شرح قول المصنف : وعن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تدرون كم بين السماء والأرض ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : بينهما مسيرة خمسمائة سنة ، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة ، وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة ، وبين المساء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ، والله تعالى فوق ذلك . لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ) أخرجه أبو داود وغيره . حفظ
الشيخ : صلى الله عليه وسلم ، يقال: عباس ويقال : العباس و ال هذه لا تفيد التعريف لأن عباس معرفة علم لكنها تُقال للمح الأصل للمح الأصل يعني معناه للتلميح إلى الأصل كما تقول الفضل تلميح إلى فضله والعباس كذلك نعم إلى عبوسِه على الأعداء وما أشبه هذا نعم وقد أشار إلى هذا ابن مالك في ها في الألفية وش قال
الطالب : وبعض الأعلام..
الشيخ : " وبعض الأعلام عليه دخل *** للمح ما قد كان عنه نُقل " نعم " العباس بن عبد المطلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل تدرون كم بين السماء والأرض ) " و ( هل ) هذه للاستفهام الذي يراد به أمران: التشويق والتنبيه كقوله تعالى: (( هل أتاك حديث الغاشية )) هذا تنبيه وتشويق على شيء من آيات الله الكونية (( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم )) هذا أيضاً تنبيه وتشويق على آيات شرعية والإيمان والعمل الصالح (( هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً )) هذا تنبيه وتحذير تنبيه وتحذير ، هل أنبئكم بشر من ذلكم (( من ذلك مثوبة عند الله )) كذلك تشويق والتحذير في آن واحد، فهنا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : هل تدرون تنبيها لهم وتشويقا إلى ما سيلقيه عليهم ( كم بين السماء والأرض ) كم هنا استفهامية يعني كم مسافة بينهما؟ ( قلنا الله ورسوله أعلم ) وإنما قيل الله ورسوله لأن علم الرسول من علم الله فهو الذي يُعلمه عن هذه الأمور التي لا يدركها البشر فلهذا جاز أن يؤتى بالواو ( الله ورسوله أعلم) كذلك في المسائل الشرعية يقال الله ورسوله أعلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالمسائل الشرعية وليس هذا كقوله ما شاء الله وشئت لأن هناك في باب القدرة والمشيئة ولا يمكن أن يجعل الرسول عليه الصلاة والسلام مشاركاً لله قلنا الله ورسوله أعلم طيب لو أنه وُجه لنا سؤال ... عن شيء ما هل نقول الله ورسوله أعلم ؟
الطالب : فيه تفصيل
الشيخ : فيه التفصيل إن كان في الأمور الشرعية فالله ورسوله أعلم لا شك وإن كان في الأمور الكونية فلا نقول الله ورسوله أعلم لو قلت هل سيقدم غداً زيد
الطالب : الله أعلم
الشيخ : تقول الله أعلم ما تقول ورسوله ولو قلت هل هذا حلال الله ورسوله أعلم، ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتبون على بعض الأعمال (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه )) طيب الله يرى صح لكن رسوله يرى؟ ها
الطالب : لا
الشيخ : إذا بنينا قصراً أو ما أشبه ذلك أو مشروع من المشاريع كتبنا عليه (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله )) هل الرسول جاء لهذا وشاف رأى ؟ ها
الطالب : لا
