الرد على نفات الصفات ( الرد العقلي ) حفظ
الشيخ : أن يكون مجازا.
طيب، بماذا نرد عليهم بالطريق العقلي؟
نرد عليهم بالطريق العقلي من وجهين :
الوجه الأول : أن نقول : هب أن العقل لا يدل على ما نفيتم من الصفات، هب أن العقل لا يدل على ما نفيتم من الصفات فإن السمع دل عليه، فيجب إثباته، لأن انتفاء الدليل المعين لا يلزم منه انتفاء المدلول، لأن الشيء قد يكون له أدلة متعددة، فانتفاء دليل واحد عنه لا يعني أنه انتفى أو لا؟
الوجه الثاني : أن نقول : إنه يمكن إثبات ما نفيتم بطريقة العقل على الوجه الذي ذكرتم فيما أثبتموه.
فأنتم ذكرتم أن التخصيص يدل على الإرادة، ونحن نقول : إن إثابة الطائعين يدل على المحبة، والانتقام من المجرمين يدل على البغض والكراهة، والإنعام المتواتر على الأمم يدل على الرحمة ولا لا؟
وأيما أدل على الصفة: الإنعام المتواتر على العباد من نزول المطر ونبات الأرض وزوال النقم، أيما أبلغ دلالة هذه الأشياء على الرحمة أو دلالة التخصيص على الإرادة؟
الأول أبلغ وأبين وأظهر، لأن الأول حتى العامي في السوق لو تقول له: المطر هذا من آثار ايش؟ ويش يقولك؟ من آثار رحمة الله، ودليل على ايش؟ على رحمة الله بعباده، ولا لا؟
لكن لو تجي للعامي تقول تعال: السماء والأرض والنجم والشمس ويش يدل عليه؟ يقول : على القدرة، في الحقيقة يقلك على القدرة لأنو ما حد يقدر يصنع مثلها، لكن هل يدري أنها دليل على الإرادة، ولا ما يدري؟ أبدا ما يدري. فالحاصل أننا نرد على هؤلاء بمثل ذلك، والمقام ما هو مقام، لكن على سبيل التمثيل.
أما المعتزلة والجهمية، المقتصدون من الجهمية بعد، يقولون: إن الله تعالى لا يمكن أن يوصف بصفة ثبوتية أبدا، لأنك إذا أثبت له صفة ثبوتية شبهته بالموجودات.
فنقول لهم: وإذا وصفتموه بالصفات العدمية شبهتموه بماذا؟ بالمعدومات.
فتكايس بعضهم، وقال: أنا أنفي عنه الأمرين، لا أثبت ولا أنفي، لا أقول إن الله موجود ولا معدوم، ولا سميع ولا أصم ولا أبكم ولا متكلم، نعم، ولا أعمى ولا بصير، ويش يصير هذا؟ ها؟
نقول: الآن شبهته بالممتنعات، ها؟ يمتنع أن يكون الشيء لا موجودا ولا معدوما، فالشيء إما موجود ولا معدوم، يمتنع أن يكون لا سميعا ولا بصيرا.
قال: أما قولك لا سميعا ولا بصيرا، فليس بممتنع، يوجد شيء لا سميع ولا بصير، وهو ما لا يقبل السمع والبصر، مثل: الجدار، والله هذا عندي جدار ما هو بسميع ولا بصير، يصلح ولا لا؟ يصلح، لأن نفي النقيضين عما ليس بقابل لهما ممكن أو لا؟
طيب، نقول له: أولا إن قولك إن هذا لا يقبل أو يقبل هذا اصطلاح فقط عندك أنت، وإلا فإن الله تعالى قال في الأصنام : (( أموات غير أحياء )) ومعلوم أن الصنم جماد، الصنم جماد، عندك لا يقبل الحياة ولا الموت، ووصفه الله تعالى بأنهم أموات غير أحياء بعد.
فهذا قولك قابل وغير قابل هذا اصطلاح اصطلحته أنت وليس هو الواقع الموافق لما تقتضيه اللغة العربية.
وإذا سلمنا جدلا لك، وقلنا: إنه يمكن أن يكون الشيء لا سميعا ولا أصم، إذا كان غير قابل للاتصاف بهما، ولكن ما قولك في الوجود والعدم؟ أنت تقول : إني ما أصف الله بالوجود ولا بالعدم، والوجود والعدم متقابلان تقابل السلب والإيجاب، لا تقابل الملكة والعدم أو لا؟ ها؟ والمتقابلان تقابل السلب والإيجاب لا بد من وجود أحدهما عقلا، فلا يمكن أن تنفي عن الشيء أنه لا موجود، يعني لا يمكن أن تصف الشيء أنه لا موجود ولا معدوم أبدا، بل لا بد أن يكون إما موجودا وإما معدوما، كما لو قلت هذا الشيء ليس ساكنا ولا متحركا يمكن هذا ولا لا؟ ما يمكن.
فالمتقابلان تقابل السلب والإيجاب لا يمكن رفع أحدهما أبدا. صحيح المتقابلان تقابل العدم والملكة يمكن أن ينفيا جميعا، كما لو قلنا في الجدار إنه لا سميع ولا أصم.
الحاصل: إن النفاة في الحقيقة أمرهم عجيب، والغريب أنهم يسمون أنفسهم اه؟ بالفلاسفة والعقلاء والحكماء، يسمون أهل السنة والجماعة أو السلف يسمونهم الحشوية والنوابت والغثاء، نعم، والسطحيين وما أشبه ذلك، ما عندهم العمق الي عند هؤلاء.
ومعلوم أن الإنسان يبي يدعي لنفسه مرتقى صعبا، ويدعي لغيره نزولا، كل إنسان يفعل هذا، لكن الكلام على الحقائق.