لو عبر الناظم بالتمثيل عن التشبيه لكان أولى من ثلاثة أوجه: حفظ
الشيخ : قال: " ولا تشبيه " من غير تعطيل ولا تشبيه، يعني: أنهم لا يشبّهون الله بخلقه، لا يشبّهون الله بخلقه.
ومراد المؤلف بالتشبيه التمثيل، مراده التمثيل، ولهذا لو عبّر به لكان أولى، لو عبّر بدلا عن قوله " بلا تشبيه " بقوله: ولا تمثيل، لكان أولى من وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أن الذي جاء به القرآن والسنة نفي التمثيل لا نفي التشبيه، ما في القرآن ولا في السنة نفي التشبيه، وإنما جاء نفي التمثيل، كما قال الله تعالى: (( هل تعلم له سميا ))، (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) (( فلا تضربوا لله الأمثال )). ومعلوم أن المحافظة على لفظ النص لا سيما في هذه الأمور الدقيقة أولى من الإتيان بلفظ آخر، ولو ادّعى من أتى به أنه مرادف للفظ الذي جاء به النص، هذا وجه.
الوجه الثاني: أن نفي التشبيه فيه إجمال، لأنه إن أراد نفي التشبيه من كل وجه فهذا غلط، وإن أراد نفي التشبيه في كل الصفات فهذا هو التمثيل، يعني: المعنى إن أراد نفي التشبيه من كل وجه أي أنه لا يشابه الخلق في أي شيء، في أي وجه من الوجوه فهذا خطأ، هذا خطأ، وإن أراد نفي التشبيه يعني أنه مشابه للخلق في كل وجه وفي كل معنى فهذا يكفي عنه التمثيل فهذا هو نفي التمثيل وهو كاف عنه.
الأول لماذا قلنا إنه باطل إن أراد نفي المشابهة من كل وجه يعني أنه لا يشبهه بأي وجه من الوجوه، لأنه ما من شيئين موجودين إلا وبينهما تشابه من بعض الوجوه واشتراك في بعض المعاني، فمثلا الحياة يتّصف بها الخالق ويتّصف بها المخلوق، فبينهما تشابه من حيث أصل أيش؟ الصفة وهي الحياة، ولولا هذا التشابه المشترك بين صفات الله وصفات المخلوق ما عرفنا معاني صفات الله، فلا بدّ أن يكون هناك اشتراك وتشابه من بعض الوجوه.
لله علم، وللمخلوق علم، بين علم الله وعلم المخلوق تشابه ولا لا؟ هاه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم من حيث أصل المعنى بينهما تشابه، المخلوق يدرك ما يعلمه، والخالق عزّ وجلّ كذلك، فهناك اشتراك في أصل المعنى.
طيب، للمخلوق بصر، وللخالق بصر، البصر للخالق والمخلوق مشتركان في أصل الرؤية، فبينهما تشابه من هذا الوجه، لكنهما لا يتماثلان، لا يتماثلان، لأن المماثلة التساوي من كل وجه، والمشابهة الاشتراك ولو في بعض الوجوه.
الوجه الثالث: أن نفي التشبيه صار عند كثير من الناس يساوي نفي الصفات مطلقا، وذلك عند من يقول كل من أثبت لله صفة فهو مشبّه، فإذا قلنا: من غير تشبيه صار معنى هذا الكلام عندهم صار معنى الكلام عندهم أي من غير إثبات صفة، فيوهم هذا بأن مذهب أهل السنة والجماعة هو مذهب أهل التعطيل، لأنهم يرون أن معنى نفي التشبيه يعني نفي الصفات، حيث يزعمون أن كل من أثبت لله صفة فهو مشبّه فيصير قولنا من غير تشبيه مساويا لقولنا من غير إثبات صفة.
أرجو الانتباه لأن هذا مهمّ، أكثر ما تقرؤون في الكتب في هذا الباب أنكم تقرؤون من غير تشبيه، وهذا كما علمتم فيه نقص، هذا التعبير فيه نقص، والأولى أن يعبّر عنه من غير تمثيل للوجوه الثلاثة التي ذكرناها، الوجه الأول يا شاكر؟
الطالب : الوجه الأول أن نفي التمثيل
الشيخ : أن نفي التمثيل هو الذي؟
الطالب : وردت به السنة
الشيخ : الذي ورد به النص.
الطالب : القرآن والسنة.
الشيخ : طيب، بخلاف لفظ؟
الطالب : التشبيه.
الشيخ : نفي التشبيه، فإنه لم يرد لا في القرآن ولا في السنة.
الطالب : ثانيا
الشيخ : اصبر، هات أمثلة تدل على هذا؟
الطالب : (( ليس كمثله شيء )).
الشيخ : (( ليس كمثله شيء )) ولم يقل ليس كشبهه شيء، طيب، أحسنت. يكفي، الثاني؟
الطالب : من غير تشبيه ...
الشيخ : فإن أراد من غير مشاركة في أي نوع من المشاركة فهذا خطأ.
الطالب : وإن أراد الاشتراك في أصل المعنى
الشيخ : لا لا، وإن أراد من غير مساواة، يعني من غير مشابهة في كل شيء فهذا صحيح، لكن يغني عنه نفي التمثيل وهو أوضح منه.
طيب، فلماذا قلنا في الأول إنه خطأ، إن نفي الاشتراك من كل وجه خطأ؟
الطالب : ...
الشيخ : إلا وبينهما قدر مشترك يعلم به المعنى، مثل؟
الطالب : كالحياة.
الشيخ : كالحياة، فالله عزّ وجلّ له حياة والمخلوق له حياة، فهما اشتركا في أصل المعنى، وتميّز الخالق بحياته، وتميز المخلوق بحياته.
طيب، أنا قلت: ولولا ذلك ما فهمنا أصل المعنى، يعني لولا هذا المعنى المشترك الذي نفهمه في نفوسنا وهو حياتنا ما فهمنا معنى الحياة، أليس كذلك؟
طيب، الوجه الثالث يا عيد؟
الطالب : نفي التشبيه صار يطلق على
الشيخ : على نفي الصفات مطلقا، عند من يرى أن إثبات الصفات؟
الطالب : مشبّه.
الشيخ : يستلزم التشبيه، فيكون معنى من غير تشبيه يفهمونه أي من غير إثبات صفة، فيفهم مذهب السلف على هذا أنه مذهب أهل التعطيل، وهذا لا شك أنه خطر عظيم جدّا. فالحاصل أن المؤلف رحمه الله تابع في قوله " ولا تشبيه " تابع عبارة كثير ممن كتبوا أو تكلموا في هذا الباب، والصواب أن نقول: من غير تمثيل، ولهذا عبّر شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية بذلك، فقال: " من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل " وعند المناظرة على العقيدة، لأنه جلس له مناظرة عند الوالي، عند المناظرة في العقيدة، " قال: لماذا لم تقل بلا تشبيه؟ قال: لأن التمثيل هو الذي ورد به القرآن، فعبّرت باللفظ الذي جاء به القرآن " ولم يذكر الوجهين الأخيرين، ولكن ذكر أحدهما أن نفي التشبيه صار يطلق على نفي الصفات مطلقا، ذكره في العقيدة التدمرية.
فعلى كل حال نقول إن المؤلف رحمه الله تابع في ذلك من؟ كثيرا ممن تكلموا في هذا الباب حيث كانوا يقولون من غير تشبيه، ولا يعبّرون بقوله من غير تمثيل، والصواب أن يقال إن التمثيل أولى للوجوه الثلاثة التي ذكرناها.