تتمة شرح قول المصنف: ".. ثالثاً: فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم، والحيز والجهة ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك، وأما معناه فيستفصلون عنه، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه " ( معنى قوله: " ونحو ذلك " كلفظ الجوهر والعرض ) حفظ
الشيخ : قال : " أما القسم الثالث ما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه " ، كلفظ الجسم لاحظوا أن لفظ الجسم ما ورد إثباته لله ولا نفيه عنه لماذا ؟ لأنه ليس كمالا محضا ولا نقصا محضا ، وكذلك الجهة ما ورد أن الله في جهة أو أن الله جهة لا نفيا ولا إثباتا ، السبب ؟ لأنها ليست كمالا محضا ولا نقصا محضا ، لو كانت نقصا محضا لورد نفيها أو كمالا محضا لورد إثباتها ، لكن جاء بدل الجهة العلو ، العلو كمال محض فأثبته الله لنفسه .
كذلك الحيز هل الله في حيز مثلا ؟ هل الله متحيز ؟ هذه الكلمات الثلاث أكثر ما يدندن أهل التعطيل عليها ، يقول لك مثلا إذا أثبت أن الله مستوٍ على العرش استواء حقيقيا بمعنى العلو عليه لزم من ذلك التمثيل ، كيف ؟ قال لأنه يلزم من إثبات الاستواء الحقيقي إثبات أن يكون جسما والأجسام متماثلة ، وأحيانا يقولون لا يوصف لا يتصف الشيء بالصفات إلا إذا كان جسما والأجسام متماثلة ، شوف هالقضية الكاذبة هذه ! نعم هذه القضية كاذبة في مقدمتيها جميعا ، فمثلا يقولون لا يوصف بالصفة إلا ما هو جسم حق والا لا ؟ ليس بحق ، بل توصف الأعراض كما توصف الأجسام - صل ركعتين كان إنك على وضوء ، صل ركعتين - تقول مثلا هذا يوم طويل وهذا حر شديد وهذا مرض مزمن وما أشبه ذلك وهي أعراض والا أجسام ؟
الطالب : أعراض
الشيخ : أعراض أعراض، ووصفت بالصفة ، وكذلك أيضا قولهم إن الأجسام متماثلة هذا صحيح ؟ هذا أيضا كذب فهي مختلفة في أحجامها وأشكالها وفي ذواتها أيضا ، إذا قبضت على الحديد انضغط ، لا ؟
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم ، وإذا قبضت على العجين ؟ انضغط ، هل تساوت الأجسام ؟ ما تتساوى ، فهم يلبسون على العامة ، على عامة الناس ، عامة الناس ما يعرفون ، يلبسون عليهم بمثل هذه العبارات ، يقول الله جسم إذا قلت أن الله جسم لازم تماثل الأجسام فتكون ممثلا ، كذلك الله في حيز كيف الله في حيز؟ معناه أن الأشياء تحيط به وهذا غير صحيح .
فمثل هذه العبارات نقول فيها ما موقفنا نحن منها ؟ نقول لو سكت الناس عنها لكان الأوفق بنا أيش ؟ أن نسكت ، لكن إذا خاض فيها الناس فلا بد لنا من دخول الميدان ، فلا نترك المجال لهؤلاء يلعبون كما يشاءون ، نقول والله هذه ألفاظ ما جاء بها النص ما نحن قائلين فيها شيء ، هذا خطأ ، بل إننا إذا اضطررنا إلى الكلام تكلمنا .
