مناقشة الشيخ للطلاب فيما سبق حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين
قال المؤلف رحمه الله: " وليس هذا النص جزما يعتبر "، كلمة جزما هل تتعلق بما بعدها أو بما قبلها؟ بندر؟
الطالب : قبلها.
الشيخ : بما قبلها، والمعنى؟
الطالب : ليس هذا النص جزما ... مؤكد
الشيخ : يعني نجزم أن هذا النص لا ينطبق إلا على فرقة أهل الأثر، نعم.
ما طريقة أهل الأثر في النصوص الواردة في باب الصفات؟ يلاّ أحمد؟
الطالب : يثبتوها لفظا ومعنى واعتقادا وعملا بمقتضاها.
الشيخ : طيب، قال المؤلف: إنهم أثبتوا النصوص بالتنزيه، صالح وش معنى بالتنزيه الباء هذه لأيش؟ معناها أيش؟ بالتنزيه وش معنى الباء؟ ما حضرت؟
الطالب : ما حضرت.
الشيخ : ايه.
الطالب : للمصاحبة.
الشيخ : نعم، إثباتا مصحوبا بالتنزيه، التنزيه عن ماذا؟
الطالب : عن النقص.
الشيخ : صح، عن النقص، يعني: أن صفات الله يثبتونها على وجه الكمال، كالعلم مثلا يقولون: إن الله يعلم علما تاما، لم يسبق بجهل ولم يلحق بنسيان.
طيب، قال: " من غير تعطيل " ما معنى التعطيل يا أحمد؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : يعني أيش؟
الطالب : ...
الشيخ : تخلية الله عمّا؟
الطالب : يتّصف به.
الشيخ : لأن أصل التعطيل التخلية.
طيب، في شاهد على أن التعطيل بمعنى التخلية؟ أحمد؟
الطالب : ...
الشيخ : قوله تعالى (( وبئر معطّلة )) أي: مخلاة متروكة، فالتعطيل معناه تخلية الله عمّا يجب له من الأسماء والصفات. طيب، ويجوز أن نقول: إن التعطيل يعود على النصوص، فيكون المعنى تعطيل النصوص عمّا دلّت عليه، فإذن للتعطيل وجهان، ما أدري نبّهت عن هذا أمس ولا لا؟
للتعطيل وجهان، أو متعلق التعطيل نوعان، إما أن يكون الخالق أو النصوص، فإن كان الخالق فمعنى تعطيل الخالق أن الله تعالى لا يوصف بما وصف به نفسه، وإن كان للنصوص فتعطيلها أن لا يعمل بها، يكون تعطيلها إنكار دلالتها على الشيء، بحيث لا يعمل بها، فيقول مثلا سميع بلا سمع، ويقول (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )) أي: منتظرة لثواب ربها، فيعطّل النص عمّا أريد به، وكلا المعنيين متلازمان، يعني: أنه إذا عطّل الله عمّا يجب له فقد عطّل النصوص عمّا دلّت عليه.
طيب، قال المؤلف " ولا تشبيه " التشبيه معناه؟
الطالب : التمثيل.
الشيخ : نعم المراد به التمثيل، يريد بذلك التمثيل. لماذا قلنا ذلك يا محمّد؟ أنه يريد بذلك التمثيل؟
الطالب : لأن التشبيه لم يرد لا في القرآن ولا في السنة، ولأن التمثيل أولى من التشبيه يعني لثلاثة أوجه ذكرناها أمس.
الشيخ : ما هي؟
الطالب : قلنا أولا أنه لم يرد يعني في نص
الشيخ : لا لا.
الطالب : لا في الكتاب ولا في السنة.
الشيخ : لا لا، التمثيل أولى من التشبيه لوجوه ثلاثة، الأول؟
الطالب : الوجه الأول أنه لم يرد التشبيه
الشيخ : نحن نتكلم عن التمثيل الآن!
الطالب : شيخ أنا ما فهمت السؤال.
