شرح قول المصنف: " وأما امتناع كتمان الحق: فلأن كل عاقل منصف عرف حال الصحابة رضي الله عنهم وحرصهم على نشر العلم النافع، وتبليغه الأمة فإنه لن يمكنه أن ينسب إليهم كتمان الحق ولا سيما في أوجب الأمور وهو معرفة الله وأسمائه وصفاته. ثم إنه قد جاء عنهم من قول الحق في هذا الباب شيء كثير يعرفه من طلبه وتتبعه " ( الفائدة من إبهام الله لأسمائه في حديث إن لله تسعا وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) حفظ
الشيخ : " وأما امتناع كتمان الحق فلأن كل عاقل منصف عرف حال الصحابة رضي الله عنهم وحرصهم على نشر العلم النافع وتبليغه الأمة فإنه لن يمكنه أن ينسب إليهم كتمان الحق ولا سيما في أوجب الأمور وهو معرفة الله تعالى وأسمائه وصفاته " ، واضح هذا ؟ إذا صار الصحابة عالمين ووصلنا إلى هذا الحد فلا بد أن يكونوا معلمين ، ما يمكن يكتمون الحق أبدا ، لا بد أن يبينوه للناس لأننا نعلم أنهم أنصح الأمة للأمة فلا بد أن يعلموا الناس .
فإذا قال لنا قائل هذا فيه نظر الكلام هذا كله فيه نظر لأننا نجهل الآن أسماء الله التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) ما بُينت لنا في الحديث ، ويش الجواب على هذا ؟ نقول أما من احتج بالحديث الذي سرد هذه الأسماء فإن هذا الإيراد لا يرد عليه ، أو لا ؟ أنتم معي أو لا ؟ لو قال قائل هذا الكلام الذي أنتم قلتم أنه لا بد أن تبين الأسماء والصفات هذا الكلام ما نقبله منكم لأننا نورد عليكم أن أسماء الله التسعة والتسعين التي من أحصاها دخل الجنة غير معينة لنا ، غير معينة ، فالجواب أن نقول من قبل الحديث الوارد في تعيينها لم يرد عليه هذا الإيراد ، ويش يقول إذا أورد عليه ؟ يقول هذه معينة هذه معينة ، الحين تفضل أسردها عليك ، ومن رأى أن الحديث هذا لا يصح وأنه مدرج من بعض الرواة تتبعها حسب علمه وسردها حسب علمه نعم، من قال بهذا قال إن الشارع ما أهملها هي موجودة في القرآن والسنة لكن المهمل أيش ؟ التعيين ، المهمل التعيين وكله الشارع إلى العباد لأجل أن يجتهدوا في طلبها وتحريها حتى يعرف بذلك من كان حريصا على إحصائها ومن لم يكن حريصا ، لأن إحصاءها ما هو هين ، ويش يحصل في إحصائها ؟ دخول الجنة ما هي هينة ، فلا بد أن يكون لهذا العوض من ثمن نعم ، لا بد أن يكون هناك ثمن نعم وهو أنه ترك هذا الأمر للناس يتطلبونه بأنفسهم لكنها موجودة في القرآن والسنة قطعا ، موجودة في القرآن والسنة التي بأيدينا قطعا ، إذ لا يمكن الرسول عليه الصلاة والسلام أن يحيلنا على أمر غير موجود ، هو أمر موجود لكن تركها لأجل أن الناس يحرصون عليها
ثم إنه والله أعلم أنه تركها أيضا مفتوحة لأجل أن يتوسع الناس في إدراك ما يدركون منها ، فمثلا قد يكون عندي أنا أعين هذا الاسم من أسماء الله وأرى أنه هو الذي دل عليه الحديث وأنت ترى اسما آخر ترى اسما آخر ، المهم أننا نأخذ من مجموع الأسماء ويش نأخذ ؟ كم ؟ تسعة وتسعين اسما ، ونحصيها ويكون ذلك سببا لدخول الجنة ، ولهذا ليس معنى ذلك معنى الحديث أننا ما نجد أكثر من تسعة وتسعين ، نجد أكثر من تسعة وتسعين ما في شك لكن من أحصى تسعة وتسعين من الموجود فإنه يدخل بذلك الجنة ، وبهذا يزول الإشكال ، بهذا يزول هذا الإيراد الذي قد يكون في قلب كل إنسان عندما يقال له إن الله تعالى ورسوله قد بين الحق في باب أسماء الله وصفاته بيانا واضحا فإذا أورد علينا هذا الإشكال أجبنا عنه بأحد هذين الجوابين :
الجواب الأول؟
الطالب : ...
