شرح قول المصنف: " وهؤلاء هم أكثر الناس اضطراباً وتناقضاً، لأنهم ليس لهم قدم ثابت فيما يمكن تأويله وما لا يمكن، ولا في تعيين المعنى المراد. ثم إن غالب ما يزعمونه من المعاني يعلم من حال المتكلم وسياق كلامه أنه لم يرده في ذلك الخطاب المعين الذي أولوه " حفظ
الشيخ : طيب يقول المؤلف رحمه الله : " وهؤلاء هم أكثر الناس اضطراباً وتناقضا، لأنهم ليس لهم قدم ثابت فيما يمكن تأويله وما لا يمكن ولا في تعيين المعنى المراد ". صح.
هؤلاء أكثر الناس اضطرابا لأنه ما لهم قدم ثابت في الذي يمكن تأويله والذي لا يمكن. ولهذا تجد بعضهم ولا سيما الأشاعرة أثبتوا شيئا من الصفات وأنكروا شيئا، لأنهم يقولون هذا يمكن تأويله وهذا لا يمكن. وكذلك أيضا المعتزلة اضطربوا فمنهم من أنكر الصفات دون الأسماء، ومنهم من أنكر الأسماء والصفات أيضا، فلم يكن لهم قدم ثابت فيما يمكن تأويله وما لا يمكن.
كذلك أيضا ليس لهم قدم ثابت في تعيين المراد، من المراد بهذا؟ القدرة النعمة القوة وما أشبه ذلك. وهذا يدل على بطلان أقوالهم، لأن تناقض الأقوال من أقوى الأدلة على بطلانها.
وهؤلاء كانوا يتظاهرون بنصر السنة ويتسترون بالتنزيه.
الطالب : ...
الشيخ : نعم، " ثم إن غالب ما يزعمونه من المعاني يعلم من حال المتكلم وسياق كلامه أنه لم يرده في ذلك الخطاب المعين الذي أولوه "
يعني مثلا قوله تعالى : (( لما خلقت بيدي )) هم يقولون المراد باليد هنا النعمة أو القوة.
نقول لهم : لا شك أن اليد تطلق في اللغة العربية على النعمة وعلى القوة كما في حديث غزوة الحديبية : لولا يخاطب أبا بكر يقول : ( لولا يد لك عندي لم أجزك بها لكلمتك ) يعني يد بمعنى نعمة، وكما قال المتنبي :
" وكم لظلام الليل عندك من يد *** تخبر أن المانوية تكذب " المانوية قسم من المجوس يقولون : إن الظلمة تخلق الشر، فهو يقول: أنت تعطي العطايا في الليل، والليل ظلمة، فقول: من يد، أي: من نعمة.
ويقولون : " ما لي بهذا الأمر يدان " أي: قوة.
نقول لا شك أن اليد تطلق ويراد بها القوة، لكن هل يمكن أن يراد بها القوة في مثل قوله تعالى : (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )) ها؟ سياق الكلام يمنع هذا منعا باتا، إذ ما معنى بيدي أي بنعمتي أو بقوتي؟ هذا لا يمكن.
فالحاصل أن شيخ الإسلام يقول أيضا: " ما يدعونه من المعاني أو يزعمونه يعلم من حال المتكلم وسياق كلامه أنه لم يرده " وحينئذ تكون دعوة باطلة.