شرح قول المصنف: " وأعظم النور وأبلغه ما يحصل للقلب بمعرفة الله، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فلابد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد بينه غاية البيان " ( الكلام على كتاب مدارك السالكين لابن القيم ) حفظ
الشيخ : قال ويقول : " وأعظم النور وأبلغه ما يحصل للقلب بمعرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله فلا بد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد بينه غاية البيان " ، وهذا صحيح لكن نحن بضاعتنا في هذا الأمر مزجاة ، ما نتصور هذا النور العظيم الذي يحصل بمعرفة أسماء الله وصفاته وأن جميع ما يحصل في الكون فإنه من مقتضى أسمائه وصفاته ، وإذا أردت أن تستبين شيئا من هذا الأمر فعليك بمراجعة كتاب " مدارج السالكين " لابن القيم رحمه الله تجد أمرا عظيما ، كيف أن الله فتح على هذا الرجل من معرفة مقتضيات أسمائه وصفاته ما يبهر العقل ، تقول سبحان الله كل هذا كائن وأنا عنه نائم ، نعم شيء عظيم يعني يظهر لك من مقتضيات هذه الأسماء العظيمة وهذه الصفات الكاملة ما لا يخطر بالبال حتى كأن الإنسان إذا راجع هذا الكلام لابن القيم وشاهد الكون كأنه يسبح ، يسبح في أمواج من النور ينسى كل شيء في الواقع ، لأنه ينظر إلى هذا الكون بمقتضى ايش؟ أسماء الله وصفاته وأفعاله فيجد العجب العجاب ، وعلى هذا قال الشاعر :
" وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه واحد "
لكن بس تحتاج إلى قلب واعي متفكر نعم نسأل الله يتوب علينا ، نحن نتفكر إذا أفطرنا وبش نتغدى وإذا تغدينا وش اللي بنأكله للعشاء نعم، وإذا رحنا من هالمجلس وين نروح المجلس الثاني ، لكن التفكر في أسماء الله وصفاته وأفعاله التي هي آياته الكونية هذا أمر يعني نحن عنه محجوبون إلا أن يشاء الله نعم ، إذن الرسول عليه الصلاة والسلام رسالته مشتملة على النور والهدى وأعظم النور ما يحصل لأيش ؟ للقلب بمعرفة أسماء الله وصفاته وأفعاله ، الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته جميع ما تحتاج إليه من أمور الدين والدنيا ، صح ؟ علم أمته جميع ما تحتاج إليه ؟ كل ما تحتاج ؟ حتى في المعاملات ؟ هاه ، حتى في المعاملات ، لكن هذا التعليم نوعان : نوع تعليم خاص في مسألة معينة ونوع تعليم عام في قواعد كلية لأن حصر جزئيات المسائل أمر غير ممكن ، ما هو غير ممكن بالنسبة إلى الله عز وجل ، بالنسبة لله الله بكل شيء عليم لكن غير ممكن بالنسبة لاستيعابه من قبل البشر ، ما ظنكم لو أنه ذكر في القرآن الكريم كل ما سيحدث في الدنيا من أمر وحكمه كم يكون القرآن من مجلدات ؟ مجلدات ما تحصر ولا يستطيع الإنسان يستوعبها ، لكن الله جل وعلا جعل الشريعة نوعين : نوعا نص على حكمه بخصوصه وهذا الشيء الذي يحتاج الناس فيه إلى بيانه بعينه ، (( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير )) (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم )) إلى آخره ، هذا واضح ، وقسم آخر عام قواعد عامة ، ما تختص بشيء معين ، يدخل فيها من الجزئيات ما لا يعلمه إلا الله ، وهذه الأخيرة هي التي يختلف فيها الناس اختلافا عظيما ، لأنها تتركز على الفهم وعلى معرفة القواعد والأصول الشرعية ، قال أبو هريرة رضي الله عنه ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ) ( نهى عن بيع الغرر ) ويش يدخل في هذه القاعدة ؟ يدخل فيها من المسائل ما لا يحصيه إلا الله ، تجي مثلا التأمينات الاجتماعية نعرف حكمها من هذا الحديث ، وقال الله تعالى في القرآن (( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام )) الميسر كلمة عامة ممكن نعرف بها كل ما يحدث من هذه المقامرات وما أشبهها ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام ( إنما الأعمال بالنيات ) ويش يدخل في هذا الحديث ؟ كل الأعمال ، كل الأعمال حتى مثلا نية التحليل في النكاح وحتى نية إبطال الشفعة في إيقاف المشفوع وغيرها ، مما لا تدرك مما لا تدرك جزئياته.