تصير شاذة أو تصحيف؟
الشيخ : وأبيك، التصحيف في وأبيك ما يمكن، لكن القول بإنكار اللفظة هذا نعم، لكن متى نقول بإنكارها والرواة عدول؟ إذا لم نجد لها مخرجا، أما إذا وجدنا لها مخرجا فإننا لا نوهم الرواة.
الطالب : ... أنه جاء نهي ثم أمر، أما الحلف فجاء نهي فقط ...
الشيخ : أي أي لا بأس ، لكن فعل الشيء يدل على الجواز
الطالب : ...
الشيخ : أي فرخص في الأول، هم يقولون كان في الأول النهي ثم الترخيص، مثل زيارة القبور.
قوله: ( من حلف بغير الله )، من شرطية فتكون للعموم، وبغير الله عام أيضا، ( فقد كفر أو أشرك ) أو هذه للشك من الراوي، هل قال النبي عليه الصلاة والسلام فقد كفر أو قال فقد أشرك، والذي يناسب المقام أن يكون الصواب فقد أشرك. قوله: ( من حلف بغير الله ) يشمل كل مخلوق، سواء بالكعبة، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو بالمصاحف، أو بالشمس، أو بالقمر، أو بأي شيء بغير الله، وهل يشمل الحلف بصفة الله؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا ما يشمل، الحلف بصفات الله جائز لأن الصفة تابعة للموصوف، فتقول مثلا: وعزة الله وحكمة الله وقدرة الله هذا جائز، فالحلف بصفة من صفات الله من الحلف بالله. طيب، ( من حلف بغير الله ) هل المراد بغير هذا الاسم أو المراد المسمى؟ المراد المسمى، فإذا حلف بالله أو بالرحمن أو بالسميع أو بالبصير أو ما أشبه ذلك من أسماء الله تعالى فهو حلف بالله.
وقوله: ( فقد كفر أو أشرك ) قلنا: الظاهر أن صواب الحديث أو أشرك، لأن الحلف كما هو معروف عند أهل العلم تأكيد الشيء بذكر معظم بصيغة مخصوصة بالواو أو الباء أو التاء، أحرف القسم ثلاثة: الباء والواو والتاء، كذا؟ والباء هي أعمها، لأنها تدخل على الظاهر والمضمر، وعلى اسم الله وغيره، ويذكر معها فعل القسم ويحذف، أو لا؟ اللام هي أعمها، اللام هي أعمها من حيث أنها تدخل على الظاهر والمضمر.
الطالب : الباء.
الشيخ : أي أنا أقول الباء.
الطالب : ...
الشيخ : سبحان الله العظيم، الباء هي أعم حروف القسم، لأنها ثلاثة حروف القسم الباء والواو والتاء، والباء أعمها، لأنها تدخل على الظاهر والمضمر، هذه واحدة، وعلى لفظ الجلالة الله وغيره، ويذكر معها فعل القسم ويحذف، (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم )) أقسموا بالله ذكر فعل الحلف ولا لأ؟
طيب، وتقول: بالله لأفعلن بدون فعل القسم، وتقول الله تعالى عظيم جليل أحلف به لأفعلن، وتدخل على الضمير، وتقول بالله أحلف بالرحمن أحلف بالسميع أحلف وما أشبه ذلك، فتدخل على كل اسم من أسماء الله.
أما الواو فإنها لا يذكر معها فعل القسم ما تقول أحلف والله، ولا تدخل على الضمير.
وأما التاء فإنه لا يذكر معها فعل القسم وتختص بالله ورب كما قال ابن مالك : والتاء لله ورب، مع الله أكثر.
المهم أن الحلف تعريفه: تأكيد الشيء بذكر معظم بصيغة معروفة بالباء أو بالواو أو التاء، هذا القسم هذا الحلف.
هذا لا يجوز أن يحلف الإنسان بغير الله مهما كان ذلك الغير، أو بصفة من صفاته سبحانه وتعالى، فإن فعل فقد أشرك، لأنه جعل مرتبة المخلوق في مرتبة الخالق في التعظيم.
