شرح قول المصنف : باب لا يقال السلام على الله حفظ
الشيخ : " باب لا يقال السلام على الله " " لا يقال السلام على الله " السلام له عدة معاني منها : التحية كما يقال سلم على فلان يعني حياه ، ومنها السلام بمعنى السلامة من النقص والآفات ، ومنها السلام من أسماء الله السلام من أسماء الله، قال الله تعالى (( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم )) إلى آخره (( هو الله الملك القدوس السلام )) السلام فسمى الله نفسه بالسلام ، السلام بمعنى السلامة من النقص والآفات مثل قولنا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله فإنا ندعوا له بماذا ؟ بالسلامة ، السلام بمعنى التحية أن نقول سلم لي على فلان وما أشبه ذلك ، ولكنها تحية مقيدة بماذا ؟ بالسلام بأن تقول السلام عليك ، السلام لا يقال على الله عز وجل بمعنى أنك لا تقول السلام عليك يا رب أو السلام على الله من عباده لماذا ؟ لأنك إذا قلت السلام عليك يا ربي أوهمت نقصا إذ لا يدعى بالسلام لشيء إلا لمن كان قابلا أن يتصف به أو لا ؟ فإذا قلت السلام عليك يا رب فهذا يتضمن أن يكون الله تعالى قابل للنقص ، ولهذا دعوت أن يسلم منه ، فلهذا لا يقال السلام على الله من عباده حرام أن تقول ذلك ، مناسبته لتوحيد الصفات ظاهرة جدا لأن صفات الله عز وجل كلها عليا كاملة مثل ما أن أسماءه حسنى ، والدليل على أن صفات الله عليا قوله تعالى (( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء )) أيش بعده ؟ (( ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم )) وفي آية أخرى (( ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض )) المثل الأعلى معناه الوصف الأكمل الوصف الأكمل ، فإذا قلنا السلام على الله فمعنى ذلك أن هذا الوصف قد يلحقه النقص فينافي كمال الصفات ، فمناسبة هذا الباب لتوحيد الأسماء والصفات ظاهرة جدا وهو أنه ... يمكن أن يلحقه النقص فلهذا دعونا له بالسلام ، لما أثبت أن لله تعالى الأسماء الحسنى أعقبه بأن هذه الأسماء الحسنى وهذه الصفات سالمة من كل نقص وعيب ، والكمال لا يصح إلا بانتفاء العيب وثبوت الكمال لا يثبت الكمال إلا بانتفاء ما يضاده ، فمجرد الإثبات لا يدل على الكمال المطلق والنفي تعطيل محض لو قلت زيد فاضل أثبت له الفضل لكن هل أثبت له أنه لا يلحقه نقص في هذه الصفة ؟ لا ، جائز أن يكون له نقص ، فإذا قلت زيد فاضل ولم ي... شيئا من طريق السفول مثلا ، فالآن أثبت له الفضل المطلق في هذه الصفة ، الرب سبحانه وتعالى يتصف بصفات الكمال ولكنه إذا ذُكر نفي ما يضاد تلك الصفات صار ذلك أكمل ، صار هذا أكمل ، فلهذا أعقب المؤلف رحمه الله أعقب الباب الأول بهذا الباب إشارة إلى أن الأسماء الحسنى والصفات العلى لا يلحقها نقص لماذا ؟ لأن الله هو السلام لأن الله هو السلام، وسبق لنا أن السلام أنه اسم ثبوتي سلبي ثبوتي من وجه وهو أنه سبحانه وتعالى سلام سلبي من وجه وهو أنه يراد به نفي كل نقص أو عيب يتخيله الذهن أو يتصوره العقل يلحق لله عز وجل ، كل شيء يمكن من النقص أو العيب فإن كلمة السلام تنفي ذلك ، فهو إذن اسم ثبوتي من وجه وهو ثبوت هذا الاسم له والصفة التي تضمنها وهي السلامة وهو سلبي من وجه آخر من جهة أيش ؟ أنه يدل على انتفاء كل صفة نقص عن الله يدل على انتفاء كل صفة نقص، فما معنى السلام إذن ؟ السلام هو السالم من كل نقص وعيب ، بحيث لا يعتريه نقص لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أحكامه ، لا يعتريه أي نقص ، ولهذا لا يقال السلام على الله لأنك لو قلت السلام على الله لأوهم ذلك القول أن الله تعالى قد يعتريه النقص ، لأنه لا يُطلب الخلو من شيء إلا إذا كان ذلك الشيء ممكنا ، إذ لو كان ممتنعا لكان امتناعه معلوما بدون دعاء ، أليس كذلك ؟ وأيضا فإن الله تعالى لا يدعى له وإنما يُدعى ، فإذا قلت السلام على الله دعوت الله أن يسلم نفسه وهذا لا يليق ، فإن الله تعالى يدعى ولا يدعى له وإنما يثنى عليه بصفات الكمال الثابتة له ، عرفتم الآن ؟ فصار ينهى عن قول السلام على الله لعلتين : العلة الأولى أن مثل هذا الدعاء يوهم أنه يمكن النقص في حقه فتسأل الله أن يسلم نفسه من ذلك ، لماذا يوهم ؟ لأنه لا يدعى بالسلامة من شيء إلا في محل يمكن أن يكون قابلا لها قابلا لضدها وهو النقص ، أما محل لا يمكن أن يقبل بضدها فلا حاجة لأن تدعو بالسلامة منه ، واضح ؟ أما العلة الثانية فإنك إذا دعوت الله بأن يسلم نفسه فقد قلبت الحقيقة لأن الله عز وجل يدعى ولا يدعى له ، فهو بغنى عنا لكنه يثنى عليه بصفات الكمال يثنى عليه فيقال غفور رحيم سميع عليم قدير وما أشبه ذلك وهذا ثناء عليه وليس دعاء له.