شرح قول المصنف: " 4- ترك المعصية خوفاً من الله عز وجل وكلما قوي الداعي إلى فعل المعصية كانت زيادة الإيمان بتركها أعظم، لأن تركها مع قوة الداعي إليها دليل على قوة إيمان العبد وتقديمه ما يحبه الله ورسوله على ما تهواه نفسه " حفظ
الشيخ : رابعا : يعني من أسباب زيادة الإيمان " ترك المعصية خوفاً من الله عز وجل، وكلما قوي الداعي إلى فعل المعصية كان زيادة الإيمان بتركها أعظم، لأن تركها مع قوة الداعي إليها دليل على قوة إيمان العبد وتقديمه ما يحبه الله ورسوله على ما تهواه نفسه ".
هذا أيضا من أسباب زيادة الإيمان ترك المعصية، ولكن بشرط أن يكون خوفا من الله، لأن تارك المعصية له ثلاث حالات :
إما أن يدعها لأن نفسه لم تطلبها، فهذا ليس له أجر وليس عليه وزر.
وإما أن يدع المعصية خوفا من الله، فهذا له أجر، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح : ( أن من همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى حسنة كاملة، قال: لأنه إنما تركها من جرائي ) أي: من أجلي.
الثالث أو الحالة الثالثة : أن يدع المعصية عجزا عنها، هو حريص، لكن عجز. هو الآن مثلا يراقب شخصا ليسرق منه، كلما همّ أن يسرق التفت ذلك إليه فترك السرقة ايش؟ عجزا عنها، فهذا له حكم الفاعل، لا سيما إن سعى بالأسباب الموصلة إليها، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا يا رسول هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : لأنه كان حريصا على قتل صاحبه ). وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( أن الرجل الفقير إذا تمنى مثل ما لفلان الذي يعمل بماله في المعصية قال النبي عليه الصلاة والسلام: فهو بنيته فهما في الوزر سواء ).
إذن تارك المعصية ينقسم أو له ثلاث حالات : أن يتركها خوفا من الله، أن يتركها عجزا عنها، أن يتركها لأنها لم تطرأ على باله.
إذا تركها خوفا من الله أثيب على ذلك.
إذا تركها عجزا، نعم، يعاقب على ذلك.
إذا تركها لأنها لم تطرأ على باله فلا له ولا عليه.
ولهذا قيدناه هنا، قال: " ترك المعصية خوفا من الله، وكلما كان داعي المعصية أقوى في الإنسان كان ترك المعصية في حقه أفضل ".
انظر إلى قصة يوسف عليه الصلاة والسلام، كان داعي المعصية في حقه قويا، لماذا؟ لأنها امرأة العزيز فهي سيدته وقد راودته عن نفسه، وكان مقتضى ذلك أن يطيعها حتى تنفعه.
ثانيا : المرأة على جانب جميل من الجمال، والجمال يدعو للاتصال بها ولا لا؟ نعم.
ثالثا : أنها أغلقت الأبواب فانتفى المانع.
ومع ذلك فقد ترك هذه المعصية خوفا من الله، لقوله : (( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه )).
ثم انظر إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظلهم، قال في أحدهم : ( رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ).
إذن ترك المعصية خوفا من الله يثاب عليه الإنسان ويزداد به إيمانه، وكلما كان داعي المعصية أقوى كان زيادة الإيمان بتركها أقوى أيضا.