طيب، ثم نقول فقد أشرك أشركا أكبر؟ حسين؟ أشركا أكبر إذا حلف بغير الله يشرك شركا أكبر أو أصغر؟ أكبر؟
الطالب : أكبر.
الشيخ : توافقون؟
الطالب : إن اعتقد أنه مساو لله في التعظيم.
الشيخ : في التعظيم؟
الطالب : في التعظيم فهو شرك أكبر.
الشيخ : نعم
الطالب : وإن لم يعتقد ذلك.
الشيخ : فهو أصغر، إذن لا بد من التفصيل، إن اعتقد أن المحلوف به مساو لله عز وجل في التعظيم وفي العظمة، فإنه مشرك شركا أكبر، وإلا فهو شرك أصغر.
طيب، قوله: ( فقد كفر أو أشرك ) معلوم أن الشرك محرم ولو كان أصغر، وهل يغفره الله؟
اختلف في هذا أهل العلم، فقال بعض العلماء: إن قوله تعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) يعني الشرك الأكبر (( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) الشرك الأصغر والكبائر والصغائر أيضا.
وقال شيخ الإسلام: " إن الشرك لا يغفر ولو كان أصغر "، لأن قوله: (( أن يشرك به )) مصدر مؤول فهو نكرة في سياق النفي، إذ أن التقدير لا يغفر شركا به، أو إشراكا به، وهذا نكرة في سياق النفي، فيكون عاما. فإذن الشرك ولو كان أصغر فإنه لا يغفر إلا بتوبة.
طيب، فإذا قال قائل: هذا يفيد أن الحلف بغير الله شرك وأنه يجب الحذر منه، فما جوابكم عن قوله تعالى: (( والشمس وضحاها )) (( لا أقسم بهذا البلد )) (( والليل إذا يغشى )) وما أشبه ذلك من المخلوقات التي أقسم الله بها ؟
فالجواب: أن هذا القسم من الله عز وجل، ولله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، وهو حاكم لا محكوم عليه، وسائل لا مسؤول (( لا يسئل عما يفعل وهم يسألون )) وما علينا إلا أن نستسلم ولا نعترض، هذا السجود لغيره كفر وفي مرة من المرات صار ترك السجود لغيره كفرا ولا لأ؟ لأن الأمر كله لله عز وجل (( وإليه يرجع الأمر كله )) هذا جواب.
جواب آخر: أن الإقسام بهذه المخلوقات هو في الحقيقة تعظيم لله عز وجل، يعظم به نفسه ويمدح به نفسه، لأن هذه الآيات التي أقسم بها الآيات الكونية كلها آيات تدل على عظمته، فكأنه أثنى بالقسم على نفسه بما تتضمنه هذه الآيات من الدلالة على عظمته وقدرته، فكأنه ثناء على نفسه بهذا بطريق القسم بها الدال على تعظيمها. أما نحن لو قال قائل: إذن لماذا لا نفعل نحن هكذا؟ قلنا: لأننا نهينا عنه، فصار القسم بهذه الآيات العظيمة صار القسم لا يرد علينا، وش الجواب؟
الجواب من وجهين، الأول: أن هذا من فعل الله والله تعالى لا يسأل عما يفعل، وله أن يقسم سبحانه وتعالى بما شاء من خلقه، وهو سائل غير مسؤول وحاكم غير محكوم عليه، تمام؟ ثانيا: أن نقول إن ما أقسم الله به من هذه الآيات كلها دال على عظمته وعلى تمام قدرته وحكمته فيكون في القسم بها الدال على تعظيمها ورفع شأنها يكون فيه ثناء على الله عز وجل بما تتضمنه من أيش؟ من الدلالة على عظمته.
فإذا قال قائل: هذا المعنى الأخير لماذا لا نفعله نحن ونثني على الله تعالى بالإقسام بها؟ قلنا: لأننا نهينا عنه، فعلينا أن نقول سمعنا وأطعنا.
طيب، فإن قال قائل: هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) وقال: ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) وقال: ( لا تحلفوا بآبائكم )، فما هو الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم: ( أفلح وأبيه إن صدق ) وهذا ثابت في صحيح مسلم، ( أفلح وأبيه إن صدق ) أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي هذا الرجل، فما هو الجواب؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، يقول وأبوه، أبوه كافر ما ندري مفلح ولا ما هو مفلح.
