مراجعة ما قد سبق من الكلام على الباب الثالث في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته . حفظ
الشيخ : ... أولا اعلم أن أهل السنة كما قال المؤلف هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بها ظاهرا وباطنا في القول والعمل والاعتقاد ، هؤلاء هم أهل السنة ولهذا سميناهم أهل السنة والجماعة أهل السنة والجماعة ، والجماعة في الأصل هو الاجتماع في اللغة العربية معناه الاجتماع ، ولكنه نقل من هذا المعنى إلى القوم المجتمعين إلى القوم المجتمعين، إذن أهل السنة والجماعة هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا سميناهم أهل السنة لأخذهم بالسنة وأهل الجماعة لاجتماعهم عليها ، بهذا التقرير أو بهذا التعريف لأهل السنة والجماعة نعرف أنه لا يدخل فيهم الأشاعرة ولا الماتريدية ، وإن كان بعض الناس يحاول أن يدخل هاتين الطائفتين في أهل السنة والجماعة ، ونحن نقول هم ليسوا من أهل السنة والجماعة فيما يذهبون إليه في أسماء الله وصفاته وغيرهما مما خالفوا فيه السلف ، السلف من أهل السنة والجماعة والا لا ؟ هم أصل أهل السنة والجماعة السلف هم أصل أهل السنة والجماعة ، والخلف هم الخالفون كما قال شيخ الإسلام المخالفون للسلف ، فهؤلاء هم أهل السنة والجماعة لا بد أن يكونوا عاملين آخذين بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام والعمل بها ظاهرا وباطنا ، ظاهرا في أعمال الجوارح وباطنا في أعمال القلوب ، ظاهرا فيما يظهر للناس وباطنا فيما يخفى على الناس ، مفهوم ؟ فالمراءون إذن لم يحققوا أن يكونوا من أهل السنة والجماعة ، لأن أهل السنة والجماعة عندهم من الإخلاص لله عز وجل والمتابعة ما هو على أكمل الوجوه .
طيب "في القول والعمل " اعلم أن العمل إذا أفرد عن القول شمل القول ، إذا أفرد شمل القول وأما إذا قرن معه فإنه يختص بالفعل الذي هو قسيم القول ، ولهذا نقول في الصلاة هي أقوال وأفعال فأنت إذا أردت التقسيم تقول أقوال وأفعال والكل تشمل يشملها أنها أعمال ، فالعمل إذن يشمل القول والفعل ، أما عن التقسيم فنقول إن الفعل قسيم القول .
وأما الاعتقاد فهو عقد القلب على الشيء وتصديقه به وإقراره به فهؤلاء هم أهل السنة والجماعة ، طريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي ، والأسماء والصفات فيها إثبات وفيها نفي وفيها ما سكت عنه ، فما ورد إثباته فطريقتهم فيه أنهم يثبتونه ، يثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه إما في القرآن وإما في السنة ، فمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ) هذه الصفة غير موجودة في القرآن ، أو لا ؟ وقوله ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخلان الجنة ) الضحك ليس موجودا في القرآن ، لكن يجب أن يؤمَن به كما يؤمن بما في القرآن ، ولهذا لما ( جاءت امرأة إلى ابن مسعود رضي الله عنه وقالت إني فتشت المصحف من فاتحته إلى خاتمته فما وجدت أن المرأة المستوشمة والنامصة والمستوشرة أنها ملعونة في القرآن ، والرسول عليه ... يقول لعن الله الواشمة والمستوشمة ، أين ذلك في القرآن ؟ فقال هو في القرآن (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) ) فالذي ثبت في السنة يجب الإيمان به كما يجب الإيمان بما في القرآن ، ولا يمكن لإنسان أنكر شيئا من السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعي أنه مؤمن بالقرآن أبدا ، لأنه يكون كافرا به ، إذ أن الله يقول (( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله )) وهل المنكر لشيء مما ثبت عن الرسول مؤمن بالرسول ؟ لا ، إذن لم يكن مؤمنا بالقرآن ، لم يكن مؤمنا بالقرآن ، فما ثبت في القرآن والسنة من أسماء الله وصفاته وجب علينا أن نثبته من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، هذه العبارة هي التي عبر بها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتبه ، وقد يكون غيره ممن سبق عبر بها ولكنه رحمه الله لما ناظروه لما كتب " العقيدة الواسطية " عقدوا له مجالس مع ولاة الأمور يناقشونه فيها ، قالوا " ليش أنك تقول من غير تحريف ؟ " وهم يعرفون أن قوله من غير تحريف لإبطال قول أهل التأويل الذين يؤلون الصفات ، قال " إنني اخترت التحريف لأنه هو الموجود في القرآن (( يحرفون الكلم عن مواضعه )) أما التأويل فإن التأويل الموجود في القرآن حق "، لأن التأويل الموجود في القرآن والسنة دائر بين معنيين لا ثالث لهما وهما: التفسير أو الحقيقة التي يؤول إليها الشيء ، وهذا لا يمكن أن أنفيه لا يمكن أن أقول من غير تأويل ، إذا قلت من غير تأويل معناه لا يفسر أو معناه لا حقيقة له ، فأنا قلت من غير تحريف لأن هذا أي صرف اللفظ عن ظاهره بدون دليل يعتبر تحريفا من تحريف الكلم عن مواضعه ، ولا شك أن كلمة تحريف أشد وقعا على أهل التأويل من كلمة تأويل ، أليس كذلك ؟ لأنه قد يقبل أن تقول أنت مؤول لكن لا يقبل أن تقول أنت محرف نعم ، " ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل " وهذه المعاني لا نشرحها لأن لها شرح في الكتاب نفسه ، أما في النفي فطريقتهم نفي ما نفى الله عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نعم، مع اعتقادهم ثبوت كمال ضده ، أهل السنة والجماعة يؤمنون بما نفى الله عن نفسه فينفونه عنه ، لكن هل هم يقتصرون على مجرد النفي ؟ لا ، بل هم ينفونه لكمال ضده عندهم ، فقوله تعالى (( ولا يظلم ربك أحدا )) ليس معناه أنه لا يظلم فقط ، لكن لا يظلم لماذا ؟ لكمال عدله ، (( وما مسنا من لغوب )) هاه ؟ ما مسه من تعب وإعياء لكمال قوته ، (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض )) لكمال
الطالب : قدرته
الشيخ : نعم ، ونزيد أيضا علمه وقدرته ، لأن الله قال (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا )) لأن العاجز تفوته القدرة لأحد سببين : إما لعدم علمه وإما لعدم قدرته ، فلو جاءنا رجل عامي من السوق وقلنا له يلا أصنع لنا سيارة ... اصنع لنا سيارة ، قال والله ما أقدر ، لماذا ؟ لأنه جاهل ، لا يقول أنا أقدر جيبوا لي بس مسامير ... ، هو يقدر يركب لكن ما يدري شلون يركب نعم، يمكن يحط الدركسون عجلة كفر تمشي عليه السيارة مثلا ، فهذا الرجل لا يقدر لماذا ؟ لعدم علمه نعم، لكن جئنا لواحد مهندس جيد جدا في صناعة السيارات لكن وجدناه مريض قلنا له يلا قم اصنع السيارة يقول ما أقدر عاجز لعدم قدرته ، ولهذا قال الله عز وجل (( إنه كان عليما قديرا )) طيب (( وما الله بغافل عما تعملون )) بغافل هذه نفي لماذا ؟ لكمال علمه ومراقبته نعم، فعلى كل حال كل ما نفى الله عن نفسه من الصفات أو نفاه عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فإنما ذلك لكمال الضد لا لمجرد النفي نعم، قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ) لماذا ؟ لكمال حياته وكمال قيوميته ولهذا قال عز وجل (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم )) لأن اللي تأخذه السنة ناقص الحياة وناقص القيومية ، إذا نام من الذي يقوم على عباده ؟! نعم ولهذا لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم.