معنى قول الله تعالى: { إنه لقرآن كريم ، في كتاب مكنون } هل تقتضي أن الله كتبه في اللوح المحفوظ قبل أن يتكلم به وقبل أن ينزله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟ حفظ
الشيخ : فإن قال قائل: ألم يقل الله عز وجل (( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ))، وقال: (( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ )). وهذا يدل على أن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ، لأنه قال: (( إنه لقرآن مجيد في لوح محفوظ ))، وقال أيضاً : (( فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يمسه إلا المطهرون ))، وهذا يقتضي أن الله كتبه في اللوح المحفوظ قبل أن يتكلم به، وقبل أن ينزله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟
قلنا: هذه الآية : (( إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون )) (( إنه لقرآن مجيد في لوح محفوظ )) لا تدل على أنه مكتوب في اللوح المحفوظ، إذ قد يكون المراد بذلك ذكره والتحدث عنه، وشأنه وعاقبته، بدليل قوله تعالى: (( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ )) (( وإنه )) : أي القرآن، اقرأ الآية : (( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)) وهل القرآن مكتوب في زبر الأولين، أو متحدث عنه في زبر الأولين؟ متحدث عنه .
فيكون قوله: (( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ )) (( وبلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ )) يعني التحدث عنه وذكر شأنه وحاله، ولا يتعين أن تكون الآية دالة على أنه مكتوب، والدليل على أنه لا يتعين ما ذكرته لكم في قوله: (( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ )) أي: ذكره والتحدث عنه، لا أن القرآن نفسه مكتوب هناك، لأنه لو كان مكتوباً هناك لكان نازلاً قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأعوام.