قال المؤلف "ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، فقال سبحانه: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين .والحمد لله رب العالمين}. وقال تعالى: {ما اتخذ الله من ولدٍ وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون}." حفظ
الشيخ : " ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، فقال سبحانه : (( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) " .
سبحان ربك أي تنزيها له عز وجل عن كل ما لا يليق به ومنه ما يصفونه به من قولهم الملائكة بنات الله ونحو ذلك (( رب العزة )) أي الغلبة والقهر والسلطان والرب هنا يتعين أن تكون بمعنى صاحب ولا يجوز أن نفسرها بمعنى خالق رب السموات نقول خالق السموات رب العزة ما نقول خالق العزة لأن العزة صفة من صفات الله وصفات الله غير مخلوقة إذا فيتعين أن تكون رب هنا بمعنى صاحب فإن قال قائل : أوردوا لنا شاهدا من اللغة العربية على أن الرب تكون بمعنى صاحب فنقول هذا كثير قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في لقطة الإبل : ( دعها فإن معها سقاءها وحذاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها ) المراد بالرب هنا من ؟ صاحبها سواء كان مالكا أو مستأجرا أو مستعيرا أو غير ذلك فالمهم أنه هنا يتعين أن نقول رب العزة أي صاحب العزة ولا يجوز أن نقول خالق لأن العزة من صفات الله وصفات الله كلها غير مخلوقة (( عما يصفون )) أي عما يصفون الله به من النقص (( وسلام على المرسلين )) سلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من العيب والنقص فهم ما قالوا إلا حقا (( والحمد لله رب العالمين )) ختم هذه الآية بالحمد الدال على الكمال
" وقال تعالى : (( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )) " ما اتخذ الله من ولد من زائدة للتوكيد أي ما اتخذ الله ولدا لنفسه وهذا تكذيب لثلاثة طوائف من بني آدم كلهم زاغوا عن الصراط المستقيم في هذا الباب على اليهود والنصارى والمشركين، اليهود قالوا عزير ابن الله والنصارى قالوا المسيح ابن الله والمشركون قالوا الملائكة بنات الله فنفى الله تعالى عن نفسه أن يكون اتخذ ولدا ردا على هؤلاء المفترين ولم يذكر في هذه الآية دليلا على انتفاء الولد ولكنه ذكر في آيات أخرى في أي آية ؟ في سورة الإخلاص (( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) هذا أيضا حكم لكن نريد الدليل على أنه يمتنع عليه الصاحبة في سورة الأنعام نعم (( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ )) فكيف يكون له ولد (( وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) وفيه آيات أخرى لكن هنا ذكر دليل عقلي في نفي الشريك قال : (( إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ )) فلننظر هل الكون متنافر أو منسجم بعضه مع بعض ؟ الثاني بلا شك لو كان هناك إله آخر لانفرد كل إله بما خلق كل واحد له ملكه وحينئذ لا بد أن كل واحد يريد أن يكون الملك له وحده، فإما أن يتقابلا وإما أن ينتصر أحدهما على الآخر فإن تقابلا أي عجز كل واحد عن الآخر لم يصح أن يكونا إلهين السبب العجز كلاهما عاجز وإن انفرد أحدهما بالعلو صار الإله واحدا فعادت المسألة الآن إلى أن يكون للخلق إله واحد وهو الله عز وجل ولهذا قال : (( سبحان الله عما يصفون )) أي تنزيها لله عما يصفه به هؤلاء المشركون .