الشيخ : السؤال التعبير بنفي التمثيل أولى من التعبير بنفي التشبيه لوجوه ثلاثة.
الطالب : الوجه الأول أن التمثيل هو الذي ورد في القرآن
الشيخ : صح، أن التمثيل هو الذي ورد نفيه في القرآن دون التشبيه.
الأخ هات لنا دليلا من ذلك أو في ذلك؟
الطالب : قوله تعالى (( ليس كمثله شيء )).
الشيخ : نعم، وقوله؟ (( فلا تضربوا لله الأمثال )).
الوجه الثاني يا فهد؟
الطالب : الوجه الثاني أن في نفي التشبيه إجمال، فإن أراد النفي من جميع الوجوه فقد أخطأ، وإن أراد نفي التشابه فهو التمثيل بعينه.
الشيخ : إذا أراد نفي التشبيه من كل وجه؟
الطالب : فقد أخطأ.
الشيخ : أو أصاب؟ يعني إذا قال لا يشابهه من كل وجه؟
الطالب : أخطأ، لأن ما من شيئين موجودين إلا وبينهما تشابه ..
الشيخ : أيه، إذن إذا أراد نفي التشبيه من وجه فهو مصيب أو لا؟
الطالب : نعم.
طالب آخر : لا يا شيخ.
الشيخ : يعني معناه أنه لا يشبهه بأي وجه من الوجوه، بأي وجه من الوجوه، فقد أخطأ، وإن أراد لا يشابهه من جميع الوجوه فقد أصاب، يعني معناه لا يشابهه من كل الوجوه أي لا يساويه، إن أراد أنه لا يساويه فقد أيش؟
الطالب : أخطأ.
الشيخ : لا! لا يساويه؟
الطالب : في جميع الوجوه؟
الشيخ : لا، لا يساويه نعم، إذا قال أن الله سبحانه وتعالى لا يساويه أحد من مخلوقاته فقد أصاب، وإن أراد أنه لا يشابهه في أي وجه من الوجوه فقد أخطأ.
إذن يفرّق في أي وجه وفي كل وجه، نفي المماثلة من أي وجه هذا خطأ، لأنه لا بد من المشابهة، وإن أراد أنه لا يماثله مماثلة مساوية، لا يشابهه مشابهة مساوية فهذا فقد أصاب، طيب هذا وجه ثانٍ، الوجه الثالث؟
الطالب : الوجه الثالث أن نفي التشبيه صار عند البعض نفي إثبات الصفات.
الشيخ : نعم.
الطالب : فإذا قيل من غير تشبيه صار المعنى من غير إثبات الصفات.
الشيخ : نعم، وأهل السنة لا يرون ذلك، طيب أفهمتم هذا؟ إذا قال من غير تشبيه، فإن التشبيه صار عند بعض الناس يعني إثبات الصفات، فإذا قال من غير تشبيه صار معنى الجملة أو معنى العبارة من غير إثبات صفات. من هم الذين يقولون إن التشبيه أو يرون أن التشبيه إثبات الصفات؟ هم كل أهل التعطيل، أهل التعطيل كلهم يقولون من أثبت لله صفة فقد شبّه، فإذا جاءت العبارة من غير تشبيه وهذا يعتقد أن إثبات الصفات تشبيه صار المعنى من غير إثبات صفات، وهذا معنى باطل لا يقول به السلف.
لهذا نقول الأولى أن نعبر بما عبر الله به عن نفسه فنقول من غير تمثيل، وإذا كان هذا هو الأولى لهذه الوجوه الثلاثة فإننا نحمل كلام المؤلف على هذا المعنى الصحيح، على أن المراد بقوله من غير تشبيه أي من غير تمثيل.
طيب، ما تقولون في رجل قال في قوله الله تعالى: (( وجاء ربك والملك صفّا صفّا )) قال: وجاء أمر ربّك، بندر؟
الطالب : معطّل.
