قال المؤلف :"ودليل هذه القاعدة السمع والعقل. فأما السمع فمنه قوله تعالى : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون}وقوله: {فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} . وقوله : {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقوله : {من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً}. وقوله: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} ." حفظ
الشيخ : قال : " ودليل هذه القاعدة " إيش القاعدة ؟ أن الأشياء ثلاثة أقسام ما أثبته الله وما نفاه وما لم يرد نفيه ولا إثباته " السمع والعقل " والسمع كما مر يراد به إيش ؟ القرآن والسنة " أما السمع فمنه قوله تعالى : (( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) " كتاب أنزلناه مبارك يعني به القرآن وسبق ذكر بركته ألم تذكروا ذلك ؟ لا ذكرناه ذكرناها يا جماعة قلنا مبارك في أجره وتلاوته مبارك في تأثيره مبارك في آثاره ها ذكرناه يا إخواني ذكرنا هذا مبارك في تلاوته الحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها مبارك في تأثيره يؤثر على القلب يلين القلب القاسي بل قد قال الله عز وجل : (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ )) مبارك في آثاره فتح المسلمون به مشارق الأرض ومغاربها قال الله تعالى : (( فلا تطع المكذبين وجاهدهم به جهادا كبيرا )) فتحت الأمة به مشارق الأرض ومغاربها وهذه آثار عظيمة وهنا نقول (( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ واتَّقُوا )) اتقوا إيه ؟ اتقوا مخالفته فاتبعوه واتقوا مخالفته فإذا نقول كذلك يعني فإذا قلنا بهذا أثبتنا ما أثبته الله في القرآن ونفينا ما نفاه الله وسكتنا عما سكت الله عنه " وقوله تعالى : (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) وقوله : (( وَمَا آتَاكُمُ )) " فآمنوا بالله ورسوله والإيمان يقتضي التصديق فيها أخبرا به وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما النبي أي المنبَأ أو المنبِئ أيهما ؟ كلاهما فهو منبَأ من عند الله منبِئ عن الله الأميّ هل المراد الذي لا يقرأ ولا يكتب أو المراد المنسوب للأميين كما قال عز وجل : (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم )) على الأول يكون المعنى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يقرأ ولا يكتب وهو كذلك كان لا يقرأ ولا يكتب قال الله تعالى : (( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ )) وقال تعالى : (( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ )) هو لا يقرأ ولا يكتب فهو أمي بهذا المعنى .
ويجوز أن يكون أميا بالمعنى الثاني وهو أن يكون من الأميين وبناء على هذا لو نسبت شخصا إلى الأميين أي إلى العرب وهو يقرأ ويكتب جيدا صحت النسبة أو لا ؟ صحت ؟ الله المستعان يقرأ ويكتب أحسن خطاط وأحسن قارئ تقول له أمي نسبة للأمي .
إن النبي صلى الله عليه وسلم يصح أن يوصف بهذا وهذا لكن الوصف الأول أهم أنه لا يقرأ ولا يكتب حتى لا يرتاب أحد في رسالته فيقول هذا قرأ الكتب وكتبه وعليه فيكون وصفه بالأمية كمالا لدلالته على صدقه وأنه لا يمكن أن يفتري من عنده (( الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ )) صلوات الله وسلامه عليه يؤمن بالله الإيمان بالله الذي لا يباريه أحد به ولذلك نجد أنه أكمل الناس عليه الصلاة والسلام في عبادته وكلما قوي الإيمان قويت العبادة فهو أعبد الخلق لله عز وجل ومن قرأ سيرته عرف حاله .
وكلماته : الكونية والشرعية يؤمن بالكلمات الكونية وأنه جلا وعلا إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون وأن الهزيمة بكلماته الكونية والانتصار بكلماته الكونية وهذا يتضمن أن يؤمن بالقدر خيره وشره .
