شرح قول المصنف : ولابن ماجه : عن الطفيل - أخي عائشة لأمها - قال : ( رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود ، قلت : إنكم لأنتم القوم ، لولا أنكم تقولون : عزيز بن الله . قالوا : وإنكم لأنتم القوم ، لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وشاء محمد : ثم مررت بنفر من النصارى فقلت : إنكم لأنتم القوم ، لولا أنكم تقولون : المسيح ابن الله . قالوا : وإنكم لأنتم القوم ، لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وشاء محمد . فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت . ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، قال : هل أخبرت بها أحداً ؟ قلت نعم . قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فإن طفيلاً رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم ، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها ، فلا تقولوا ، ما شاء الله وشاء محمد ، ولكن قولوا : ما شاء الله وحده ) . حفظ
الشيخ : قال : " ولابن ماجه عن الطفيل أخي عائشة لأمها قال: ( رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود ) " رأيت يعني رؤيا منام، ( كأني أتيت ) هذه كأني الكاف للتشبيه، وأن حرف توكيد ولا هي كأن؟ هي كأن، واسمها الياء، وجملة أتيت خبرها، وقوله: ( على نفر ) النفر من ثلاثة إلى تسعة، ( من اليهود ) أتباع موسى.
( فقلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون عزير ابن الله )، لأنتم القوم يعني هذه كلمة مدح، مثل ما تقول: هؤلاء هم الرجال، هؤلاء هم القوم، هذه كلمة ثناء، ( لولا أنكم تقولون عزير ابن الله ). طيب هذه لولا أنكم تقولون عزير بن الله، هذه كفر ولا لأ؟ نعم، ادعاء أن لله ولدا كفر، وعزير تقدم أنه رجل صالح ادّعى اليهود أنه ابن الله، وهذا من كذبهم وافترائهم، قد يقول قائل: هل اليهود ليس لهم مثلبة إلا هذه؟
الطالب : ...
الشيخ : لهم مثالب كثيرة، لكن لماذا خص هذه؟
الطالب : أعظمها.
الشيخ : هذه من أعظمها، ولعلها أيضا مشهورة عندهم وكثيرة فيما بينهم.
( قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد )، انتقدوا عليه بأنا نقول: ما شاء الله وشاء محمد، وهذا شرك أصغر، لأن الصحابة الذين يقولون ذلك لا شك أنهم لا يعتقدون أن مشيئة الرسول صلى الله عليه وسلم مساوية لمشيئة الله، طيب، إذن انتقدوا هذه الجملة، والذي انتقدوا إثبات المشيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ولا تسويتها بمشيئة الله؟ تسويتها، أما مشيئة الرسول عليه الصلاة والسلام فله مشيئة، كل أحد له مشيئة وله إرادة.
( ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله ) المسيح من؟ عيسى ابن مريم، وسمي مسيحا بمعنى ماسح فهو فعيل بمعنى فاعل، لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، يبرئ الأكمه والأبرص، إذا مسحهما برئا بإذن الله فسمي المسيح، وهم يقولون إن المسيح ابن الله لأن الشيطان لعب بهم، قال كيف يأتي واحد بدون أب، إذن فهو ابن الله، ابن لله والعياذ بالله، لا سيما إذا كان في الإنجيل كما في القرآن (( ونفخنا فيه من روحنا ))، (( ونفخنا فيها من روحنا )) (( فنفخنا فيها من روحنا )) فهم يقولون هذا جزء من الله عز وجل، من روحنا إضافة، إلى من؟ إلى الله، روحنا، نا، قالوا: إذن فهو جزء من الله، والجزء هو الابن، أنا أقول الآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في فاطمة: ( إنها بضعة مني ) أي جزء، وكما قال الله تعالى: (( وجعلوا له من عباده جزءا )) قالوا: إذن يكون هو بعض الله وجزء من الله والعياذ بالله، لأن الله قال: (( روحنا )) نفخت فيه من روحي، فيها من روحي؟
الطالب : في آدم.
الشيخ : في آدم، فيها هي من روحنا، ولكننا هذا الاشتباه من هذه الإضافة من الشيطان، والجواب عليها سهل جدا، فإن الله تعالى إذا أضاف شيئا إلى نفسه، حطوا بالكم، إذا أضاف شيئا إلى نفسه فإما أن يكون ذاتا منفصلة بائنة عن الله، وإما أن يكون صفة لا يتصف بها أحد، فإن كان المضاف صفة فإنه من صفاته، وليس بمخلوق، مثل كلام الله، وسمع الله، وقدرة الله، وعزة الله، وما أشبهها. وأما إذا كان المضاف إلى الله ذاتا بائنة أو صفة في تلك الذات، فإنه ليس من صفات الله، بل هو مخلوق بائن من الله عز وجل، بائن عنه وليس منه، مثل: ناقة الله، وبيت الله، ومساجد الله، وما أشبهها، نعم؟
الطالب : وعباد الله.
