شرح قول المصنف: " الأول: أن العقل، والسمع قد دل كل منهما على مباينة الخالق للمخلوق في جميع صفاته، فصفات الخالق تليق به، وصفات المخلوق تليق به، فمن أدلة السمع على مباينة الخالق للمخلوق قوله تعالى: ( ليس كمثله شيء ) ومن أدلة العقل أن يقال: كيف يكون الخالق الكامل من جميع الوجوه، الذي الكمال من لوازم ذاته، وهو معطي الكمال مشابهاً للمخلوق الناقص، الذي النقص من لوازم ذاته، وهو مفتقر إلى من يكمله؟! " حفظ
الشيخ : فالجواب من وجوه :
" الأول : أن العقل والسمع قد دل كل منهما على مباينة الخالق للمخلوق في جميع صفاته. فصفات الخالق تليق به وصفات المخلوق تليق به ".
فإذا دل السمع والعقل على مباينة الخالق للمخلوق فإن الصفات التي تثبت للخالق يجب أن تكون مباينة للصفات التي تكون للمخلوق، لأن صفة كل شيء تناسبه.
" فمن أدلة السمع على مباينة الخالق للمخلوق قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) ".
وهذا واضح أن المماثلة منتفية في حق الله، والكاف في قوله : (( ليس كمثله )) اختلف فيها العلماء، لأننا لو أخذنا بظاهر (( ليس كمثله )) لكان ظاهره أن الله أثبت لنفسه مثيلا، وليس لهذا المثيل مثيل، والأمر ليس كذلك، فإن الله تعالى ليس له مثيل إطلاقا.
قالوا: فالكاف هنا زائدة، والتقدير ليس مثله شيء.
وقيل : إن الزائد مثل، والتقدير : ليس كهو شيء.
وقيل : إنه ليس هناك زيادة لا في الكاف ولا في مثل، ولكنه نفى مماثلة المثل من باب المبالغة، وإذا انتفى مثل المثل انتفى الأصل، لأنه لو كان الأصل موجودا لكان للمثل مثل.
وقيل : إن مثل هنا بمعنى صفة، يعني: ليس كصفته شيء.
ولكن الأقرب والله أعلم أن المثل على ما هو عليه، وأن الكاف زيدت للمبالغة، يعني: كأنه نفى المثل مرتين، مرة بصيغة الكاف، ومرة بصيغة مثل، وهذا هو الأقرب.
الحاصل أن في هذا ردا على المشبهة ولا لا؟ لأنه يقول : (( ليس كمثله شيء )).
قال: " ومن أدلة العقل أن يقال : كيف يكون الخالق الكامل من جميع الوجوه الذي الكمال من لوازم ذاته وهو معطي الكمال مشابها للمخلوق الناقص الذي النقص من لوازم ذاته، وهو مفتقر إلى من يكمله؟! "
صحيح هذا؟ يقال : أنت أيها المشبه هل تعتقد أن الخالق أكمل من المخلوق؟ فسيقول : نعم، أعتقد ذلك.
إذا كنت تعتقد أن الخالق أكمل من المخلوق فكيف يمكن أن تكون صفاته مثل صفات المخلوق؟! يجب أن تكون صفاته أكمل، لأنك أنت بنفسك تقول إن الخالق أكمل من المخلوق، وهذا في الحقيقة رد عليك، فإنه إذا كان أكمل لزم أن لا تكون صفاته مماثلة لصفات المخلوق.