معنى قول الناظم: ( وبعدهم فالتـابـعـون أحرى بالفضل ثـم تـابـعـوهـم طرا ) بيان مدة القرن، الكلام على التابعين وبيان فضلهم، وهل يوجد أحد من التابعين من أن يكون أفضل من بعض الصحابة ؟ حفظ
الشيخ : ثم قال " وبعدهم فالتابعون أحرى *** بالفضل " أحرى أجدر بعد الصحابة التابعون التابعون لهم بإحسان وهم القرن الثاني من هذه الأمة
واعلم " أن القرن يعتبر بأكثره " كما قال شيخ الإسلام رحمه الله وليس معنى التابعين أنه لا يوجد أحد من الصحابة لا فإذا كان القرن أكثره من التابعين أي ممن لم يشاهدوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه يسمى قرن التابعين وإن كان يوجد العشرة والمئة وما أشبه ذلك من الصحابة وكذلك يقال في تابعي التابعين فالقرن يعتبر بأكثر أهله
فالتابعون هم أحرى الناس بالفضل بعد الصحابة رضي الله عنهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) والتفضيل هنا تفضيل للجملة على الجملة وليس لكل فرد على فرد بمعنى أنه قد يوجد في تابعي التابعين من هو أفضل من التابعين في العلم والعبادة والجهاد كذلك أيضا يوجد في التابعين من هو أفضل من الصحابة في العلم والجهاد يعني ماهو الصحابة عموما يعني من بعض الصحابة الواحد من هؤلاء قد يفضل الواحد من هؤلاء إلا أن الصحابة يتميزون بخصيصة ليست لغيرهم وهي الصحبة هذه لا يمكن أن ينالها أحد من التابعين لكن الفضل والعلم والجهاد ربما يوجد في التابعين من هو خير من بعض الصحابة كما يوجد في تابعي التابعين من هو خير من التابعين فالتفضيل إذن للجملة لا لكل فرد إلا ما ذكرت لكم من تميز الصحابة رضي الله عنهم بهذه الخصيصة وهي الصحبة
قال " ثم تابعوهم طرا " تابعوا من؟ تابعوا التابعين وقوله " طرا " يحتمل أن تكون بمعنى قطعا وأن تكون بمعنى جميعا وهو كذلك نحن نقطع بأن تابعي التابعين بعد التابعين وأن التابعين بعد الصحابة نقطع بذلك وسكت المؤلف عن بقية الطبقات يعني لم يذكر إلا ثلاث طبقات الصحابة والتابعون لهم وتابعوا التابعين وإنما اقتصر على ذلك بناء على مافي حديث عمران بن حصين وغيره على أن خير الناس الصحابة ثم التابعين ثم تابعوا التابعون ثم التابعون ثم تابعوا التابعون
وعلى هذا فنقول ما بعد هؤلاء القرون الثلاثة حصلت الفتن وانتشرت البدع وتفرقت الأهواء وحصل الشر الكثير ورفعت المبتدعة رؤوسها واضطرب الناس أمنا وإيمانا وتكلم الناس في كل شيء حتى تكلموا في الله عز وجل وصاروا في الله ما بين معطل لصفاته ومثبت ممثل وقائم بالقسط معتدل
واختلاف الناس في الله عز وجل وفي أسمائه وصفاته كان بعد الاختلاف في مسألة القدر ومسألة الإيمان والكفر لأن مسألة القدر أدركت أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم ومسألة الأسماء الإيمان والكفر بعدها ثم ان، وكذلك الإرجاء وما يتعلق به
ثم جاءت بدع الأسماء والصفات وانتشرت هذه انتشارا عظيما وصار الناس يتكلمون عليها أكثر من غيرها لأنها أشد خطرا من غيرها وإلى هنا انتهى كلام المؤلف رحمه الله على الصحابة رضي الله عنهم وما يتعلق بفضلهم وبعد فإني أدعوكم إلى قراءة أخبار الصحابة رضي الله عنهم بعد قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يشد الإنسان نفسه مع السابقين السالفين ليزداد بذلك إيمانا ومحبة لهم ومنهجا طيبا