شرح قول المصنف : وقوله (......فإن هم أبوا فاستعن بالله ، وقاتلهم . وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم ، أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه . وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله ، لا تنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك ، فإنك لا تدري : أتصيب فيهم حكم الله أم لا ؟ ) رواه مسلم . حفظ
الشيخ : يقول: ( فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ) ها
الطالب : ...
الشيخ : كيف؟ ( فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعِن بالله وقاتلهم ) ( إن هم أبوا ) سبق لنا إعراب هم أبوا وقلنا إنه على رأي الكوفيين تكون ( هم )
الطالب : مبتدأ
الشيخ : مبتدأ وجملة ( أبوا ) خبر وأما على رأي البصريين فإن ( هم ) فاعل لفعل محذوف أو توكيد لفاعل فعل محذوف تقديره ها: فإن أبوا هم ، وجملة ( أبوا ) الثانية لا محل لها من الإعراب لأنها تفسير للجملة الأولى
( فاستعن بالله ) اطلب منه العون ( وقاتلهم ) فبدأ النبي عليه الصلاة والسلام بطلب العون من الله لأنه إذا لم يعنك في جهادك لأعدائك فإنك مخذول.
( وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوا ) إلى آخره ( حاصرت ) الحصر معناه التضييق والمعنى أنك طوقتهم وضيقت عليهم بحيث لا يخرجون من حِصنهم ولا يدخل إليهم أحد فإذا حاصرتهم وأهلُ الحصن، الحصن كل ما يتحصن به من قصور أو أحواش أو غيرها وقوله : ( فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله ) ( أرادوك ) أي طلبوك فهنا ضَمن الإرادة معنى الطلب وإلا فإن الأصل أن تتعدى بـ من فأرادوا منك ( أن تجعل لهم ذمة الله ) أن تجعل ذمة الله لهم كذا عندكم؟ ولا ( أن تجعل لهم ذمة الله )
الطالب : أن تجعل لهم ذمة الله
الشيخ : إي نعم ( أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ) ( ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ) الذمة العهد فإذا قال أهل الحصن المحاصرون إذا قالوا نريد أن ننزل على عهد الله ورسوله فإنه لا يجوز أن يُنزلهم على عهد الله ورسوله لماذا؟ علل ذلك بقوله : ( فإنكم أن تُخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تُخفروا ذمة الله وذمة نبيه ) ( أن تُخفِروا ) بضم التاء وكسر الفاء من أخفر الرباعي بمعنى غدر وأما خفر يخفُر الثلاثي فهي بمعنى أجار ، فعلى هذا يتعين أن تكون تُخفِروا بضم التاء وكسر الفاء ، وقوله ( فإنكم أن تخفروا ) ( أن هنا مصدرية ) ولا تصح أن تكون شرطية، لأن ( أهون ) خبر المبتدأ ومحلها من الإعراب أن وما دخلت عليه تخفروا: محلها من الإعراب النصب على أنها بدل من اسم إن بدل اشتمال، وتقدير الكلام فإن إخفاركم ذمة الله عرفتم ؟ إيش؟
الطالب : ذممكم
الشيخ : ها
الطالب : ذممكم
الشيخ : ( فإن إخفاركم ذممكم ) نعم ( فإن إخفاركم ذممكم ) وتعلمون أن البدل يصح أن يحل محل المُبدل منه أليس كذلك ولهذا قدرتها بقولي فإن إخفاركم ذِممكم وقوله : ( أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه ) لأن الغَدر لذمة الله وذمة نبيه أعظم ولهذا جعل النبيُّ عليه الصلاة والسلام غدرَهم بذممهم أهونَ من غدرهم بعهد الله وعهد رسولِه وقولُه ( أهون ) هنا هذا من باب اسم التفضيل الذي ليس فيه ليس في المفضَّل ولا في المفضل عليه شيء من هذا المعنى وجه ذلك أن قوله : ( أهون ) يقتضي اشتراك المفضّل والمفضّل عليه بالهون والأمر ها ليس كذلك فإن إخفار الذمم سواء كان لذمة المجاهدين أو لذمة الله وذمة رسوله كله ليس بهين بل هو صعب لكن الهون هنا أمر نسبي وليس على حقيقته فإخفار ذمة الإنسان وذمة أصحابه أهون من إخفار ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم .
( وإذا حاصرت أهل حصن ) نعم
السائل : ...
الشيخ : أبداً ما في شيء أبدا كله ليس بهين لكن هذا أهون من هذا بالنسبة أما أن يكون المفضّل والمفضّل عليه مشتركَين في الهون فليس كذلك قال: ( وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله فلا تُنزلهم على حكم الله ) الأول أرادوا أن يُنزلوا على العهد بدون أن يُحكم عليهم بشيء بل يعاهدون على حماية أموالهم وأنفسِهم ونسائهم وذريتهم ، ولكن بلا حكم وهذي مسألة المسألة الثانية أن ينزلوا على حُكم الله وحُكم رسوله فهل يجابون إلى ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تُنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حُكمك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حُكم الله أم لا ) الحكم هنا قال : ( أنزلهم على حكمك ) ولم يقل وحكم أصحابك ذلك لأن الحُكم في الجيش أو في السرية لمن؟ للأمير وأما الذمة والعهد فهي من بين الجميع فلا يحل لكل واحد من الجيش أو السرية أن ينقض العهد، أما الحُكم فإنه خاص بنفس الأمير ولهذا قال: ( على حُكمك ) فإذا قال أهل الحصن نحن نَنزل ونستسلم على حكم الله نقول : لا ما تنزلون على حكم الله، لأننا لا ندري أنصيب فيهم حكم الله أم لا، كما علل الرسول عليه الصلاة والسلام ( فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا ) ( أتصيبُ ) نعم ( أتصيبُ فيهم ) ( لا تدري أتصيبُ فيهم حكم الله أم لا ) وهنا الفعل مُعلق ( تدري ) وإلا فإنه ينصب المفعولين لكنه معلق بالاستفهام هذا الحُكم الأخير هل هو ثابت إلى اليوم أو هو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط اختلف في ذلك أهل العلم فمنهم من قال إنه ثابت إلى اليوم وأن أهل الحصن لا يُنزلون على حكم الله عز وجل لأن الإنسان وإن اجتهد فلا يدري أيصيب حكم الله أم لا؟ فليس كل مجتهد يكون مصيباً ومنهم من يقول إن هذا خاص في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط، لأنه العهد الذي يمكن أن يتغير فيه الحكم فإن من الجائز أنه بعد أن يمضي هذا الجيش أو هذه السرية ، من الجائز أن يغير الله الحكم عز وجل أليس كذلك فإذا كان هذا جائزاً فلا يمكن أن تُنزلهم على حكم الله لأنك لا تدري هل تصيب الحُكم الجديد أو لا تصيبه، أما بعد أن انقطع الوحي فإننا نُنزلهم على حكم الله عز وجل واجتهادنا في إصابة حكم الله يُعتبر صوابا يعتبر صوابا لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، فنجتهد ونلتمس حُكم الله عز وجل ، فإذا وصلنا إلى أي حكم فثم حكم الله لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها وقد قال الله تعالى: (( فاتقوا الله ما استطعتم )) وهذا القول أصح هذا القول أصح وذلك لأنه يحكم للمجتهد بإصابة الحُكم ظاهرا شرعاً، وإن كان قد يخطيء وقد يصيب وإن حصل الاحتراز عن ذلك وقال إننا لسنا نحكم بحكم الله ولكن نُنزلك على ما نفهم من حكم الله بهذا اللفظ صار هذا ها أولى صار هذا أولى وأحرى، لأنك إذا قلت على ما نفهم صار أمرا واضحا أن هذا الحكم حكم الله بحسب بحسب فهمكم لا بحسب الواقع وإنما اخترنا هذه العبارة لأنه ربما يحدث تغير في الأحداث ويأتي أمير آخر يحارب هؤلاء مرة ثانية أو يحارب قوما آخرين ثم يتغير الحكم فيقول الكفار إن المسلمين أحكامهم مُتناقضة ، فإذا قلت أنا أنزلكم على ما أفهم من حكم الله زال هذا المحذور وسلم الإنسان وبهذا أيضاً يجتمع القولان القول بأنه خاص في عهد الرسول والقول بأنه عام لأنه إذا قال أُنزلك على ما أفهم فإن هذا ليس به بأس حتى على القول بأن هذا حكم عام إلى يومنا هذا.