الجواب على هذا من عدة أوجه، لنستعرضها لننظر ماذا يصح منها وما لا يصح.
قال أنكر بعضهم هذه اللفظة، وقال: إنها لا تثبت في الحديث، لماذا ؟ لأنها مخالفة مناقضة للتوحيد، كيف النبي صلى الله عليه وسلم يفعل شيئا مناقضا للتوحيد؟! فإذن يكون مدلول هذه الكلمة في الحديث مناقضا لما علم بالضرورة من دين الإسلام وهو خالص التوحيد، وما كان مناقضا لذلك فهو عند أهل العلم
الطالب : شاذ
الشيخ : شاذ أو باطل، باطل موضوع/ فلهذا أنكرها، هذه واحد.
وقال بعضهم: إن ( وأبيه ) تصحيف من الرواة، وإن أصلها أفلح والله إن صدق، لكن كانوا في الزمن السابق ما يشكلون الكلمات، أبيه إذا حذفت منها النقاط السفلى تشبه الله ولا لأ؟ تشبه الله، نعم بس إنها تعرف شوي النبرات، فقالوا إنها تصحيف، وأصلها أفلح والله إن صدق، لكن الراوي صحف وقال أفلح وأبيه إن صدق، هذا اثنين.
الوجه الثالث: أن هذا مما يجري على الألسنة بغير قصد، وقد قال الله تعالى: (( لا يؤآخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤآخذكم بما عقدتم الأيمان )) وهذا ما نوى، فلا يؤآخذ، هذه ثلاثة أوجه.
الرابع: أن هذا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام أبعد ما يكون عن الشرك بخلافنا نحن، فنحن منهيون عن هذا، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو منهي، لماذا؟ قولوا؟
الطالب : ...
الشيخ : لأنه لا يتصور في حقه الشرك، أبعد الناس عن هذا، هذه أربعة.
الوجه الخامس: أن هذا منسوخ، الحلف بغير الله منسوخ، وأن النهي هو الناقل عن الأصل فيكون هو المعتمد، كم هذه؟ خمسة أوجه، نشوف أيهن أصح.
الوجه الأول إنكار أن تكون ثابتة، وهذا لا يمكن، لأن الحديث صحيح، ولا يمكن إنكاره، وما دام يمكن أن تحمل الألفاظ المروية على وجه صحيح فإنه لا يجوز إنكارها.
الثاني أنه تصحيف، طيب الثاني أنه تصحيف، نقول هذا وإن أمكن على بعد في قوله: ( أفلح وأبيه إن صدق ) لكن لا يمكن في قول الرسول عليه الصلاة والسلام لمن سأله أي الصدقة أفضل، فقال: ( أما وأبيك لتنبأنه ) يمكن التصحيف هنا؟ ما يمكن، إذن سقط هذا، سقط اثنين.
الوجه الثالث أنه مما يجري على اللسان بغير قصد، وما كان جاريا على اللسان بغير قصد فإنه لا يؤاخذ به، وهذا أيضا ليس بصحيح، لأن النهي وارد مع أنهم كانوا يجري على ألسنتهم هذا، مثل ما جرى على لسان سعد، فنهاه النبي عليه الصلاة والسلام، يجري على ألسنتهم، وكوننا نقول لمن تكلم بكلمة شرك أننا لا ننهاه لأن هذا مما يجري على لسانه، نقول أيضا لمن فعل فعل شرك لا ننهاه لأن هذا من عادته، كذا؟ وهذا ليس بصحيح، فهو إذن باطل.
الرابع أن هذا صادر من الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أبعد الناس عن الشرك، فيجوز له أن يحلف بغير الله، لأنه لو حلف ما قصد تعظيم المحلوف به، وهذا أيضا باطل. كيف الرسول يقول الشرك لأنه ما يمكن يشرك؟ لكن يمكن على تسليم هذا أن يقوله لأنه لا يمكن يشرك، لكن يقتدى به، أو لا؟ يقتدى به، فإذا فعل الرسول شيئا اقتدت به الأمة، فيكون هذا باطلا، يمنعه التأسي به.