الشيخ : هذا كذب كذب صريح إلا على رأي من يقولون إن حضرة النبي عليه الصلاة والسلام تأتي ويحضر نعم كالخرافيين فهذا شيء ثاني لكن من يكتبوها لا يريدون من هذا إطلاقا وهم أبعد الناس عن الخرافة لكن يريدون أن يتزينوا بأمر ليس زينا بالنسبة لما كتبوه عليه ثم هذه الآية نزلت في من؟ في المنافقين (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة )) آيتين (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة )) المهم أن هذا لا يجوز كتابته لأنه كذب على الرسول عليه الصلاة والسلام ما رآه، نعم (قالوا: الله ورسوله أعلم قال: بينهما مسيرة خمس مائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمس مائة سنة ) خمس ما ئة مكتوبة بالألف ، ولكنها الميم مكسورة فالألف هذه كالعماد فقط والفرق بين الهمزة والتاء وإلا ما ينطق بها ولا تفتح الهمزة من أجلها ويخطيء كثير من القراء حيث يقولون : عندي مَأَة شاة وبعضهم يقول عندي مـــاءَة أكثر من هذا مـــاءَة شاة نعم في القرآن كلُنا نقرأ: (( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ )) ولا تقولون : ولبثوا في كهفهم ثلاث مــاءًة ، ها مِئَة يعني ... هذه المئة،
قال: ( خمسمئة سنة ) ( خمسمئة سنة وكثب ) أو ( كِثب كل سماء مسيرة خمسمئة سنة وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ) كم؟ خمس مئة سنة " ( والله تعالى فوق ذلك وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ) أخرجه أبو داود وغيره " وهذا دليل على العلو العظيم لله عز وجل وأنه سبحانه وتعالى فوق كل شَيء ولا يحيط به شيء من مخلوقاته أبداً لا السماوات ولا غيرها واضح؟ وعلى هذا فإن الله تعالى لا يُوصف بأنه في جهة تحيط به ، لأن ما فوق السماوات والعرش عدم ما فيه شيء حتى يقال إن الله تعالى قد أحاط به شيء من مخلوقاته وأن إثبات الجهة لله ممنوع ولهذا تجدون في كتب بعض أهل الكلام يقول أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه في جهة مطلقاً ويُنكرون العلو ظناً منهم أن إثبات الجهة يستلزم الحصر وليس كذلك لأننا نعلم أن ما فوق العرش عدم ما فيه شيء ما في مخلوقات فوق العرش ما في مخلوقات ما ثَمَّ إلا الله عز وجل ولا يحيط به شيءٌ من مخلوقاته أبداً وحينئذٍ لو سئلت: هل تثبت لله الجهة ؟
الطالب : ...
الشيخ : ففيه تفصيل:
أولاً أقول: أما إطلاق لفظها نفياً أو إثباتاً فلا أقول به ما أقول به ليش؟ ما ورد ما ورد أن الله في جهة ولا أنه ليس في جهة ولكن عند التفصيل لا بُد أن أقول إن الله تعالى في جهة العلو لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للجارية ( أين الله ) وأين يستفهم بها عن الجهة عن المكان فقالت في السماء فأثبتت ذلك فقال ( أعتقها فإنها مؤمنة ) وهذا واضح أن الاستفهام بـ أين لا يكون استفهاماً عن الذات والغريب أن أهل التحريف يقولون أين بمعنى مَن مَن الله؟ قالت في السماء يعني هو من في السماء ثم ينكرون العلو وقد رد عليهم ابن القيم رحمه الله في كتبه ومنها كتاب النونية رد عليهم وقال هذه مغالطة ، اللغة العربية ما تأتي أين بمعنى مَن أبدا وفرق بين من وبين أين إذن نقول الله تعالى في جهة لكن ليسَت جهة سُفل لوجوب العلو له عقلا وسمعاً وفطرة وليست جهة علوٍ تحيط به كذا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : لأن الله تعالى وسع كرسيه السماوات والأرض وهو موضع قدميه فكيف يحيط بالله تعالى شيء من مخلوقاته إذن هي جهة علوٍ ها لا تحيط به جهة علوٍ لا تحيط به ولا يمكن أن يُقال إن شيئا يحيط به لأننا نقول إن ما فوق العرش ها عَدم ما فيه شيء إلا الله سبحانه وتعالى وحينئذٍ لا يحيط به شيء من مخلوقاته أبداً ولهذا قال: ( والله فوق العرش ) ... فوق ذلك
