شرح قول المصنف: " 3- تمسك بألفاظ مشتركة بين معان يصح نسبتها إلى الله تعالى: ومعان لا يصح نسبتها إليه مثل: الجسم والحيز " حفظ
الشيخ : قال : " الثالث : تمسك بألفاظ مشتركة بين معان يصح نسبتها إلى الله تعالى ومعان لا يصح نسبتها إليه ". يأتون بألفاظ مشتركة تدل على معنى يصح لله، وعلى معنى لا يصح له، فينفون ذلك، وما دام الإنسان يعقل بأن هناك معنى في هذا اللفظ يجب نفيه عن الله فإذا جعلوا الأمر مبنيا على نفي هذا المعنى قبلوه.
مثال ذلك الجسم، يقولون : إن الله تعالى ليس له جسم، ويريدون بذلك أن ينكروا علو الله بذاته ونزوله بذاته ويده ووجهه وعينه وقدمه وساقه، وما أشبه ذلك.
يقولون: كل هذه تدل على أن الله جسم والله تعالى منزه عن الجسمية.
عندما يأتيك هذا الكلام لأول وهلة تقول: هؤلاء هم الذين نزهوا الله تعالى عن النقص، قالوا: ليس بجسم، ولكن الحقيقة أنهم هم الذين جعلوا الله لا شيء، جعلوا الله لا شيء، وإنما جعلوه معنى معقولا يدرك بالخيال فقط.
ونحن نقول لهم كما سبق: إن عنيتم بالجسم الجسم المركب الذي يفتقر بعضه إلى بعض في التركيب والقيام فهذا اه؟ منتف عن الله، ولا نثبته لله تعالى جسما بهذا المعنى.
وإن أردتم بالجسم القائم بنفسه المتصف بما يستحقه من الصفات، الذي له أفعال تحت مشيئته وإرادته، فهو يأخذ ويرضى ويغضب ويضحك ويستوي ويجيء وينزل، إن أردتم بالجسم هذا المعنى فهو ايش؟ فهو حق، ومع هذا لا نطلق لفظ الجسم لا نفيا ولا إثباتا، ما نقول: إن لله جسما ولا نقول إنه ليس له جسم، هذا باعتبار اللفظ، أما باعتبار المعنى فيجب أن نستفصل، إن أردنا بالجسم المعنى الأول فهذا ممتنع على الله، وإن أردنا بالجسم المعنى الثاني أنه ذات مقدسة تقوم بها الأفعال وله يد ووجه وعين وما أشبه ذلك فهو ايش؟ حق، بل واجب، يجب علينا أن نعتقد ذلك.
ولكن يجب علينا أن نحذر من تخيل هذه الذات، يجب علينا أن نحذر، لأنك مهما تخيلت فإنك لن تدرك هذا، إذا كان الله تعالى لا يدرك بالقوى الحسية فكيف يدرك بالقوى المعنوية العقلية؟! قال الله تعالى : (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) وقال تعالى : (( ولا يحيطون به علما )).
فإياك أن تتخيل أن الله تعالى على جسم معين تقدره، لأن هذا يؤدي بك إلى مفاوز تعجز عن الخلاص منها، ولكن أنت تؤمن بأن الله عز وجل له ذات مقدسة عظيمة، أما أن تتصور لها كيفية معنية، فهذا لا يجوز.
كذلك الحيز، الحيز، هل تقول : إن الله تعالى له حيز؟ أو لا؟ هم يقولون : إنك إذا أثبت أن الله فوق عرشه بذاته لزم من ذلك التحيز، لزم من ذلك التحيز، والتحيز ممنوع، لأنه يقتضي أن يكون الله محصورا، والله تعالى واسع عليم، فيجب أن تنكر علوه بذاته لئلا تقع في هذه الشبهة.
وسبق لنا أن قلنا: إن الحيز اه؟ إن أريد به أن الله تحوزه المخلوقات وتحيط به فهذا باطل، كيف يمكن هذا وقد وسع كرسيه السماوات والأرض؟ وكرسيه موضع القدمين.
وإن أريد بالحيز أنه منحاز عن الخلائق بائن منها، فهذا؟ هذا حق وصحيح. ومع هذا لا نطلق هذا اللفظ لا نفيا ولا إثباتا، لأنه لم يرد في الكتاب والسنة إثباته لله ولا نفيه عنه، فعلينا أن نتأدب وأن لا نتقدم بين يدي الله ورسوله، لكن مع هذا لا يمكن أن نتخذ من نفي هذا الاسم، نعم؟ نفي ما وصف الله به نفسه من الأفعال والصفات.
طيب، نحن: لا نقول بالحيز، ولا نقول بعدم الحيز؟ لا لا، شوف العبارتين: هل نحن نقول بعدم الحيز أو لا نقول بالحيز؟
الطالب : الأخير.
الشيخ : اه، لا نقول بالحيز على سبيل الإطلاق، لأننا لو قلنا بعدم الحيز لكنا قد نفيناه، ففرق بين أن يقول الإنسان بالنفي، وبين أن ينفي القول.
انتبهوا لهذه النقطة، نفي القول ليس قولا بالنفي، فأنا لا أقول إنه حيز، بخلاف إذا ما قلت: أقول إنه ليس بحيز، واضح يا جماعة؟
إذن لو سألت: هل أنت تقول بنفي الحيز أو لا تقول بالحيز؟ اه؟ لا أقول بالحيز، لأنه فرق بين نفي القول، وبين القول بالنفي، نعم، طيب.