شرح قول المصنف : فإنا نستشفع بالله عليك ، وبك على الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ! سبحان الله ! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه . ثم قال : ويحك ، أتدري ما الله ؟ إن شأن الله أعظم من ذلك . إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه وذكر الحديث ، رواه أبو داود . حفظ
الشيخ : "قدرُه إذا قيل إن السيف أمضى من العصا " لو قلت والله عندي سيف بتار قطاع أمضى من عصا فلان وعصا فلان ... ماضية هذي ولا لا؟ ها
الطالب : لا
الشيخ : أقول مو ماضية هذه العصا اللي ... لا ما هي ماضية ، هذا يُعتبر هذا السيف الآن يعتبر سيفا ناقصاً رديئا كيف تقول أمضى من العصا فإذن تنزيه الله عن مماثلة المخلوقين يمكن أن نقول إنه داخل في قولنا تنزيه الله عن كل نقص وعيب
وإنما سبح النبي صلى الله عليه وسلم هنا كما قلت استعظاما للأمر وإنكارا على الرجل ها وتنزيها لله عز وجل عما لا يليق به ( فما زال يُسبح ) يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله ( حتى عرف ذلك في وجوه ) عندي ( صِحابه )
الطالب : أصحابه
الشيخ : ( أصحابه ) ( أصحابه ) ثم قال ويحك إلى آخره
السائل : عندنا ...
الشيخ : صلى الله عليه وسلم : ( سبحان الله سبحان الله فما زال يسبح ) نحنُ عرفنا فيما سبق أن ما زال من أفعال الاستمرار زال إذا دخل عليها ما صارت تدُل على الاستمرار كقوله تعالى : (( وما يزالون مختلفين إلا من رحِم ربك )) وعملها عمل كان ترفع المبتدأ وتنصب الخبر وجملة ( يُسبح ) هذه هي الخبر ( فما زال يسبح حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه ) ( عرف ذلك ) أي أثرُه عُرف أثر هذا التسبيح في وجوه أصحابه وأنهم تأثروا بذلك من كثرة تسبيح الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم علموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يُسبح ويكرر على التسبيح إلا لأمر عظيم ووجه التسبيح هنا أن الرجل ذكر جملة فيها شيء من التنقص لله تعالى فسبح النبيُ صلى الله عليه وسلم ربه تنزيها له عما تُوهِمُه هذه الكلمة، ولهذا ( كان الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه في السفر إذا هبطوا واديا سبحوا ) تنزيها لله تعالى عن السفول الذي كان من صفاتهم وإذا علوا نشزا كبروا تعظيماً لله عز وجل وأن الله تعالى هو الذي له الكبرياء في السماوات والأرض " ثم قال " يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ويحك أتدري ما الله ) ( ويحك ) هذه ويح كلمة منصوبة بعامل محذوف ، تارة تضاف فيقال: ويحَك، وتارة تقطع عن الإضافة فيقال: ويح لك وتارة ترفع وتارة تُنصب أما رفعها فهي على أنها مبتدأ فيقال: ويحه أو ويح له ، والنصب على تقدير فعل محذوف ، التقدير ألزمك الله ويحك وهي وويل وويد وويف كلها تقال الويل ويح ويد ويف ومعناها متقارب معناها متقارب ولكن بعض أهل العلم باللغة يقول: إن ويح كلمة ترحُّم، وويل كلمة وعيد فمعنى ويحَك يعني إني أترحم لك وأحن عليك، ومنهم من يقول لا كلها كلمة تدل على التحذير، فعلى القول بالفرق بين ويل وويح يكون ويح هنا ترحموا لهذا الرجل الذي سبح النبي صلى الله عليه وسلم من قوله هذا التسبيح المكرر فترحموا له كأنهم رحموه لأنه فعل شيئاً عظيما .
وقوله : ( أتدري ما الله ) هذه جملة استفهامية فما المراد بالاستفهام؟ المراد بالاستفهام التعظيم المراد التعظيم يعني أن الله سبحانه وتعالى شأنه عظيم كما بينه فيما بعد ويحتمل أن يكون المعنى ( أتدري ما الله ) أي لا تدري ما الله بل أنت جاهل به فيكون المراد بالاستفهام هنا النفي وقوله : ( ما الله ) هذه جملة استفهامية أيضاً وهي مُعلِّقة لـ ( تدري ) عن العمل لأن درى تنصب مفعولين لكنها تُعلَّق بالاستفهام عن العمل ويكون تكون الجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي تدري
ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إن شأن الله أعظم من ذلك ) ( إن شأن الله ) يعني أمره يعني أمرَه وعظمتَه ( أعظم من ذلك ) أي مما تصورت حيث جئت بهذا اللفظ ( نستشفع بالله عليك ) ثم قال: ( إنه لا يستشفع بالله على أحد ) لماذا ؟ لكمال عظمته وكبريائه والشفيع يكون دون المشفوع إليه غالباً فإذا استشفعت بالله على أحد فمعنى ذلك أنك نزلت رتبة الله عن رتبة ذلك المشفوع إليه وهذا لا شك نقص في التوحيد
قال " وذكر الحديث " أي تمامَه " رواه أبو داود " وهذا الحديث فيه ضعف ولكن معناه معناه صحيح وأنه لا يجوز لأحد أن يقول أستشفع بالله عليك فإن قلت أليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سألكم بالله فأعطوه ) ( من سألكم بالله ) وهذا دليل على جواز السؤال بالله إذ لو لم يكن السؤال بالله جائزاً لم يكن إعطاؤه واجباً فكيف نجمع بين السؤال بالله وبين الاستشفاع بالله ؟ يقال الجمع بينهما أن السؤال بالله لا يقتضي أن تكون مرتبة المسؤول به أدنى من مرتبة المسؤول بخلاف الاستشفاع بل يدل على أن مرتبة المسؤول .. مرتبة عظيمة بحيث إذا سُئل به إذا سُئل به أُعطي، على أن بعض أهل العلم يقول : ( من سألكم بالله ) أي من سألكم سؤالا بمقتضى شريعة الله ( فأعطوه ) وليس المعنى من قال أسألك بالله ، ولكن المعنى الأول أصح وقد جاء مثله في قول الملك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والمال فسأل بالله.