ومع هذا مع علوه عز وجل هذا العلو العظيم لا يخفى عليه شيءٌ من أعمال بني آدم واعلم أن كلمة أعمال إن قُرنت بالأقوال صارت الأعمال أعمال الجوارح وإن أُطلقت شَملت أعمال الجوارح وأقوال اللسان وأعمال القلوب فقوله: ( من أعمال بني آدم ) يشمل ما يتعلق بالقلب وباللسان وبالجوارح ، كلها تسمى عملا، كلها تسمى عملا ، بل أعظم من ذلك لا يخفى عليه شيء مما يكون لبني آدم في المستقبل فضلا عن الأمر الذي وقع منهم بل يعلم عز وجل ما يكون على عباده في مُستقبل أحوالهم نعم الدليل قوله تعالى : (( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم )) (( ما بين أيديهم )) كل ما يستقبلونه (( وما خلفهم )) كل ما مضى عليهم فهو عالم بهم سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء منهم ولهذا قال فرعون لموسى : (( ما بال القرون الأولى )) ما شأنهم؟ (( قال علمها عند ربي في كتاب )) محفوظة مضبوطة (( لا يضل ربي ولا ينسى )) (( لا يضل )) لا يجهل (( ولا يَنسى )) عن ما مضى لا يجهل عن ما مضى ولا يجهل ما يُستقبل سبحانه وتعالى إذن فالله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم لماذا قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر وقدره بلفظ هل الدالة على التشويق والتنبيه؟ من أجل أن يُثبت عقيدة عظيمة أن الله تعالى فوق كل شيء بذاته وأنه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء في علمه لقوله: ( وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ) فإذا علمنا ذلك أوجب لنا تعظيمَه والحذر من مخالفته إذا علمنا أنه فوقنا سبحانه وتعالى ومن كان فوقك فهو عال عليك هو عالٍ ذلك إذا جاءك الأمر من فوق ما عاد تتمكن يكون محاطاً بك ومع ذلك فإنه فإننا نحذر من كونه سبحانه وتعالى يعلم أعمالنا ولا يخفى عليه شيء منها فإن قُلت في الحديث صفتان لله عز وجل ثبوتية وسلبية فما هي الثبوتية؟ ها
الطالب : اثبات الفوقية
الشيخ : العلو، إثبات منا نحن ، لكن العلو هي صفته اثبات العلو ما يستقيم، العلو هي صفته والإثبات منا نحن نعتقد، طيب والسلبية ؟
الطالب : ليس يخفى عليه شيء
الشيخ : ( ليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ) هذه السلبية وقد مر علينا كثيراً بأنه لا يوجد في صفات الله عز وجل صفة سلبية محضَة وصفاته السلبية يعني اللي هو النفي متضمنة لمعنى كامل يعني نفي عنه ذلك لكمال علمه لكمال علمه نُفي عنه اللغوب لكمال قوته نفي عنه العجز لكمال
الطالب : قدرته
الشيخ : قدرته كذا نفي عنه أن يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء لكمال علمه واضح؟ حينئذٍ يكون انتفاء هذه الصفات عنه لا لأنه غير قابل لها من حيث الأصل أو من حيث العقل يعني ممكن أن يلحق هذه الصفات عجز، لكن باعتبارها مضافةً إلى الخالق ها كل قدرة من حيث هي قدرة يمكن أن يلحقها عجز لكن باعتبار إضافتها إلى الخالق ها لا يمكن لا عقلا ولا سمعاً أن يلحقها شيء من النقص ولهذا إذا نفى الله عن نفسه شيئاً من الصفات فالمراد انتفاء تلك الصفة عنه لكمال لكمال ضدها لكمال ضدها (( لا تأخذُه سنة ولانوم )) السنة النعاس والنوم الإغفاء العميق لماذا؟
الطالب : ...
الشيخ : لكمال حياتِه وقيوميته نعم لكمال حياته وقيوميته لأنه لو كان ناقص الحياة احتاج إلى النوم ولو كان ينام ما كان قيوم على خلقه لأن اللي ينام معناه أن الرعية الذين تحته يلعبون كما يشاؤون ولا لا؟ إذا فرضنا أن عليكم مشرفاً هنا في المسجد ... المراجعة ترى إن تركتم المراجعة أعاقبكم فتوسد منكم الوسادة الوسادة ونام تستطيع ترك المراجعة ولا لا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : ها ليش ؟
الطالب : نام
الشيخ : لأن صاحبنا نام ، قيامه علينا ماهو جيد فلكمال حياة الله عز وجل وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون في الجنة لكمال حياتهم ولأن النوم في الجنة يضيع عليك وقتاً بلا فرح وبلا سرور وبلا لذة والسرور فيها دائم فلهذا ليس فيها ليس فيها نوم ولأن النوم أخو الموت بل هو الوفاة الصغرى والجنة ليس فيها موت والحاصل أن كل صفة لله عز وجل منفية فالمراد إثبات كمال ضدها أو فالمراد لإثبات أو لثبوت كمال ضدها طيب وليس هناك نفي محض في صفات الله لماذا؟ لأن النفي المحض إيش؟ عدم عدم وليس فيه ثناء وليس فيه كمال، لأن النفي المحض والعدم لا شيء فضلا عن أن يكون كمالاً نعم ولأن النفي أحيانا يرد لكون المحل غير قابل له كما لو قلت إن هذا الجدار لا يُبصر أو لا يظلم لماذا نفيت عنه الظلم والبصر ؟
الطالب : غير قادر
الشيخ : لأنه غير قادر يقال إنه يبصر ؟
الطالب : لا
الشيخ : طيب لو حطيت له عيون؟
الطالب : ما يبسر
الشيخ : ها ما يبصر مثل حطله عيون... طيب ويظلم الجدار يظلم؟ أبد طيب رجل استند إلى جدار فسقط عليه الجدار
الطالب : ...
الشيخ : ها
الطالب : يستحق ...
الشيخ : كيف
الطالب : يستحق ما جرى له
الشيخ : يستحق
الطالب : الجدار ما ...
الشيخ : المهم لا يظلم أنت إذا نفيت الظلم عن الجدار أو الصمم أو العمى مو لكماله لكن لأنه غير قابل لذلك غير قابل لأن يكون سميعاً أو بصيرا أو ظالما واضح ولا لا؟ طيب وقد يكون النفي للذم قد يكون النفي للذم يعني تنفي عن إنسان صفة ذم تذمه بذلك ها يمكن؟ يمكن وعليه قول الشاعر:
" قبيلة لا يغدرون بذمة *** ولا يظلمون الناس حبة خردلا "
هو يمدحهم ولا يذمهم ؟
الطالب : يذمهم
الشيخ : ها
الطالب : يذمهم
الشيخ : أذواقكم الليلة فيها نظر يقول : " لا يغدرون بذمة " " لا يغدرون بذمة " اللي ما يغدر بالعهد يُحمد ولا ذم ؟
الطالب : ...
الشيخ : " ولا يظلمون الناس حبة خردل "
الطالب : لضعفهم
الشيخ : ها لضعفهم إذن هذا مدح ولا ذم؟ ذم ها
الطالب : مصغر قبيلة
الشيخ : كيف
الطالب : قبيلة
الشيخ : قبيلة ، قد تكون للمليح قال الرسول لابن عباس رضي الله عنهما وصلى الله وسلم على نبينا محمد قال : ( يا غليم ) ( يا غليم ) تمليحا وقال ابن القيم وهو يصف سماع أهل الجنة :
" واهاً لذياك السماع *** ولم أقل ذياك تصغيراً له بلساني "
نعم ثم يجيئنا رجل آخر يقول :
" لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب *** ليسوا من الشر في شيء وإن هان "
الطالب : مدح
الشيخ : ها يذمهم ولا يمدحهم؟
الطالب : يمدحهم
الشيخ : ... مدح
يجزون من سوء أهل السوء مغفرة
" يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة *** ومن إساءة أهل السوء إحسانا "
الطالب : للخوف هذا ضعف
الشيخ : لضعفهم
الطالب : نعم
الشيخ : طيب إذن لا يمكن يوجد في صفات الله نفي محض لماذا؟ لأن النفي المحض عدم محض ليس بشيء ولأن النفي قد يُراد به ها الذم ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية الشيء له فلا يكون مدحاً واضح طيب قوله تعالى: ( إني حرمت الظلم على نفسي ) قاله تعالى في الحديث القدسي : ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرما ) ها
الطالب : لكمال عدله
الشيخ : هذا لكمال لكمال عدله وإلا فهو قادر على أن يظلم لو شاء لعذب العاصي ها
الطالب : لا ...