الشيخ : وعباد الله، كثير، هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : وكذلك أيضا لو كان صفة في ذات منفصلة، فإنه لا يكون من صفات الله عز وجل، بل هو من صفات تلك الذات. الروح قال بعض الناس إنها صفة في الجسد، ولكن هذا القول خلاف الراجح عند أهل السنة والجماعة، وأن الروح ذات، لكنها ذات لطيفة، وتدخل في الجسم وتحل فيه كما يحل الماء في الطين اليابس، تدخل فيه دخولا، ولهذا عند الموت يقبضها الملك وتكفن ويصعد بها إلى الله ويراها الإنسان عند موته، فالصحيح أنها ذات، وإن كان بعض الناس يقول إنها صفة ولكنه ليس كذلك، الحياة صحيح صفة الإنسان حيا أو ميتا هذه صفة، لكن الروح لا، الروح ذات، هذا القول الراجح عند أهل العلم.
طيب، إذن نقول لهؤلاء الجماعة إن الله أضاف روح عيسى إليه كما أضاف الناقة والبيت وما أشبه ذلك على سبيل أيش؟ التشريف والتعظيم، ولا شك أن المضاف إلى الله يكتسب شرفا حتى إن بعض الشعراء يقول في معشوقته، يقول:
" لا تدعني إلا بيا عبدها *** فإنه أشرف أسمائي "
لا تقل يا محمد يا علي يا بكر يا خالد، لا، قل يا عبد ليلى مثلا، إذا كان هو مجنون ليلى، قل يا عبد ليلى، قل يا عبد فلانة، هذا أشرف أسمائي، مسكين لأنه إذا جاء اسمها يتلذذ لهذا الاسم، اللهم عافنا.
يقول: ( قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت )، قوله: أخبرت من أخبرت، كيف الكلام: هذا أخبرت من أخبرت؟ أليس هذا كقول القائل:
" كأننا والماء من حولنا *** قوم جلوس حلوهم ماء "
أو أننا وقفنا والسماء فوقنا والأرض تحتنا، أخبرت من أخبرت، معلوم أنه ما هو مخبر إلا من أخبر، ماذا تقولون؟
الطالب : ...
الشيخ : يعني؟
الطالب : يعني أخبرت أناسا.
أخبرت أناسا، وهذا هو أحسن شيء أن نقول إن المقصود بهذا الإبهام، أخبرت من أخبرت، الإبهام، وهذا كقوله تعالى (( فغشيهم من اليم ما غشيهم )) غشيهم ما غشيهم! قد تقول هذا تحصيل حاصل، معلوم أنه ما غشيهم إلا اللي غشيهم، فنقول: هذا من باب الإبهام، لكنه يختلف أحيانا يكون الإبهام للتعظيم وأحيانا يكون للتقليل وأحيانا يكون للتحقير حسب السياق، فغشيهم من اليم ما غشيهم، أي: غشيهم شيء عظيم من اليم.
( أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: هل أخبرت بها أحدا؟ قلت: نعم ) سأل النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال لأنه لو قال لم أخبر أحدا فالمتوقع أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيقول له لا تخبر أحدا، هذا هو الظاهر، أن الرسول سأله لأنه لو قال لم أخبر سيقول لا تخبر أحدا، ثم يبين له الحكم عليه الصلاة والسلام، لكن لما قال إنه أخبر صار لا بد من بيانها للناس عموما، لأن الشيء إذا انتشر يجب أن يعلن عنه، بخلاف إذا كان خاصا فهذا يخبر من وصله الخبر.
ثم قال: ( قلت: نعم، قال: فحمد الله وأثنى عليه ) والظاهر والله أعلم من القصة أنه أخبر النبي عليه الصلاة والسلام وعنده أحد ولا لأ؟ عنده أحد.
( فحمد الله وأثنى عليه )، الحمد ما هو؟ وصف المحمود بالكمال، والثناء تكرار ذلك الوصف، حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ( أما بعد فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم ) أما بعد تقدم لنا أنها بمعنى مهما يكن من شيء بعدُ، أي بعد ما ذكرت فكذا وكذا.
( فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها ) كأن الرسول عليه الصلاة والسلام مطلع على ذلك، ( قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها )، فما هو الذي يمنعه من ذلك؟ يمنعه الحياء، كما في رواية أخرى، ولكن ليس الحياء من إنكار الباطل، الحياء من أن ينهى عنها دون أن يؤمر بذلك، يعني يستحي من الله تعالى أن يأمر بشيء لم يأمر الله بإنكاره، هذا الذي يجب أن تحمل عليه اللفظة إن كانت محفوظة، أن الحياء الذي يمنعه ليس الحياء من الإنكار، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يستحي من الحق، ولكن الحياء من أن ينكر شيئا قد درج على الألسنة وألفه الناس قبل أن يؤمر بالإنكار، مثل ما الخمر بقي الناس سنين وهم يشربونها حتى حرمت في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما لم يؤمر بالنهي عنها سكت، فلما حصل التنبؤ بإنكار هؤلاء اليهود والنصارى رأى أنه لا بد من أن ينكرها، لأنها الآن دخل فيها اللوم على المسلمين وإنكارها.
