معنى قول الناظم: ( فإن يـثـب فإنه من فضله وإن يـعـذب فبمـحض عدله ) حفظ
الشيخ : " فإن يُثب فإنه من فضله *** وإن يعذب فبمحض عدله "
" إن يثب " يعني: إن يثب المطيع فإنه من فضله، هذا صحيح، إذا أثاب المطيع فإن ذلك فضله، طيب.
ولكن هذا الفضل هل أوجبه الله على نفسه، أو لا؟ إثابة المطيع هل أوجبها الله على نفسه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، إذا كان الله أوجبها على نفسه هل يمكن أن يتخلف هذا الموجب؟ لا يمكن، ولهذا قوله: " فإن يثب فإنه من فضله " نقول نعم صدقت، إن يثب فإنه من فضله، بل هو عز وجل يثيب على العمل أكثر من العمل، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فعشر الأمثال ثابتة، وما زاد فهو نافلة، وهو فضل الله عز وجل.
طيب، إذن نقول " إن يثب فإنه من فضله " نسلم بهذا أو لا ؟ نسلم، ولكننا نقول: هذا الفضل كان واجباً على الله بإيجابه إياه هو على نفسه سبحانه وتعالى.
هو الذي أوجب على نفسه أن يثيب المطيع، وإذا كان لكرمه عز وجل أوجب على نفسه أن يثيب المطيع، فإن هذا الإيجاب لن يتخلف، لأنه لو تخلف وحاشاه من ذلك لكان مخلفاً للميعاد، والله عز وجل لا يخلف الميعاد (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ )) ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ )) فلابد أن يوجد هذا الذي وعد الله به.
قال : " وإن يعذب فبمحض عدله " صحيح هذا ولا لا؟ صحيح، إذا عذب فبعدله، لكن متى يكون العذاب عدلاً؟ إذا وجد سببه صار عدلاً، أما إذا لم يوجد فإنه يكون ظلماً.
لاحظوا يا جماعة، فقول المؤلف: " إن يعذب فبمض عدله " هو أراد أن يأتي به احتجاجاً لقوله وفي الحقيقة هو حجة عليه، لأننا نقول: التعذيب يكون عدلاً إذا وجد سببه، وإذا لم يوجد سببه فليس بعدل.
ونضرب مثلاً لذلك : إذا كان الله عز وجل قال : من فعل كذا وفعل كذا وفعل كذا فله الجنة، ثم قام الإنسان بفعله، ثم عاقبه الله بالنار، هل هذا عدل ؟ لا، ليس بعدل، كلٌّ يقول إن هذا ليس بعدل، وإذا لم يكن عدلا فإن قول المؤلف " وإن يعذب فبمحض عدله " لا يصح في مثل هذه الصورة، وإنما يصح فيما إذا خالف المكلف فإنه إذا خالف ثم عذب على المخالفة إما بترك واجب أو فعل محرم فحينئذٍ يكون هذا عدلاً، ويكون تعذيب الله له عدلاً.
وانظروا إلى تمام العدل وتمام الفضل، السيئة بإيش؟ بمثلها لا تزيد، والحسنة بعشر أمثالها، فضل، والعدل أن تكون الحسنة بمثلها، أو السيئة بعشر أمثالها، صح؟
الطالب : لا.
الشيخ : إذا كان أنك إذا فعلت حسنة أعطيتك عشر فمقابل ذلك إذا فعلت سيئة بعشر ولا لا ؟ ولكن مع هذا ليتبين فضل الله صارت الحسنة بعشر، والسيئة بواحدة بمثلها، ومع ذلك هذه السيئة قابلة للمغفرة (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )).
أما ثواب الحسنة فهو قابل للاسقاط ؟ لا، غير قابل للاسقاط، إن لم يزد لم ينقص وهذا أيضاً يظهر به تمام فضل الله عز وجل، أن السيئة بسيئة قابلة للعفو والحسنة بعشر أمثالها غير قابلة للنقص، بل هي باقية، لكن ما زاد على العشر ممكن، إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
فالحاصل أن ما قاله المؤلف رحمه الله من الحكم والتعليل كله غير صحيح، كله غير صحيح.
أما التعليل فقد عرفتم أنه مجمل يحتاج إلى ايش؟ إلى تفصيل، " فكل ما منه تعالى يجمل " يحتاج إلى تفصيل، يجمل متى ؟ إذا لم يتضمن نقصاً، لا يجمل إذا تضمن نقصاً، بل لا يمكن أن يكون، يعني فعل من أفعال الله غير جميل لا يمكن.
" لأنه عن فعله لا يسأل " فيه تفصيل، إيش قلنا فيه ؟ عن فعله الذي هو سبب العقوبة أو الثواب لا يُسأل عنه، سبب الثواب الهداية وسبب العقوبة الضلال، هذا لا يُسأل عنه، لكن لو أنه عذب من اهتدى فهنا قد يرد السؤال، كيف يكون ذلك والله عز وجل قد ضمن أن من عمل صالحاً فلنفسه، وأنه لا يظلم أحداً.
طيب، " إن يثب فبمحض فضله " وش قلنا في هذا ؟ صحيح ولا لا ؟