وش يبقى عندنا؟ الخامس وهو أنه منسوخ، وهذا هو الذي، هو أقرب الأقوال، أقرب الأقوال أنه منسوخ، لأن النهي ناقل عن الأصل، والظاهر أنه منسوخ، هذا هو الظاهر. ولو قال قائل مثلا: نحن نقلب عليكم الأمر ونقول إن المنسوخ هو النهي، نقول المنسوخ هو النهي لأنهم لما كانوا حديثي عهد بشرك نهوا أن يشركوا بالقسم كما نهي الناس حين كانوا حديثي عهد بشرك عن زيارة القبور، ثم أُذن لهم فيها، أيش تقولون؟
الطالب : ...
الشيخ : أي، نعم.
الطالب : ورد النهي فعرفنا أنه ...
الشيخ : أي، لكن إذا قال لا أنا ما أقول متأخر ..
بأنه شرك هذا باقٍ، ولا لأ؟ والشرك لا يجوز لا لمن كان حديث عهد بشرك ولا لمن كان بعيد عهد بشرك، لكن زيارة القبور بين النبي عليه الصلاة والسلام الحكمة من الإذن فيها، وهي أنها تذكر الآخرة.
فالمهم أنه لا شك عندي في أن المتأخر هو النهي، هو النهي عن الحلف بغير الله، وأن ما ذكر فإنه يجاب عنه بما سمعتم.
السائل : ... يعني ما يجوز كونهم حديثي عهد لأنه ما قال ... يسلمون كل يوم يعني فيرد قولهم هذا أنهم كانوا في أول الأمر حديثي عهد بإسلام ...؟
الشيخ : على كل حال العلماء عللوا ذاك القول بهذا، كونهم حديثي عهد، والمراد الجملة، أما الواحد والعشرة والمئة، الصحابة كانوا مئة وأربعة وعشرين ألف، فلا يدركوا بالواحد والإثنين. المهم على كل حال الآن فهمنا أن الأحاديث الواردة والحمد لله أمكن الجمع بينها وبين غيرها، أو التأليف على الأصح بأن يقال أن الصواب هو أنها منسوخة، هذا هو الصواب، وإن كان النووي رحمه الله ارتضى أن هذا مما يجري على اللسان بغير قصد، لكنه كما رأيتم ضعيف ما يمكن القول به.
الطالب : التاريخ؟ ما في تاريخ؟
الشيخ : ما في تاريخ، لا ما في تاريخ، نعم.
الطالب : ...
الشيخ : أي هذا اللي قاله الإخوان قبل قليل، ولهذا يقول، هاه؟
الطالب : يقول ما يعرف العطف
الشيخ : العطف أيش؟
السائل : ...
الشيخ : لا لا لا، ما يصلح ما يصلح هذا، هو لو قال وأباه قلنا يمكن العطف على لغة من؟ من يلزمون الألف مطلقا، أو على أنه مفعول معه، لكن وأبيه ما، لا لا لا، هاه؟
الطالب : ما نقول إنها شاذة اللفظة هذه؟
الشيخ : قلنا الحديث في مسلم أيضا، لما سأله أي الصدقة أفضل قال: ( أما وأبيك لتنبأنه ) في مسلم هذا صحيح، وبين أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت بخيل شحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر.
الطالب : يعني اللفظة ما تصير شاذة أو تصحيف؟
الشيخ : وأبيك، التصحيف في وأبيك ما يمكن، لكن القول بإنكار اللفظة هذا نعم، لكن متى نقول بإنكارها والرواة عدول؟ إذا لم نجد لها مخرجا، أما إذا وجدنا لها مخرجا فإننا لا نوهم الرواة.
الطالب : ... أنه جاء نهي ثم أمر، أما الحلف فجاء نهي فقط ...
الشيخ : أي أي لا بأس ، لكن فعل الشيء يدل على الجواز
الطالب : ...
الشيخ : أي فرخص في الأول، هم يقولون كان في الأول النهي ثم الترخيص، مثل زيارة القبور.