قال المؤلف:" كقوله تعالى : {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }وقوله:{إنهم يكيدون كيداً .وأكيد كيداً}. وقوله: {والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون .وأملي لهم إن كيدي متين}. وقوله: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم}. وقوله: {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون .الله يستهزىء بهم}." حفظ
الشيخ : " مثل قوله : (( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )) " المكر هو الإيقاع بالخصم من غير شعور به أن توقع بخصمك من غير أن يشعر به هذا مكر وهو من صفات الكمال إذا كان في موضع وإلا فهو نقص يذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه طلب منه المبارزة عمرو بن ود في القتال فبارزه فلما أقبل على علي رضي الله عنه صرخ بأعلى صوته " إنني لم أخرج من أجل أن أبارز رجلين " فالتفت عمرو بن ود ظن أن وراءه رجلا فضربه بالسيف هذه خديعة لكنها في موضعها لأن الرجل إنما خرج ليقتله وهو أراد أن يتوصل إلى قتله بما هو أنكى وأقرب طيب (( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )) ذكرنا البارحة مثالا لهذا " وقوله : (( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً )) " إنهم يكيدون كيدا أي كيدا عظيما ويعني بذلك كفار قريش وأكيد يعني أنا كيدا أي أعظم منه كما قال الله تعالى : (( والله خير الماكرين )) فإذا كان هؤلاء يكيدون كيدا عظيما فإن الله يكيد كيدا أعظم وتأمل كيف قال وأكيد ولم يقل ونكيد كيدا للإشارة أنه وحده سبحانه قادر على أن يكيد لهم فلا حاجة لذكر ما يدل على التعظيم لأنه وحده كاف لذلك " وقوله : (( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ*وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ )) " نعوذ بالله من ذلك الذين كذبوا بآياتنا هم الكفار (( سنستدرجهم )) أي نتدرج بهم من حال إلى حال (( من حيث لا يعلمون )) بماذا ؟ بإسباغ النعم عليهم ودفع النقم عنهم فيظنون أنهم في رضا من الله عز وجل فيستمرون في تكذيبهم (( وأملي لهم )) أي أمهل لهم إن كيدي متين وفي معنى هذا قوله تعالى : (( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ )) نسأل الله العافية قال أهل العلم : " وإذا رأيت الله قد أغدق النعم على عبده وهو يبارزه بالمعصية فاعلم أن ذلك إيش ؟ استدراج لأن الله عز وجل أمهل لهم مع معصيتهم فيكون هذا استدراجا " يترقى يتنزل به من سيء إلى أسوأ وأملي لهم إن كيدي متين أي عظيم قوي قال : " وقوله : (( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم )) " يخادعون الله حيث يظهرون أنهم مسلمون بل أنهم مؤمنون وهم كاذبون يفعلون ذلك خداعا لله ورسوله والمؤمنين لأنهم إذا قالوا إنهم مؤمنون كف عنهم المسلمون كفوا عن قتالهم ولهذا لما استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتالهم قال : ( لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) والحمد لله على هذا الحكم البالغ الحكمة لأننا لو أردنا أن نقول نقتل المنافقين لأنهم منافقون لأمكن كل ظالم من ولاة الأمور يقتل أهل الخير ويقول : إنهم منافقون لكن الشرع حسم هذا الباب وقطع وجعل معاملة الناس في الدنيا على حسب الظاهر وفي الآخرة على حسب الباطن نسأل الله أن يصلح بواطننا هؤلاء يخادعون الله والذين آمنوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ونحن معكم وكل شيء يقولونه حتى يأتون يؤكدون لرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنهم يشهدون أنه رسول الله ولكن الله خادعهم يملي لهم ويستر عليهم حتى يتمادوا في هذا النفاق ويستحقوا أن يكونوا في الدرك الأسفل من النار وقوله تعالى : (( إنا معكم إنما نحن مستهزءون )) قال الله تعالى : (( الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون )) (( وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ )) بمن ؟ بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه قال الله تعالى : (( اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )) الشاهد أن مثل هذه الأوصاف هل كمال في حال نقص في حال إن كانت في مقابلة العدو الذي يسخر بك ويخادعك فهي كمال وإلا فهي نقص طيب إذا كانت الصفة نقصا على كل حال ممنوعة على الله عز وجل من ذلك نعم .