الطالب : ...
الشيخ : كيف؟ ( فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعِن بالله وقاتلهم ) ( إن هم أبوا ) سبق لنا إعراب هم أبوا وقلنا إنه على رأي الكوفيين تكون ( هم )
الطالب : مبتدأ
الشيخ : مبتدأ وجملة ( أبوا ) خبر وأما على رأي البصريين فإن ( هم ) فاعل لفعل محذوف أو توكيد لفاعل فعل محذوف تقديره ها: فإن أبوا هم ، وجملة ( أبوا ) الثانية لا محل لها من الإعراب لأنها تفسير للجملة الأولى
( فاستعن بالله ) اطلب منه العون ( وقاتلهم ) فبدأ النبي عليه الصلاة والسلام بطلب العون من الله لأنه إذا لم يعنك في جهادك لأعدائك فإنك مخذول.
( وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوا ) إلى آخره ( حاصرت ) الحصر معناه التضييق والمعنى أنك طوقتهم وضيقت عليهم بحيث لا يخرجون من حِصنهم ولا يدخل إليهم أحد فإذا حاصرتهم وأهلُ الحصن، الحصن كل ما يتحصن به من قصور أو أحواش أو غيرها وقوله : ( فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله ) ( أرادوك ) أي طلبوك فهنا ضَمن الإرادة معنى الطلب وإلا فإن الأصل أن تتعدى بـ من فأرادوا منك ( أن تجعل لهم ذمة الله ) أن تجعل ذمة الله لهم كذا عندكم؟ ولا ( أن تجعل لهم ذمة الله )
الطالب : أن تجعل لهم ذمة الله
الشيخ : إي نعم ( أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ) ( ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ) الذمة العهد فإذا قال أهل الحصن المحاصرون إذا قالوا نريد أن ننزل على عهد الله ورسوله فإنه لا يجوز أن يُنزلهم على عهد الله ورسوله لماذا؟ علل ذلك بقوله : ( فإنكم أن تُخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تُخفروا ذمة الله وذمة نبيه ) ( أن تُخفِروا ) بضم التاء وكسر الفاء من أخفر الرباعي بمعنى غدر وأما خفر يخفُر الثلاثي فهي بمعنى أجار ، فعلى هذا يتعين أن تكون تُخفِروا بضم التاء وكسر الفاء ، وقوله ( فإنكم أن تخفروا ) ( أن هنا مصدرية ) ولا تصح أن تكون شرطية، لأن ( أهون ) خبر المبتدأ ومحلها من الإعراب أن وما دخلت عليه تخفروا: محلها من الإعراب النصب على أنها بدل من اسم إن بدل اشتمال، وتقدير الكلام فإن إخفاركم ذمة الله عرفتم ؟ إيش؟
الطالب : ذممكم
الشيخ : ها
الطالب : ذممكم
الشيخ : ( فإن إخفاركم ذممكم ) نعم ( فإن إخفاركم ذممكم ) وتعلمون أن البدل يصح أن يحل محل المُبدل منه أليس كذلك ولهذا قدرتها بقولي فإن إخفاركم ذِممكم وقوله : ( أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه ) لأن الغَدر لذمة الله وذمة نبيه أعظم ولهذا جعل النبيُّ عليه الصلاة والسلام غدرَهم بذممهم أهونَ من غدرهم بعهد الله وعهد رسولِه وقولُه ( أهون ) هنا هذا من باب اسم التفضيل الذي ليس فيه ليس في المفضَّل ولا في المفضل عليه شيء من هذا المعنى وجه ذلك أن قوله : ( أهون ) يقتضي اشتراك المفضّل والمفضّل عليه بالهون والأمر ها ليس كذلك فإن إخفار الذمم سواء كان لذمة المجاهدين أو لذمة الله وذمة رسوله كله ليس بهين بل هو صعب لكن الهون هنا أمر نسبي وليس على حقيقته فإخفار ذمة الإنسان وذمة أصحابه أهون من إخفار ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم .
( وإذا حاصرت أهل حصن ) نعم
السائل : ...
الشيخ : أبداً ما في شيء أبدا كله ليس بهين لكن هذا أهون من هذا بالنسبة أما أن يكون المفضّل والمفضّل عليه مشتركَين في الهون فليس كذلك قال: ( وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله فلا تُنزلهم على حكم الله ) الأول أرادوا أن يُنزلوا على العهد بدون أن يُحكم عليهم بشيء بل يعاهدون على حماية أموالهم وأنفسِهم ونسائهم وذريتهم ، ولكن بلا حكم وهذي مسألة المسألة الثانية أن ينزلوا على حُكم الله وحُكم رسوله فهل يجابون إلى ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تُنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حُكمك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حُكم الله أم لا ) الحكم هنا قال : ( أنزلهم على حكمك ) ولم يقل وحكم أصحابك ذلك لأن الحُكم في الجيش أو في السرية لمن؟ للأمير وأما الذمة والعهد فهي من بين الجميع فلا يحل لكل واحد من الجيش أو السرية أن ينقض العهد، أما الحُكم فإنه خاص بنفس الأمير ولهذا قال: ( على حُكمك ) فإذا قال أهل الحصن نحن نَنزل ونستسلم على حكم الله نقول : لا ما تنزلون على حكم الله، لأننا لا ندري أنصيب فيهم حكم الله أم لا، كما علل الرسول عليه الصلاة والسلام ( فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا ) ( أتصيبُ ) نعم ( أتصيبُ فيهم ) ( لا تدري أتصيبُ فيهم حكم الله أم لا ) وهنا الفعل مُعلق ( تدري ) وإلا فإنه ينصب المفعولين لكنه معلق بالاستفهام هذا الحُكم الأخير هل هو ثابت إلى اليوم أو هو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط اختلف في ذلك أهل العلم فمنهم من قال إنه ثابت إلى اليوم وأن أهل الحصن لا يُنزلون على حكم الله عز وجل لأن الإنسان وإن اجتهد فلا يدري أيصيب حكم الله أم لا؟ فليس كل مجتهد يكون مصيباً ومنهم من يقول إن هذا خاص في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط، لأنه العهد الذي يمكن أن يتغير فيه الحكم فإن من الجائز أنه بعد أن يمضي هذا الجيش أو هذه السرية ، من الجائز أن يغير الله الحكم عز وجل أليس كذلك فإذا كان هذا جائزاً فلا يمكن أن تُنزلهم على حكم الله لأنك لا تدري هل تصيب الحُكم الجديد أو لا تصيبه، أما بعد أن انقطع الوحي فإننا نُنزلهم على حكم الله عز وجل واجتهادنا في إصابة حكم الله يُعتبر صوابا يعتبر صوابا لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، فنجتهد ونلتمس حُكم الله عز وجل ، فإذا وصلنا إلى أي حكم فثم حكم الله لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها وقد قال الله تعالى: (( فاتقوا الله ما استطعتم )) وهذا القول أصح هذا القول أصح وذلك لأنه يحكم للمجتهد بإصابة الحُكم ظاهرا شرعاً، وإن كان قد يخطيء وقد يصيب وإن حصل الاحتراز عن ذلك وقال إننا لسنا نحكم بحكم الله ولكن نُنزلك على ما نفهم من حكم الله بهذا اللفظ صار هذا ها أولى صار هذا أولى وأحرى، لأنك إذا قلت على ما نفهم صار أمرا واضحا أن هذا الحكم حكم الله بحسب بحسب فهمكم لا بحسب الواقع وإنما اخترنا هذه العبارة لأنه ربما يحدث تغير في الأحداث ويأتي أمير آخر يحارب هؤلاء مرة ثانية أو يحارب قوما آخرين ثم يتغير الحكم فيقول الكفار إن المسلمين أحكامهم مُتناقضة ، فإذا قلت أنا أنزلكم على ما أفهم من حكم الله زال هذا المحذور وسلم الإنسان وبهذا أيضاً يجتمع القولان القول بأنه خاص في عهد الرسول والقول بأنه عام لأنه إذا قال أُنزلك على ما أفهم فإن هذا ليس به بأس حتى على القول بأن هذا حكم عام إلى يومنا هذا.