شوف الآن في أشياء أدخلها الناس بعد الصحابة كله من أجل دفع الباطل ، لو لم يتكلم فيها الناس ما تكلمنا فيها ، القرآن كلام الله صح ؟ وورد في القرآن أنه كلام الله ، منزل ؟
الطالب : نعم
الشيخ : صحيح وورد في القرآن أنه منزل ، غير مخلوق ؟ ما ورد لا في القرآن ولا في السنة ولا عن الصحابة ، وقيل " للإمام أحمد يا أبا عبد الله غير مخلوق كيف ؟ قال انهم إذا قالوا مخلوق لا بد أن نقول نحن غير مخلوق " ، لا بد أن نقول ، فإذا أوجدوا مثل هذه الأشياء فلا بد أن ندخل المعترك معهم لنبين الحق ، ما ندع المجال ساكتين لأننا لو سكتنا لانتصروا علينا ، ولهذا الذين يقولون أن مذهب أهل السنة والجماعة هو التفويض المحض وعدم الخوض في المعنى استطال عليهم الملاحدة ، ويش قالوا ؟ قالوا إذا كان أنكم لا تفهمون المعنى فأنتم من العوام ، اجلسوا في ... حنا اللي نفهم المعنى ، المراد كذا وكذا وراحوا يفصلون ، لأن الذي يعلم المعنى خير من الذي يجهل عامي ، فالحاصل اقول الذي لم يرد إثباته أو نفيه ماذا نقول فيه ؟ نقول كالجسم والحيز والجهة ونحو ذلك ، نحو ذلك مثل كلمة عرض هل الله جوهر والا عرض؟ ، هل هو جسم وهل هو كذا ، كل هذه ما وردت ، ليس لنا حق أن نثبتها لماذا ؟ لأنها لم ترد وهي أمور غيبية ما يوجد لها نظير ، ولا يحل لنا أن نتكلم فيها لأننا لو تكلمنا لكنا قلنا ما لا نعلم ، فنسكت ، ولهذا عابوا على السفاريني رحمه الله قوله : " وليس ربنا بجوهر ولا عرض ولا جسم تعالى ذو العزة " نعم، إذن ماذا نقول فيها ؟ نقول التوقف في لفظها ما نثبته ولا ننفيه.
، فإذا قال لنا قائل هل تقولون إن الله جسم ويش نقول ؟
الطالب : ...
الشيخ : نقول ما اقول شيء ، هل إن الله ليس بجسم ؟ ... اتوقف ، ما تلزمني أن أقول جسم أو أنه غير جسم لأنه ما ورد ، لكن المعنى لا بد أن نستفصل ، فلا يثبتونه لعدم وروده وأما معناه فيستفصلون عنه فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه ، إن أريد به باطل ينزه الله عنه ، ترى كلمة ينزه هذه صفة كاشفة وليست صفة مانعة ، ما أدري هذا البحث جديد والا قديم ؟
الطالب : ...
الشيخ : صفة كاشفة ، الصفة الكاشفة تكون كالعلة لما سبقها تكون كالعلة لما سبقها، ولا يقصد أن تكون مخرجة ومقيدة ، مثال ذلك ... (( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم )) طيب ربنا الذي لم يخلقنا ما نعبده ؟
الطالب : ...
الشيخ : ما لنا رب لم يخلقنا ، إذن الذي خلقكم يسميها العلماء صفة كاشفة أي موضحة للمعنى فهي موضحة لمعنى الرب ، (( ربكم الذي خلقكم ))، إن معنى الرب الذي خلقنا فتكون كالتعليل لما سبق .
طيب اللي معنا الآن إن أريد به باطل ينزه الله عنه ، هل هناك باطل لا ينزه الله عنه ؟ لا ، كل باطل فإن الله ينزه عنه ، إذن فهذا التعبير باطل ينزه الله عنه نقول كلمة ينزه الله عنه صفة كاشفة أي مبينة لأن كل باطل فإن الله منزه عنه
السائل : هل يقال بالأغلبية ...
الشيخ : ... لكن الأغلب هي غيرها ، قال " ينزه الله عنه ردوه " ، هاه ؟
السائل : ...
الشيخ : الصفة المانعة ، نعم إذا قلت مثلا أكرم الطلبة المجتهدين كلمة المجتهدين صفة مانعة تمنع غير المجتهد من دخولها ، أي نعم ، طيب إن أريد به حق قبلوه وإن أريد به باطل ردوه.