شرح قول المصنف : باب ما جاء في كثرة الحلف وقول الله تعالى : (( واحفظوا أيمانكم )) حفظ
الشيخ : " باب ما جاء في كثرة الحلف " سبق لنا أن الحلف بغير الله عز وجل شرك وأنه قد يكون شركاً أكبر وقد يكون أصغر بحسب ما قام بقلب الحالف من تعظيم المحلوف به فإن عظمه تعظيما لا يليق إلا بالله فهو شرك أكبر وإن كان دون ذلك فهو شرك أصغر ، لو حلف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم معتقدا أنه يستحق من التعظيم كما يستحق الله عز وجل كان ها شركاً أكبر وكذلك لو حلف بالكعبة أو نحو هذا أما إذا كان يعتقد أنه لا يستحق من التعظيم كما يستحق الله فهو شرك أصغر ومراد المؤلف في هذا الباب ليس ما ذكرنا الآن أنه الحلف بغير الله مراده الحلف بالله عز وجل ووجه مناسبته لكتاب التوحيد أن كثرة الحلف يدل على أنه ليس في قلب الحالف من تعظيم الله عز وجل ما يقتضي هيبته أو هيبة الحلف به سبحانه وتعالى فالإنسان إذا أكثر الحلف بالله دل ذلك على أن في قلبه نقصاً من تعظيم الله عز وجل وتعظيم الله تبارك وتعالى لا شك أنه من تمام التوحيد بل هو من أعظم مقومات التوحيد
قال " وقول الله تعالى (( واحفظوا أيمانكم )) " هذه الآية ذكرها الله عز وجل في سياق كفارة اليمين (( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارتُه إطعام عشرة مساكين من أوسِط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم، احفظوا أيمانكم )) احفظوا أيمانكم ما معناه؟ نقول اليمين له ابتداء وانتهاء ووسط، ابتداؤُه الحلف وانتهاؤه الكفارة ووسطه الحنث، مثال ذلك: إذا قلت والله لا أفعل كذا هذا ابتداء فإذا فعلته فهو الحنث وهو وسط فإذا كفرت عنه فهو الكفارة وهو الآخر الطرف الثاني فكل يمين فيه طرفان ووسط الطرف الأول ما هو؟ الحلف والطرف الثاني
الطالب : ...
الشيخ : لا، الكفارة والوسط الحنث ما معنى الحنث؟ الحنث أن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله هذا الحنث ومنه نعلم أن كل يمين على شيء ماض فليس فيها حنث ما فيها حِنث وما لا حنث فيه لا كفارة فيه فالحلف على الشيء الماضي إما أن تكون صادقا أو كاذبا فإن كنت صادقاً فقد برئت وإن كنت كاذبا فقد أثمت أما الكفارة فلا تجب نعم أو ما فهمتم هذا
الطالب : مثال
الشيخ : مثال ذلك : قلت لشخص والله ما فعلت هذا أمس ، والله ما فعلت هذا أمسِ إن كنت صادقاً فهي يمين بارة إن كنت كاذباً فهي يمين فاجرة لكن ما عليك كفارة لأن الكفارة ما تكون إلا في حلف على مستقبل في حلف على مستقبل واضح؟ أو لا ؟
الطالب : واضح
الشيخ : واضح لكن لو قلت والله لأفعلن هذا غداً أو اليوم المهم لأفعلن هذا في المستقبل إن فعلته فقد برئت وإن لم تفعله فقد حنثت وتلزمُك
الطالب : كفارة
الشيخ : الكفارة لأنه على شيء يستقبل طيب فإن حلفت على شيء مستقبل بناءاً على غلبة الظن ولم يكن ففيه خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال عليك الكفارة ومنهم من قال لا كفارة عليك ، والصحيح أنه لا كفارة عليك مثال ذلك قلت والله ليقدمن زيد غداً بناءاً على ظنك أنه سيقدم فلم يقدم فهنا الصحيح أنه لا حِنث عليك لأنك إنما حلفت على ما في قلبك نعم وهو حاصل كأنك حينما قلت والله ليقدمن زيد غدا كأنك تقول والله إن هذا هو ظني وهو صحيح أنه ظنك، نعم
طيب إذن الآن قوله تعالى (( واحفظوا أيمانكم )) بعد أن ذكر، بعد أن ذكر اليمين والكفارة والحنث قُلنا أنه يكون وسطا بينهما فما المراد بحفظ اليمين هل هو الابتداء أو الانتهاء أو الوسط؟ ها
الطالب : ...
الشيخ : او الثلاثة ها
الطالب : لو ما حصل الابتداء ما حصل ...
الشيخ : لا، المراد ... بالابتداء أو في الانتهاء أو في الوسط يعني بمعنى هل مراد الآية لا تكثروا الحلف بالله أو المراد إذا حلفتم فلا تحنثوا أو المراد إذا حنثتم فلا تتركوا الكفارة
الطالب : ...
الشيخ : كلها
الطالب : كلها
الشيخ : نعم كلها فتشمل أحوال اليمين الثلاثة ولهذا المؤلف جاء بها في هذا الباب لأن من معنى قوله: (( واحفظوا أيمانكم )) أي لا تكثروا الأيمان أي لا تكثروا الأيمان والمؤلف يقول " باب ما جاء في كثرة الحلف " لا تكثروا الأيمان لأن كثرة الأيمان وكون الإنسان كل ما يحلف يحلف يحلف معناه استهانته بالله عز وجل وهذا أمر عظيم جداً وهذا والمراد بذلك ما كان معقودا ومقصوداً أما ما كان يجري على اللسان بلا قصد فهذا ليس فيه شيء (( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم )) ما في مؤاخذة إطلاقا ، وقد مر علينا أن اللغو في اليمين مثل ها
الطالب : لا والله
الشيخ : مثل لا والله وبلى والله في عرض الحديث إذا قلت لصاحبك أنت ستزور فلان قال لا والله ما بزايره، نعم لا والله منا بجاي، لا الله إني أفعل كذا، ما قصد اليمين شيء يجري على اللسان بلا قصد هذا ما فيه شيء، لكن المراد اليمين المنعقدة لا تكثر اليمين طيب نأتي لوسط اليمين أي لا تحنثوا في أيمانكم احفظوا أيمانكم يعني لا تحنثوا فيها إذا حلفت فاثبت على يمينك لا تحنث هذا من حفظ اليمين ولا لا ؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم هذا من حفظ اليمين ولكن هذا الوسط وهو الحنث فيه تفصيل فيه تفصيل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن سمرة ( إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير ) وعلى هذا فالحنث نقول حفظ اليمين فيه أن لا يحنث إلا إذا كان إيش؟
الطالب : خيرا ...
الشيخ : إلا إذا كان خيرا إلا إذا كان الحنث خيرا وإلا فالأحسن أن تحفظ يمينك ولا تحنث واضح يا جماعة ؟
رجل حلف قال والله لا أكلم فلانا وهو من المؤمنين الذين يحرم هجرهم ، والله لا أكلم فلانا هل الأفضل حفظ اليمين أو الحنث باليمين؟
الطالب : الحنث
الشيخ : ها
الطالب : الحنث
الشيخ : الحنث باليمين أي الأفضل أن تكلمه وتكفر عن يمينك ولا لا؟ لأن كلامه خير من
الطالب : هجره
الشيخ : هجره طيب رجل آخر قال والله لأعينن فلانا، لأعينن فلانا على شيء محرم ما تقولون في الحنث هنا ؟
الطالب : واجب
الشيخ : يحرم الحنث ولا ما يحرم؟
الطالب : يحرم
الشيخ : يحرم؟
الطالب : نعم
الشيخ : ايه يحرم الحنث لأنه إذا قال والله لأعيننه وش المثال اللي احنا قلنا ؟ والله لأعينن فلانا على شيء محرم أنتم قلتم يحرم الحنث
الطالب : يجب
الشيخ : نعم يجب الحنث يجب الحنث ولا لا؟ أي يجب أن يعينه ولا أن لا يعينه؟
الطالب : لا يعينه
الشيخ : أن لا يعينه لأن هذا هو الحنث، يجب أن لا يعينه، ويكفر عن يمينه واضح؟ إذن صار الحنث فيه تفصيل لكن إذا كان الأمر مستويا الحنث وعدمه سواء في الإثم فما هو الأفضل؟ الأفضل حفظ اليمين ، الأفضل حفظ اليمين
السائل : شيخ
الشيخ : نعم
السائل : إذا حلف أن يهجر أخاه هل يجب الحنث ...
الشيخ : كيف؟
السائل : إذا حلف أن يهجر أخاه هل نقول أن الأفضل الحنث أو أنه يجب ؟
الشيخ : لا، يجب، يجب إذا كان يحرم هجره يجب الحنث
طيب المعنى الثالث اللي هو الآخر أو الطرف الثاني ، (( احفظوا أيمانكم )) يعني ها لا تدعوها بغير تكفير فإذا حلف وحنث في يمينه وجب عليه أن يكفر فورا ولا على التراخي؟
الطالب : فورا
الشيخ : فورا لأن الأصل في الواجبات الفورية ولا يجوز أن يؤخر التكفير، ولا أن يدع التكفير وهذا من حفظ اليمين ولا لا؟ من حفظ اليمين لأنه قيام بما تقتضيه تلك اليمين وهي الكفارة فيكون أداء الكفارة حفظاً لها فصار حفظ اليمين يقتضي ها ثلاثة أشياء حفظها ابتداءاً وحفظها حِنثاً، وحفظها كفارة ، نعم ابتداءا يعني لا تكثر اليمين لا تكثر اليمين ، طيب وسطا لا تحنث فيها إلا أن يكون خيراً ، انتهاءا لا تدعها بدون تكفير
وما هو التكفير التكفير بيّنه الله بقوله (( إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة )) بدأ بالأصعب ولا بالأسهل ؟
الطالب : بالأسهل
الشيخ : بالأسهل؟
الطالب : لا بالأصعب
الشيخ : بالأصعب ؟
الطالب : بالأسهل ...