الشيخ : لو شاء لعذب
الطالب : المطيع
الشيخ : المطيع ولكنه سبحانه وتعالى لا يفعل ذلك لكمال عدله ولهذا قال : ( إني حرمت الظلم على نفسي ) وتحريم الشيء يدل على إمكانه لولا أنه سبحانه وتعالى حرمه على نفسه
طيب المهم انتبهوا لهذه القاعدة: أنه لا يوجد في صفات الله أيش نفي محض للأوجه الثلاثة اللي ذكرناها لأن النفي المحض عدم محض ولأن النفي قد يكون للذم ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية الموضع له واضح؟
طيب في مسائل الآن
الطالب : وبعض الأعلام..
الشيخ : " وبعض الأعلام عليه دخل *** للمح ما قد كان عنه نُقل " نعم " العباس بن عبد المطلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل تدرون كم بين السماء والأرض ) " و ( هل ) هذه للاستفهام الذي يراد به أمران: التشويق والتنبيه كقوله تعالى: (( هل أتاك حديث الغاشية )) هذا تنبيه وتشويق على شيء من آيات الله الكونية (( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم )) هذا أيضاً تنبيه وتشويق على آيات شرعية والإيمان والعمل الصالح (( هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً )) هذا تنبيه وتحذير تنبيه وتحذير ، هل أنبئكم بشر من ذلكم (( من ذلك مثوبة عند الله )) كذلك تشويق والتحذير في آن واحد، فهنا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : هل تدرون تنبيها لهم وتشويقا إلى ما سيلقيه عليهم ( كم بين السماء والأرض ) كم هنا استفهامية يعني كم مسافة بينهما؟ ( قلنا الله ورسوله أعلم ) وإنما قيل الله ورسوله لأن علم الرسول من علم الله فهو الذي يُعلمه عن هذه الأمور التي لا يدركها البشر فلهذا جاز أن يؤتى بالواو ( الله ورسوله أعلم) كذلك في المسائل الشرعية يقال الله ورسوله أعلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالمسائل الشرعية وليس هذا كقوله ما شاء الله وشئت لأن هناك في باب القدرة والمشيئة ولا يمكن أن يجعل الرسول عليه الصلاة والسلام مشاركاً لله قلنا الله ورسوله أعلم طيب لو أنه وُجه لنا سؤال ... عن شيء ما هل نقول الله ورسوله أعلم ؟
الطالب : فيه تفصيل
الشيخ : فيه التفصيل إن كان في الأمور الشرعية فالله ورسوله أعلم لا شك وإن كان في الأمور الكونية فلا نقول الله ورسوله أعلم لو قلت هل سيقدم غداً زيد
الطالب : الله أعلم
الشيخ : تقول الله أعلم ما تقول ورسوله ولو قلت هل هذا حلال الله ورسوله أعلم، ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتبون على بعض الأعمال (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه )) طيب الله يرى صح لكن رسوله يرى؟ ها
الطالب : لا
الشيخ : إذا بنينا قصراً أو ما أشبه ذلك أو مشروع من المشاريع كتبنا عليه (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله )) هل الرسول جاء لهذا وشاف رأى ؟ ها
الطالب : لا
الشيخ : هذا كذب كذب صريح إلا على رأي من يقولون إن حضرة النبي عليه الصلاة والسلام تأتي ويحضر نعم كالخرافيين فهذا شيء ثاني لكن من يكتبوها لا يريدون من هذا إطلاقا وهم أبعد الناس عن الخرافة لكن يريدون أن يتزينوا بأمر ليس زينا بالنسبة لما كتبوه عليه ثم هذه الآية نزلت في من؟ في المنافقين (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة )) آيتين (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة )) المهم أن هذا لا يجوز كتابته لأنه كذب على الرسول عليه الصلاة والسلام ما رآه، نعم (قالوا: الله ورسوله أعلم قال: بينهما مسيرة خمس مائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمس مائة سنة ) خمس ما ئة مكتوبة بالألف ، ولكنها الميم مكسورة فالألف هذه كالعماد فقط والفرق بين الهمزة والتاء وإلا ما ينطق بها ولا تفتح الهمزة من أجلها ويخطيء كثير من القراء حيث يقولون : عندي مَأَة شاة وبعضهم يقول عندي مـــاءَة أكثر من هذا مـــاءَة شاة نعم في القرآن كلُنا نقرأ: (( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ )) ولا تقولون : ولبثوا في كهفهم ثلاث مــاءًة ، ها مِئَة يعني ... هذه المئة،