يقول: ( فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله وحده ) نهاهم عن المحذور، وبين لهم المباح والجائز، ( لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله وحده ).
( فقلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون عزير ابن الله )، لأنتم القوم يعني هذه كلمة مدح، مثل ما تقول: هؤلاء هم الرجال، هؤلاء هم القوم، هذه كلمة ثناء، ( لولا أنكم تقولون عزير ابن الله ). طيب هذه لولا أنكم تقولون عزير بن الله، هذه كفر ولا لأ؟ نعم، ادعاء أن لله ولدا كفر، وعزير تقدم أنه رجل صالح ادّعى اليهود أنه ابن الله، وهذا من كذبهم وافترائهم، قد يقول قائل: هل اليهود ليس لهم مثلبة إلا هذه؟
الطالب : ...
الشيخ : لهم مثالب كثيرة، لكن لماذا خص هذه؟
الطالب : أعظمها.
الشيخ : هذه من أعظمها، ولعلها أيضا مشهورة عندهم وكثيرة فيما بينهم.
( قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد )، انتقدوا عليه بأنا نقول: ما شاء الله وشاء محمد، وهذا شرك أصغر، لأن الصحابة الذين يقولون ذلك لا شك أنهم لا يعتقدون أن مشيئة الرسول صلى الله عليه وسلم مساوية لمشيئة الله، طيب، إذن انتقدوا هذه الجملة، والذي انتقدوا إثبات المشيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ولا تسويتها بمشيئة الله؟ تسويتها، أما مشيئة الرسول عليه الصلاة والسلام فله مشيئة، كل أحد له مشيئة وله إرادة.
( ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله ) المسيح من؟ عيسى ابن مريم، وسمي مسيحا بمعنى ماسح فهو فعيل بمعنى فاعل، لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، يبرئ الأكمه والأبرص، إذا مسحهما برئا بإذن الله فسمي المسيح، وهم يقولون إن المسيح ابن الله لأن الشيطان لعب بهم، قال كيف يأتي واحد بدون أب، إذن فهو ابن الله، ابن لله والعياذ بالله، لا سيما إذا كان في الإنجيل كما في القرآن (( ونفخنا فيه من روحنا ))، (( ونفخنا فيها من روحنا )) (( فنفخنا فيها من روحنا )) فهم يقولون هذا جزء من الله عز وجل، من روحنا إضافة، إلى من؟ إلى الله، روحنا، نا، قالوا: إذن فهو جزء من الله، والجزء هو الابن، أنا أقول الآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في فاطمة: ( إنها بضعة مني ) أي جزء، وكما قال الله تعالى: (( وجعلوا له من عباده جزءا )) قالوا: إذن يكون هو بعض الله وجزء من الله والعياذ بالله، لأن الله قال: (( روحنا )) نفخت فيه من روحي، فيها من روحي؟
الطالب : في آدم.
الشيخ : في آدم، فيها هي من روحنا، ولكننا هذا الاشتباه من هذه الإضافة من الشيطان، والجواب عليها سهل جدا، فإن الله تعالى إذا أضاف شيئا إلى نفسه، حطوا بالكم، إذا أضاف شيئا إلى نفسه فإما أن يكون ذاتا منفصلة بائنة عن الله، وإما أن يكون صفة لا يتصف بها أحد، فإن كان المضاف صفة فإنه من صفاته، وليس بمخلوق، مثل كلام الله، وسمع الله، وقدرة الله، وعزة الله، وما أشبهها. وأما إذا كان المضاف إلى الله ذاتا بائنة أو صفة في تلك الذات، فإنه ليس من صفات الله، بل هو مخلوق بائن من الله عز وجل، بائن عنه وليس منه، مثل: ناقة الله، وبيت الله، ومساجد الله، وما أشبهها، نعم؟
الطالب : وعباد الله.
الشيخ : وعباد الله، كثير، هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : وكذلك أيضا لو كان صفة في ذات منفصلة، فإنه لا يكون من صفات الله عز وجل، بل هو من صفات تلك الذات. الروح قال بعض الناس إنها صفة في الجسد، ولكن هذا القول خلاف الراجح عند أهل السنة والجماعة، وأن الروح ذات، لكنها ذات لطيفة، وتدخل في الجسم وتحل فيه كما يحل الماء في الطين اليابس، تدخل فيه دخولا، ولهذا عند الموت يقبضها الملك وتكفن ويصعد بها إلى الله ويراها الإنسان عند موته، فالصحيح أنها ذات، وإن كان بعض الناس يقول إنها صفة ولكنه ليس كذلك، الحياة صحيح صفة الإنسان حيا أو ميتا هذه صفة، لكن الروح لا، الروح ذات، هذا القول الراجح عند أهل العلم.