الشيخ : ايه ما يمكن ... شوف ، أما بوقتنا الحاضر فالأسهل الإطعام، لكن يمكن يجي في يوم من الأيام الإطعام أحب إلى الناس من الثياب ولا لا ؟ لو تكون ... الناس عندهم ثياب ، مملوئة بيوتهم من الثياب لكنهم جوعا هنا الإطعام
الطالب : أفضل
الشيخ : أفضل طيب ربما تكثر الرقاب العبيد المماليك يكثرون ثوبه يسوى خمسين ريال وهو يسوى عشرين ريال نعم وش اللي هنا؟ الكسوة أفضل وكذلك الإطعام
المهم على كل حال بالنظر للغالب لا شك أن الآية بدأ الله بها بأيش؟ بالأسهل بالأسهل طيب (( إطعام عشرة مساكين )) (( أو كسوتهم أو تحرير رقبة )) تخييرا ولا تقييدا؟
الطالب : تخييراً
الشيخ : تخييرا ولهذا قال بعدها (( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام )) (( من لم يجد )) إيش؟ من لم يجد إطعاما أو من لم يجد مطعما؟
يشمل الأمرين ولهذا حذف المفعول به ليكون أعم قد أجد إطعاما وعندي دراهم ولكن ما أجد من أُطعم أطلب في البلد كله ما أجد فقيراً، ماذا أصنع؟ أصوم ثلاثة أيام، أصوم ثلاثة أيام صح ولا لا؟ لا يقال إنه هنا فُقد المحل محل الواجب وهو الفقير فيسقط ،كما لو قطعت اليد فإنه يسقط غسلها، لأنا نقول إن الله يقول: (( فمن لم يجد )) وحذف المفعول فدل ذلك على العموم ترى لا مانع أنا نتكلم بهذا وإن كان هذا فرع فقهي ما له دخل في التوحيد لكن تذكيرا طيب
(( إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام )) في قراءة ابن مسعود
الطالب : متتابعات
الشيخ : متتابعات نعم
الطالب : ...
الشيخ : نعم
الطالب : ...
الشيخ : يكون الأفضل، الأفضل في المستحب أن يفعله وفي المكروه أن يدعه طيب إذن نرجع إلى ..
الطالب : ...
الشيخ : إلا نقول أفضل لكن الأصل ما هو بواجب حتى بلا يمين ليس بواجب فاليمين لا توجبه لكن هو الأفضل أنه إذا كان المكروه مستحبا أن يحنث والمكروه في الأصل أن لا يفعل، فيكون الأفضل في المكروه أن لا يفعل لسببين لحفظ اليمين ولأن المحلوف عليه مكروه طيب ألا يدخل في قوله تعالى : (( واحفظوا أيمانكم )) أي لا تحلفوا بغير الله ؟
الطالب : ...
الشيخ : ها هل يدخل في هذا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : أو نقول إن الحلف بغير الله ليس بيمين ها
الطالب : يمين
الشيخ : أقول: هل يدخل في قوله : (( واحفظوا أيمانكم )) يعني لا تحلفوا بغير الله ؟
الطالب : الآن ...
الشيخ : أو لا يدخل ؟
الطالب : ...
الشيخ : إن كان الحلف بغير الله تعالى حلفاً فهو داخل يعني احفظوا أيمانكم أن تُقسموا بما لا يحل القسم به ولا شك أن الحلف بغير الله قسم يمين ولهذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( لا تحلفوا بآبائكم ) ( لا تحلفوا بآبائكم ) وقال: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ولم يقل فليس له يمين وعلى هذا فيدخل فيها إذن معنى رابع وهو أن لا تحلفوا بغير الله ، الحلف بالله سبحانه وتعالى من الأيمان المشروعة ، الحلف بصفة من صفات الله
الطالب : ...
الشيخ : لو قال وعزة الله لأفعلن كذا وكذا ها مشروع؟
الطالب : نعم
الشيخ : طيب في دليل عندكم؟
الطالب : ...
الشيخ : غير هذا
الطالب : نقول الصفة فرع عن الذات فإذا حلف
الشيخ : هذا تعليل، ما فيه دليل
الطالب : ...
الشيخ : ها
الطالب : أنا
الشيخ : ايه ايه
الطالب : ... فيقول : ... ( لا وعزتك يا رب )
الشيخ : نعم ...
الطالب : (وعزتي وجلالي لأنصرنك)
الشيخ : حلف الله بالشيء ، ما هو حجة لأن الله يحلف حتى بالمخلوقات (( والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها ))
الطالب : ...
الشيخ : ها
الطالب : قول الشيطان ، ((فبعزتك لأغوينهم أجمعين)).
الشيخ : ايه ، هو لو ما قلت ... الشيطان كان أهون بعد لو جبت الآية مثل ما جابها الأخ زيد نعم على كل حال يقول العلماء إن الحلف بصفة الله عز وجل حلف صحيح نعم ، لأن صفات الله عز وجل غير مخلوقة صفات الله ليست بمخلوقة فيجوز الحلف بها نعم ، من يسأل؟