قال: ( خمسمئة سنة ) ( خمسمئة سنة وكثب ) أو ( كِثب كل سماء مسيرة خمسمئة سنة وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ) كم؟ خمس مئة سنة " ( والله تعالى فوق ذلك وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ) أخرجه أبو داود وغيره " وهذا دليل على العلو العظيم لله عز وجل وأنه سبحانه وتعالى فوق كل شَيء ولا يحيط به شيء من مخلوقاته أبداً لا السماوات ولا غيرها واضح؟ وعلى هذا فإن الله تعالى لا يُوصف بأنه في جهة تحيط به ، لأن ما فوق السماوات والعرش عدم ما فيه شيء حتى يقال إن الله تعالى قد أحاط به شيء من مخلوقاته وأن إثبات الجهة لله ممنوع ولهذا تجدون في كتب بعض أهل الكلام يقول أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه في جهة مطلقاً ويُنكرون العلو ظناً منهم أن إثبات الجهة يستلزم الحصر وليس كذلك لأننا نعلم أن ما فوق العرش عدم ما فيه شيء ما في مخلوقات فوق العرش ما في مخلوقات ما ثَمَّ إلا الله عز وجل ولا يحيط به شيءٌ من مخلوقاته أبداً وحينئذٍ لو سئلت: هل تثبت لله الجهة ؟
الطالب : ...
الشيخ : ففيه تفصيل:
أولاً أقول: أما إطلاق لفظها نفياً أو إثباتاً فلا أقول به ما أقول به ليش؟ ما ورد ما ورد أن الله في جهة ولا أنه ليس في جهة ولكن عند التفصيل لا بُد أن أقول إن الله تعالى في جهة العلو لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للجارية ( أين الله ) وأين يستفهم بها عن الجهة عن المكان فقالت في السماء فأثبتت ذلك فقال ( أعتقها فإنها مؤمنة ) وهذا واضح أن الاستفهام بـ أين لا يكون استفهاماً عن الذات والغريب أن أهل التحريف يقولون أين بمعنى مَن مَن الله؟ قالت في السماء يعني هو من في السماء ثم ينكرون العلو وقد رد عليهم ابن القيم رحمه الله في كتبه ومنها كتاب النونية رد عليهم وقال هذه مغالطة ، اللغة العربية ما تأتي أين بمعنى مَن أبدا وفرق بين من وبين أين إذن نقول الله تعالى في جهة لكن ليسَت جهة سُفل لوجوب العلو له عقلا وسمعاً وفطرة وليست جهة علوٍ تحيط به كذا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : لأن الله تعالى وسع كرسيه السماوات والأرض وهو موضع قدميه فكيف يحيط بالله تعالى شيء من مخلوقاته إذن هي جهة علوٍ ها لا تحيط به جهة علوٍ لا تحيط به ولا يمكن أن يُقال إن شيئا يحيط به لأننا نقول إن ما فوق العرش ها عَدم ما فيه شيء إلا الله سبحانه وتعالى وحينئذٍ لا يحيط به شيء من مخلوقاته أبداً ولهذا قال: ( والله فوق العرش ) ... فوق ذلك
ومع هذا مع علوه عز وجل هذا العلو العظيم لا يخفى عليه شيءٌ من أعمال بني آدم واعلم أن كلمة أعمال إن قُرنت بالأقوال صارت الأعمال أعمال الجوارح وإن أُطلقت شَملت أعمال الجوارح وأقوال اللسان وأعمال القلوب فقوله: ( من أعمال بني آدم ) يشمل ما يتعلق بالقلب وباللسان وبالجوارح ، كلها تسمى عملا، كلها تسمى عملا ، بل أعظم من ذلك لا يخفى عليه شيء مما يكون لبني آدم في المستقبل فضلا عن الأمر الذي وقع منهم بل يعلم عز وجل ما يكون على عباده في مُستقبل أحوالهم نعم الدليل قوله تعالى : (( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم )) (( ما بين أيديهم )) كل ما يستقبلونه (( وما خلفهم )) كل ما مضى عليهم فهو عالم بهم سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء منهم ولهذا قال فرعون لموسى : (( ما بال القرون الأولى )) ما شأنهم؟ (( قال علمها عند ربي في كتاب )) محفوظة مضبوطة (( لا يضل ربي ولا ينسى )) (( لا يضل )) لا يجهل (( ولا يَنسى )) عن ما مضى لا يجهل عن ما مضى ولا يجهل ما يُستقبل سبحانه وتعالى إذن فالله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم لماذا قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر وقدره بلفظ هل الدالة على التشويق والتنبيه؟ من أجل أن يُثبت عقيدة عظيمة أن الله تعالى فوق كل شيء بذاته وأنه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء في علمه لقوله: ( وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ) فإذا علمنا ذلك أوجب لنا تعظيمَه والحذر من مخالفته إذا علمنا أنه فوقنا سبحانه وتعالى ومن كان فوقك فهو عال عليك هو عالٍ ذلك إذا جاءك الأمر من فوق ما عاد تتمكن يكون محاطاً بك ومع ذلك فإنه فإننا نحذر من كونه سبحانه وتعالى يعلم أعمالنا ولا يخفى عليه شيء منها فإن قُلت في الحديث صفتان لله عز وجل ثبوتية وسلبية فما هي الثبوتية؟ ها
الطالب : اثبات الفوقية
الشيخ : العلو، إثبات منا نحن ، لكن العلو هي صفته اثبات العلو ما يستقيم، العلو هي صفته والإثبات منا نحن نعتقد، طيب والسلبية ؟
الطالب : ليس يخفى عليه شيء
الشيخ : ( ليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ) هذه السلبية وقد مر علينا كثيراً بأنه لا يوجد في صفات الله عز وجل صفة سلبية محضَة وصفاته السلبية يعني اللي هو النفي متضمنة لمعنى كامل يعني نفي عنه ذلك لكمال علمه لكمال علمه نُفي عنه اللغوب لكمال قوته نفي عنه العجز لكمال
الطالب : قدرته
الشيخ : قدرته كذا نفي عنه أن يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء لكمال علمه واضح؟ حينئذٍ يكون انتفاء هذه الصفات عنه لا لأنه غير قابل لها من حيث الأصل أو من حيث العقل يعني ممكن أن يلحق هذه الصفات عجز، لكن باعتبارها مضافةً إلى الخالق ها كل قدرة من حيث هي قدرة يمكن أن يلحقها عجز لكن باعتبار إضافتها إلى الخالق ها لا يمكن لا عقلا ولا سمعاً أن يلحقها شيء من النقص ولهذا إذا نفى الله عن نفسه شيئاً من الصفات فالمراد انتفاء تلك الصفة عنه لكمال لكمال ضدها لكمال ضدها (( لا تأخذُه سنة ولانوم )) السنة النعاس والنوم الإغفاء العميق لماذا؟
الطالب : ...
الشيخ : لكمال حياتِه وقيوميته نعم لكمال حياته وقيوميته لأنه لو كان ناقص الحياة احتاج إلى النوم ولو كان ينام ما كان قيوم على خلقه لأن اللي ينام معناه أن الرعية الذين تحته يلعبون كما يشاؤون ولا لا؟ إذا فرضنا أن عليكم مشرفاً هنا في المسجد ... المراجعة ترى إن تركتم المراجعة أعاقبكم فتوسد منكم الوسادة الوسادة ونام تستطيع ترك المراجعة ولا لا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : ها ليش ؟
الطالب : نام
الشيخ : لأن صاحبنا نام ، قيامه علينا ماهو جيد فلكمال حياة الله عز وجل وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون في الجنة لكمال حياتهم ولأن النوم في الجنة يضيع عليك وقتاً بلا فرح وبلا سرور وبلا لذة والسرور فيها دائم فلهذا ليس فيها ليس فيها نوم ولأن النوم أخو الموت بل هو الوفاة الصغرى والجنة ليس فيها موت والحاصل أن كل صفة لله عز وجل منفية فالمراد إثبات كمال ضدها أو فالمراد لإثبات أو لثبوت كمال ضدها طيب وليس هناك نفي محض في صفات الله لماذا؟ لأن النفي المحض إيش؟ عدم عدم وليس فيه ثناء وليس فيه كمال، لأن النفي المحض والعدم لا شيء فضلا عن أن يكون كمالاً نعم ولأن النفي أحيانا يرد لكون المحل غير قابل له كما لو قلت إن هذا الجدار لا يُبصر أو لا يظلم لماذا نفيت عنه الظلم والبصر ؟
الطالب : غير قادر
الشيخ : لأنه غير قادر يقال إنه يبصر ؟
الطالب : لا
الشيخ : طيب لو حطيت له عيون؟
الطالب : ما يبسر
الشيخ : ها ما يبصر مثل حطله عيون... طيب ويظلم الجدار يظلم؟ أبد طيب رجل استند إلى جدار فسقط عليه الجدار
الطالب : ...