طيب، إذن نقول لهؤلاء الجماعة إن الله أضاف روح عيسى إليه كما أضاف الناقة والبيت وما أشبه ذلك على سبيل أيش؟ التشريف والتعظيم، ولا شك أن المضاف إلى الله يكتسب شرفا حتى إن بعض الشعراء يقول في معشوقته، يقول:
" لا تدعني إلا بيا عبدها *** فإنه أشرف أسمائي "
لا تقل يا محمد يا علي يا بكر يا خالد، لا، قل يا عبد ليلى مثلا، إذا كان هو مجنون ليلى، قل يا عبد ليلى، قل يا عبد فلانة، هذا أشرف أسمائي، مسكين لأنه إذا جاء اسمها يتلذذ لهذا الاسم، اللهم عافنا.
يقول: ( قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت )، قوله: أخبرت من أخبرت، كيف الكلام: هذا أخبرت من أخبرت؟ أليس هذا كقول القائل:
" كأننا والماء من حولنا *** قوم جلوس حلوهم ماء "
أو أننا وقفنا والسماء فوقنا والأرض تحتنا، أخبرت من أخبرت، معلوم أنه ما هو مخبر إلا من أخبر، ماذا تقولون؟
الطالب : ...
الشيخ : يعني؟
الطالب : يعني أخبرت أناسا.
أخبرت أناسا، وهذا هو أحسن شيء أن نقول إن المقصود بهذا الإبهام، أخبرت من أخبرت، الإبهام، وهذا كقوله تعالى (( فغشيهم من اليم ما غشيهم )) غشيهم ما غشيهم! قد تقول هذا تحصيل حاصل، معلوم أنه ما غشيهم إلا اللي غشيهم، فنقول: هذا من باب الإبهام، لكنه يختلف أحيانا يكون الإبهام للتعظيم وأحيانا يكون للتقليل وأحيانا يكون للتحقير حسب السياق، فغشيهم من اليم ما غشيهم، أي: غشيهم شيء عظيم من اليم.
( أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: هل أخبرت بها أحدا؟ قلت: نعم ) سأل النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال لأنه لو قال لم أخبر أحدا فالمتوقع أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيقول له لا تخبر أحدا، هذا هو الظاهر، أن الرسول سأله لأنه لو قال لم أخبر سيقول لا تخبر أحدا، ثم يبين له الحكم عليه الصلاة والسلام، لكن لما قال إنه أخبر صار لا بد من بيانها للناس عموما، لأن الشيء إذا انتشر يجب أن يعلن عنه، بخلاف إذا كان خاصا فهذا يخبر من وصله الخبر.
ثم قال: ( قلت: نعم، قال: فحمد الله وأثنى عليه ) والظاهر والله أعلم من القصة أنه أخبر النبي عليه الصلاة والسلام وعنده أحد ولا لأ؟ عنده أحد.
( فحمد الله وأثنى عليه )، الحمد ما هو؟ وصف المحمود بالكمال، والثناء تكرار ذلك الوصف، حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ( أما بعد فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم ) أما بعد تقدم لنا أنها بمعنى مهما يكن من شيء بعدُ، أي بعد ما ذكرت فكذا وكذا.
( فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها ) كأن الرسول عليه الصلاة والسلام مطلع على ذلك، ( قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها )، فما هو الذي يمنعه من ذلك؟ يمنعه الحياء، كما في رواية أخرى، ولكن ليس الحياء من إنكار الباطل، الحياء من أن ينهى عنها دون أن يؤمر بذلك، يعني يستحي من الله تعالى أن يأمر بشيء لم يأمر الله بإنكاره، هذا الذي يجب أن تحمل عليه اللفظة إن كانت محفوظة، أن الحياء الذي يمنعه ليس الحياء من الإنكار، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يستحي من الحق، ولكن الحياء من أن ينكر شيئا قد درج على الألسنة وألفه الناس قبل أن يؤمر بالإنكار، مثل ما الخمر بقي الناس سنين وهم يشربونها حتى حرمت في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما لم يؤمر بالنهي عنها سكت، فلما حصل التنبؤ بإنكار هؤلاء اليهود والنصارى رأى أنه لا بد من أن ينكرها، لأنها الآن دخل فيها اللوم على المسلمين وإنكارها.
يقول: ( فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله وحده ) نهاهم عن المحذور، وبين لهم المباح والجائز، ( لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله وحده ).