الشيخ : أن من قبل حديث تعيينها أجاب به ، عينها وقال الأمر واضح ، ومن لم يقبله قال إن الله تعالى أبهمها على العباد رحمة بهم وامتحانا لهم ، رحمة بهم ليكون هذا أوسع في المجال كل يختار ما يرى من هذه الأسماء فيحصيها ويدخل الجنة ، وأيضا أبلغ في الامتحان ويش هو ؟
الطالب : ...
الشيخ : أبلغ في الامتحان في طلبها والبحث عنها حتى يعينها الإنسان لأنه لو كانت معينة لنا وقال بس اقرأ ما فيه تعب هذا ، لكن شيء مبهم في الكتاب والسنة يحتاج أن نراجع القرآن والسنة كله ، كل اللي نقدر عليه من السنة وإلا عاد القرآن الحمد لله ميسر معروف نعم ، تحتاج أن الإنسان يتتبع ويحرص وهذا لا شك أنه فيه مصلحة للعبد وفيه امتحان له ، فبهذا علم أن إخفاءها من المصلحة .
طيب لها نظير في العبادات أشياء أخفيت امتحانا للعباد ؟
الطالب : ...
الشيخ : ساعة يوم الجمعة وليلة القدر ، ساعة يوم الجمعة وليلة القدر مبهمة امتحانا للعباد ، لأنه لو عينت ما حرص الناس إلا في هذه الليلة أو في هذه الساعة وفاتهم خير كثير ، أرأيتم الآن لو كانت ليلة القدر معينة في ليلة سبع وعشرين كم يفوت الناس من قيام الليل والعمل ؟ تسع ليال تفوتهم ، وهذه مصلحة عظيمة للإنسان ، والحقيقة أننا لا نحس بهذه المصلحة في زيادة تسع ليال لنا نجتهد فيها بالعمل لا نحس بهذه المصلحة إلا إذا حضر الأجل ، إذا حضر الأجل قال الإنسان ليتني عملت ، الآن كل شيء برخا كل شيء برخا نعم الدراهم موجودة كثيرة أكياس ، ما يهم الواحد يأخذ ريال ويرميه ، لكن كلما قلت الدراهم كانت كانت أغلى ، ونحن بالعكس الله يخلف علينا كلما زدنا في السنين هان علينا ضياع الأيام ، لكن إذا انتهت الدراهم ويش يقول الواحد ؟ يا ليتني، ليتني محتفظ بالدراهم ليتني ما ضيعتها ، هكذا الله حكيم جل وعلا يشرع لعباده هذه الأمور ويخفيها لمصلحتهم ، وفي نفس الوقت امتحانا للعباد ، الإنسان اللي حريص يقول يا رخص عشرة عشر ليال في ليلة خير من ألف شهر ، أو لا ؟ والإنسان الكسلان يقول والله ما بقادر ... عشر ليال أسهر ، نعم ما هو لازم ، ففيها امتحان وفيها رحمة في نفس الوقت.
فهذه المسائل الدقيقة ينبغي للإنسان أنه يتأملها في شرع الله عز وجل وأن لله تعالى الحكمة البالغة في كل ما شرع ، لكن منها ما هو معلوم لنا وما هو مجهول لنا.