الشيخ : ها
الطالب : يستحق ...
الشيخ : كيف
الطالب : يستحق ما جرى له
الشيخ : يستحق
الطالب : الجدار ما ...
الشيخ : المهم لا يظلم أنت إذا نفيت الظلم عن الجدار أو الصمم أو العمى مو لكماله لكن لأنه غير قابل لذلك غير قابل لأن يكون سميعاً أو بصيرا أو ظالما واضح ولا لا؟ طيب وقد يكون النفي للذم قد يكون النفي للذم يعني تنفي عن إنسان صفة ذم تذمه بذلك ها يمكن؟ يمكن وعليه قول الشاعر:
" قبيلة لا يغدرون بذمة *** ولا يظلمون الناس حبة خردلا "
هو يمدحهم ولا يذمهم ؟
الطالب : يذمهم
الشيخ : ها
الطالب : يذمهم
الشيخ : أذواقكم الليلة فيها نظر يقول : " لا يغدرون بذمة " " لا يغدرون بذمة " اللي ما يغدر بالعهد يُحمد ولا ذم ؟
الطالب : ...
الشيخ : " ولا يظلمون الناس حبة خردل "
الطالب : لضعفهم
الشيخ : ها لضعفهم إذن هذا مدح ولا ذم؟ ذم ها
الطالب : مصغر قبيلة
الشيخ : كيف
الطالب : قبيلة
الشيخ : قبيلة ، قد تكون للمليح قال الرسول لابن عباس رضي الله عنهما وصلى الله وسلم على نبينا محمد قال : ( يا غليم ) ( يا غليم ) تمليحا وقال ابن القيم وهو يصف سماع أهل الجنة :
" واهاً لذياك السماع *** ولم أقل ذياك تصغيراً له بلساني "
نعم ثم يجيئنا رجل آخر يقول :
" لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب *** ليسوا من الشر في شيء وإن هان "
الطالب : مدح
الشيخ : ها يذمهم ولا يمدحهم؟
الطالب : يمدحهم
الشيخ : ... مدح
يجزون من سوء أهل السوء مغفرة
" يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة *** ومن إساءة أهل السوء إحسانا "
الطالب : للخوف هذا ضعف
الشيخ : لضعفهم
الطالب : نعم
الشيخ : طيب إذن لا يمكن يوجد في صفات الله نفي محض لماذا؟ لأن النفي المحض عدم محض ليس بشيء ولأن النفي قد يُراد به ها الذم ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية الشيء له فلا يكون مدحاً واضح طيب قوله تعالى: ( إني حرمت الظلم على نفسي ) قاله تعالى في الحديث القدسي : ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرما ) ها
الطالب : لكمال عدله
الشيخ : هذا لكمال لكمال عدله وإلا فهو قادر على أن يظلم لو شاء لعذب العاصي ها
الطالب : لا ...
الشيخ : لو شاء لعذب
الطالب : المطيع
الشيخ : المطيع ولكنه سبحانه وتعالى لا يفعل ذلك لكمال عدله ولهذا قال : ( إني حرمت الظلم على نفسي ) وتحريم الشيء يدل على إمكانه لولا أنه سبحانه وتعالى حرمه على نفسه
طيب المهم انتبهوا لهذه القاعدة: أنه لا يوجد في صفات الله أيش نفي محض للأوجه الثلاثة اللي ذكرناها لأن النفي المحض عدم محض ولأن النفي قد يكون للذم ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية الموضع له واضح؟
طيب في مسائل الآن