شرح قول المصنف : ولمسلم عن ابن عمر مرفوعاً : ( يطوي الله السموات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين السبع ، ثم يأخذهن بشماله ، ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون؟ ) . حفظ
الشيخ : قال : " ولمسلم عن ابن عمر مرفوعا " مرفوعا يعني: إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا ربكم الملك أين الجبارون ) وقد سبق معنى هذا وأن المراد بالطي الطي الحقيقي كما قال الله تعالى : (( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب )) وطي أصلها ها
الطالب : طوي
الشيخ : طوي طوي أصلها ولكن اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياءاً وأدغمت الياء بالياء وهذه قاعدة معروفة صرفية إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون نعم فإنها تقلب الواو ياءاً سواء تقدمت أو تأخرت فـطي تقدمت الواو ،وسيد تقدمت الياء لأن أصل سيد سيود كذا طيب وهذه القاعدة معروفة عند الصرفيين ومر علينا في الألفية محترزات قولهم في كلمة قلنا إذا كانت في كلمتان في كلمتين لم يدخلها ...
طيب يقول : ( يطوي الله السماوات بيده اليمنى ثم يأخهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك ) يقول ذلك ثناءا على نفسه سبحانه وتعالى وتنبيها على عظمته الكامل وهو السلطان فهو مالكٌ ذو سلطان وقوله : ( أين الجبارون ) هذا الاستفهام للتحدي يقول أين الملوك الذي كانوا في الدنيا لهم السلطة والتجبر والتكبر على عباد الله وهل يوجدون في ذلك الوقت أبداً بل ( إن المتكبرين يوم القيامة يحشرون أمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم ) والعياذ بالله فلا هناك جبار ولا متكبر الكل سواء والملك لله الواحد القهار ( ثم يطوي الأراضين السبع ثم يأخذهن بشماله ) ( يطوي الأراضين ) الأراضين هنا جمع مذكر سالم ولا ملحق بالجمع ؟
الطالب : ملحق
الشيخ : ملحق بجمع المذكر السالم لأنه ليس علماً ولا صفة وليس بمذكر أيضا فهو ملحق بجمع المذكر السالم . يقول ( السبع ) ( الأراضين السبع ) وقد أشار الله تعالى في القرآن إلى أن الأراضين سبع ولم يرد العدد صريحاً في القرآن لكن ورد صريحاً في صحيح السنة في القرآن (( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن )) والمماثلة هنا لا تصح إلا في العدد لأن الكيفية متعذرة نعم فعلى هذا يكون (( مثلهن )) في العدد وأما السنة فصرحت في عدة أحاديث بأنها سبع ( ثم يأخذهن بشماله ) ( يأخذهُن ) أي الأراضين السبع بشماله وكلمة شمال هنا اختلف فيها الرواة فمنهم من أثبتها ومنهم من أسقطها وقد حكموا على من أثبتها بالشذوذ لأنه خالف ثقتين في روايته عن ابن عمر ومعلوم أن مخالفة الواحد للثقتين
الطالب : شاذة
الشيخ : تعتبر شاذة ومنهم من قال إن ناقلها ثقة ولكنه قالها من تصرفه يعني لأنه لما ذكر ( يأخذهن بيده اليمنى ) بيده اليمنى فالذهن يذهب إلى أن هناك يداً يسرى شمال وأصل هذا تخطئة سواء قلنا أنها شاذة أو قلنا إنها من تصرفه هو أنه ثبت في صحيح مسلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمان وكلتا يديه يمين ) ( كلتا يديه يمين ) فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أن كلتي ، أن كلتا يديه يمين وهذا يقتضي أنه ليس هناك يد يمين ويد شمال ولكن إذا كانت هذه اللفظة محفوظة شمالا فإنها عندي لا تنافي ( كلتا يديه يمين ) وإنما المعنى أن اليد الأخرى ليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق ناقصة عن اليد اليمنى لأن المعروف في أيدي المخلوقين أن اليسرى ناقصة عن اليد اليمنى فقال كلتا يديه يمين يعني ليس فيهما نقص ويؤيد هذا قوله في الحديث في اللفظ الآخر في حديث آدم : (اخترت يمين ربي وكلتا يديه يمين مباركة ) فلما كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال يعني النقص في هذه اليد الأخرى قال: ( كلتا يديه يمين ) ويؤيد ذلك قوله: ( المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمان ) فإن المقصود من ذلك إثبات فضلهم ومرتبتهم وأنهم على يمين الرحمان سبحانه وتعالى وأيا كان فإن يدي الله سبحانه وتعالى اثنتان بلا شك اثنتان وكل واحدة غير الأخرى كل واحدة غير الأخرى هذه يد وهذه يد ونحن إذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال فليس المراد أننا نثبت أنها أضعف من اليد اليمنى بل كلتا يديه يمين والواجب علينا نحو هذا أن نقول إن كانت هذه ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نؤمن بها وإن لم تثبت نقول كلتا يديه .
والمعروف عند علماء البلاغة أنه إذا كان المبتدأ والخبر كل منهما معرفة فإن ذلك من طرق الحصر يقول : ( أنا الملك ) يعني الذي لي الملكية المطلقة لا ينازعه فيها أحد