شرح قول المصنف:" وذلك أن النفي لا يدل على الكمال حتى يكون متضمناً لصفة ثبوتية يحمد عليها، فإن مجرد النفي قد يكون سببه العجز فيكون نقصاً كما في قول الشاعر: قبيله لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل " حفظ
الشيخ : ولهذا يقول : " وذلك أن النفي لا يدل على الكمال حتى يكون متضمنا لصفة ثبوتية يحمد عليها -نعم- ، فإن مجرد النفي " ، طيب النفي المحض لا يدل على الكمال حتى يستلزم صفة ثبوتية مثل ما قلنا ، وذلك لأن " مجرد النفي قد يكون سببه العجز فيكون نقصا ، كما في قول الشاعر :
قُبيّلة لا يغدرون بذمة *** ولا يظلمون الناس حبة خردل "

هذا مدح أو ذم ؟ هذا ذم لأنه يقول لا يغدرون بذمة ، اللي ما يغدر مؤمن لأن من علامات النفاق الغدر ومن علامات الإيمان عدم الغدر ، لكن هنا ما يريد أنهم لا يغدرون لكمال وفائهم ، لو أراد لا يغدرون لكمال وفائهم لكان مدحا لكن لا يغدرون لعجزهم ما يقدرون يخالفون نعم، كذلك لا يظلمون الناس حبة خردل لا يظلمون الناس حبة خردل ، لماذا ؟ للعجز عن الظلم وإلا لو حصل لهم ظلموا لكنهم عاجزون ، فهل نقول الآن هذا النفي يستلزم مدحا ؟ لا ، أما الرب عز وجل فإنك إذا قلت إن الله لا يغدر فالمعنى لكمال وفائه ، قال الله تعالى (( ومن أوفى بعهده من الله )) نعم وإذا قلت إنه لا يظلم فهو لكمال عدله لا لأنه غير قادر فالله سبحانه وتعالى قادر أن يظلم لو شاء لكنه عز وجل كامل العدل فلا يمكن أن يظلم . نعم
والعجيب أن بعض البادية ولا سيما في الزمان الأول يرون أن الظلم كمال يرون أن الظلم كمال ، وأن من لا يظلم فهو ناقص وجبان ، حتى إن الرجل إذا خطب منهم قالوا تعال هل غار على قوم فأخذ إبلهم أو غنمهم ؟ إن قالوا نعم قالوا خلاص نزوجه على طول وإن قالوا لا ترددوا في قبول خطبته نعم ، لأنهم يرون أن اللي ما يفعل هذا معناه أنه جبان وذليل ما يقدر ... أي شيء ، وعلى هذا يحمل هذا البيت لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل ، العهد الذمة العهد نعم.