شرح قول المصنف: " الأول: القطعيان: وهما ما يقطع العقل بثبوت مدلولهما، فالتعارض بينهما محال، لأن القول بجواز تعارضهما يستلزم إما وجوب ارتفاع أحدهما وهو محال، لأن القطعي واجب الثبوت، وإما ثبوت كل منهما مع التعارض وهو محال أيضاً، لأنه جمع بين النقيضين. فإن ظن التعارض بينهما فإما أن لا يكونا قطعيين، وإما أن لا يكون بينهما تعارض بحيث يحمل أحدهما على وجه، والثاني على وجه آخر، ولا يرد على ذلك ما يثبت نسخه من نصوص الكتاب والسنة القطعية، لأن الدليل المنسوخ غير قائم فلا معارض للناسخ " حفظ
الشيخ : " الأول القطعيان وهما ما يقطع العقل بثبوت مدلولهما " ، ما يقطع العقل قطعا لا احتمال فيه بثبوت مدلولهما ، " فالتعارض بينهما محال " ، إذن لا تعارض بين دليلين قطعيين هذا شيء مستحيل ، وجه الاستحالة " لأن القول بجواز تعارضهما يستلزم - واحدا من أمرين وكلاهما محال : - يستلزم إما وجوب ارتفاع أحدهما وهو محال " ، كيف محال ؟ لأنّا نقول قطعيين نقول إنهما قطعيان فإذا كان تعارضهما يستلزم ارتفاع أحدهما معناه أنه يستلزم ارتفاع أمر قطعي وهذا شيء مستحيل ، وهو محال " لأن القطعي واجب الثبوت " ، الأمر الثاني الذي يستلزمه " وإما ثبوت كل وإما ثبوت كلٍ منهما مع التعارض وهو محال " ، مثل أن يكون أحدهما دالا على أن هذا أبيض والثاني دال على أنه أسود هل يمكن أن يجتمعا على ذلك ؟ لماذا ؟ " لأنه جمعٌ بين النقيضين " ، وعلى هذا فالتعارض بين دليلين قطعيين أمر مستحيل نعم ، طيب " فإن ظُن التعارض بينهما " ، قد يرد على الذهن أنهما متعارضان وهما قطعيان فماذا نصنع ؟ " إن ظن التعارض بينهما فإما أن لا يكونا قطعيين " ، وإذا لم يكونا قطعيين فالتعارض بينهما قائم ، فأكون أنا ظننت أنهما قطعيان وهما في الحقيقة غير قطعيين هذا أمر ممكن أن يكون ، " وإما أن لا يكون بينهما تعارض - ولكن أنا ظننت التعارض والواقع أن لا تعارض - بحيث يحمل أحدهما على وجه والثاني على وجه آخر " ، وإذا صح أن يحمل أحدهما على وجه والثاني على آخر فهل هناك تعارض ؟ لا .
طيب يقول : " ولا يرد على ذلك ما يثبت نصه - أو ما ثبت عندكم ؟- ما يثبت نصه من نصوص الكتاب والسنة القطعية لأن الدليل المنسوخ غير قائم فلا معارض للناسخ " ، في مثلا نصوص قطعية موجودة ومتعارضة لكن أحدها منسوخه ، مثل قوله تعالى (( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون )) هذا نص قطعي والا لا ؟ قطعي محدد بعدد ، جاءت الآية التي بعدها (( فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين )) قطعي هذا في دلالته والا لا ؟ قطعي في دلالته ، مناقض للأول والا غير مناقض ؟ مناقض ، إذن كيف نعمل ؟ نقول لأن الثاني ناسخ ، لأن الله قال (( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين )) فتبين الآن أن الثاني ناسخ للأول ، حينئذٍ يكون الثاني قائما وليس له معارض ليس له معارض ، لأن النص المنسوخ قد نسخ حكمه وألغي ، فحينئذٍ لا يكون للناسخ معارض معارض فلا يقع التعارض ، فالقاعدة إذن سليمة كل قطعيين فإنه لا يمكن التعارض بينهما ، أو لا ؟ لماذا ؟ لأن القول بجواز التعارض يستلزم إما ارتفاع أحدهما وإما اجتماعهما وكلاهما محال ، أما ارتفاع أحدهما فمحال لأنه قطعي وأما اجتماعهما فمحال لأنه جمع بين النقيضين ، ولا يرد على هذا النسخ لما علمت ، لكن لو فرض أن الإنسان أبى إلا أن يكون بينهما تعارض وهما قطعيان ولم يتوصل إلى جمع فإننا نقول هذا إصرار خاطئ والواجب عليك إذا لم تعلم الجمع وأنك ما زلت مصرا على التعارض أن تقول آمنت بالله ورسوله وأن لا تعتقد هذا التعارض.