الشيخ : معطّل، طيب هل عطّل النص أو عطّل الله؟
الطالب : عطّل النصّ وعطّل الله أيضا.
الشيخ : عطّل النص وعطّل الله، طيب عطّل الله عن أيش؟
الطالب : عطّل الله عن مجيئه حقيقة.
الشيخ : أحسنت، عطّل الله عن مجيئه حقيقة، عطّل النصّ؟
الطالب : حرّفه.
الشيخ : أنه حرّفه فعطّل معناه المراد به أو لا؟ لأن المراد بالنص (( وجاء ربك )) أي جاء الله عزّ وجلّ، فإذا قال: جاء أمر ربك فقد عطّل النص عن معناه المراد به، واضح؟
طيب، سبق أن قلنا أن الذين يحرّفون قالوا على الله بلا علم من، أحمد؟
الطالب : من وجهين.
الشيخ : نعم.
الطالب : حيث أنهم جعلوا ما ليس مرادا لله مرادا، وجعلوا ما ليس لله مرادا أنه أراد ذلك، أن الله لم يرده وهم قالوا أراد ذلك وقالوا عمّا أراد الله ليس مرادا.
الشيخ : أحسنت، يعني أنهم قالوا على الله بلا علم في الإثبات وفي النفي، فقالوا إن الله أراد كذا وهو لم يرده، وقالوا لم يرد وهو قد أراده.
طيب، لو قال قائل: كيف تجزمون بأنه أراده أليس يحتمل بأن يكون مراده ما حرّفوه إليه؟
الطالب : ... والنبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا إلا وبيّنه.
الشيخ : فلو كان المراد غير ظاهره لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، صح.
إذن نحن نجزم بأن ظاهره مراد لأنه لم يرد خلافه عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولو كان المراد خلافه لبيّنه الرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا يصح أن نقول أجمع الصحابة على أن الله يجيء بنفسه، فإذا قال قائل: هاتوا لنا حرفا واحدا عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو ابن مسعود أو ابن عباس أو غيرهم أن الله يجيء بنفسه؟
نقول: لأنه لو كان المراد خلاف ذلك أيش؟ لنقل عنهم، فلما كانوا يقرؤون هذا صباحا ومساء ولم يرد عنهم ما يخالفه دل على أنهم يقولون به، فلا حاجة إلى أن نأتي عن الصحابة في كل صفة من الصفات بقول من أقوالهم هذا ليس بلازم، لأن الصحابة يقرؤون القرآن ويعرفون معناه ولم يأت عن أحد منهم أنه قال بخلافه، فكان سكوتهم عن قول خلافه، أو كان عدم النقل عنهم عن قول خلافه دليلا على أنهم أيش؟ قالوا به، ولهذا يصح أن تقول أجمع الصحابة على أن الله استوى على عرشه حقيقة، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا حقيقة وهكذا، وليس المراد استولى على عرشه، ولا المراد ينزل أمره، فإذا قال قائل: أين الإجماع؟ نقول إن عدم نقل عنهم ما يخالف الظاهر دليل على أنهم أجروه على ظاهره، وهذه فائدة تنفعك عند المناظرة لأهل التحريف، لأن أهل التحريف قد يطالبونك، قد يقولون: إئت لنا بخبر واحد يدل على أن الصحابة قالوا إن الله يجيء بنفسه، أو إن الله ينزل بنفسه، أو إن الله استوى على العرش بنفسه هات دليلا؟ أعرفتم فماذا تقول؟ لو أنك رجعت إلى المسانيد والكتب المؤلفة في هذه الأمور بالإسناد قد لا تجد، لكن نقول إن عدم النقل عنهم ما يخالف ظاهر القرآن يدل على أنهم قالوا بأيش؟ بظاهر القرآن، لأن القرآن عربي وهم يتلونه صباحا ومساء ويعتقدونه بمقتضى دلالة ذلك اللسان العربي.