يؤمن كذلك بالكلمات الشرعية فهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسبق الناس إلى العمل بما جاء به هو كما قال عنه بعض الملوك عرفت أنه نبي لأنه ما أمر بأمر إلا كان أول فاعل به فاعل له إلا كان أول فاعل له ولا نهى عن شيء إلا كان أول تارك له عليه الصلاة والسلام وهذا يدل على كمال تعبده لله تبارك وتعالى (( واتبعوه )) آمنوا واتبعوه الإيمان بالقلب والاتباع بالجوارح فهو كالإيمان والإسلام هذا إذا اجتمعا وأما إذا ذكر أحدهما منفردا شمل الآخر اتبعوه لعلكم تهتدون .
وإني أدعوكم أيها الإخوة إلى أن تلاحظوا هذا في عباداتكم كلما فعلتم شيئا من العبادات استشعروا بأنكم إيش ؟ متبعون للرسول صلى الله عليه وسلم ليكون أسوتكم وإمامكم في الدنيا والآخرة وقوله : (( لعلكم تهتدون )) لعل هذه كلما جاءت في كتاب الله فهي للتعليل إذا جاءت منسوبة لله عز وجل في كلامه وليست للترجي لأن الترجي إنما يكون ممن لا يستطيع الشيء إلا بصعوبة والله عز وجل لا يصعب عليه وقال بعض أهل العلم : إنها للترجي باعتبار المخاطب أي ترجون بذلك الهداية لكن المعنى الأول أصح أن لعل في كلام الله إيش ؟ للتعليل هذا إذا جاءت في كلامه الخاص أما قوله تعالى : (( لعلي أبلغ الأسباب )) وما أشبه ذلك فهذه لها معاني خاصة وقوله : (( لعلكم تهتدون )) أي الهدايتين ؟ الأسبق هداية العلم ولا هداية العمل ؟ كلها هداية العلم وهداية العمل ولهذا كلما كان الإنسان أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوسع لعلمه وأكثر لعمله وإخلاصه وجرب تجد أنت إذا غفلت في يوم من الأيام عن شعورك بالمتابعة صارت العبادات بالنسبة لك قليلة الثمرة لكن إذا شعرت بأنك تتبع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكأنه أمامك استفدت فائدة كبيرة ولهذا قال عز وجل : (( واتبعوه لعلكم تهتدون )) إذا الإيمان والاتباع كلاهما سبب للاتباع " وقوله تعالى : (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )) " ما آتاكم من الغنائم فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ولا تطالبوا به ولا تسخطوا إذا لم يصل إليكم .
فإن قال قائل أين الدلالة من هذه الآية على ما نحن فيه ؟ فالجواب : أنه إذا كنا مأمورين أن نأخذ ما آتانا من الفيء وهو على اسمه فيء زائل دنيا زائلة فأخذنا بما آتانا من العلم إيش ؟ من باب أولى إذن إذا أعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم من أسماء الله قبلنا وإلا فلا .
" وقوله تعالى : (( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً )) " من يطع الرسول المراد به محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد أطاع الله وجه ذلك أن الله أمر بطاعة الرسول فإذا أطعنا الرسول فقد أطعنا الله والرسول صلى الله عليه وسلم له الولايتان : ولاية التشريع وولاية التنفيذ فنكون مأمورين بطاعته لأنه مشرع ولأنه أمير في الواقع هو ذو السلطان عليه الصلاة والسلام (( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى )) يعني عن طاعة الرسول (( فما أرسلناك عليهم حفيظا )) مناسبة الجواب للشرط أن المراد به تسلية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعني من تولى فإنه لا يضرك وإنما يضر نفسه وأنت لست حفيظا عليهم ولا مسيطرا عليهم ولا جبارا عليهم أمرهم إلى من ؟ إلى الله أنت وهي البلاغ إن عليك إلا البلاغ ما عليه إلا البلاغ وإذا كان هكذا فمن بعده ممن خلفه في أمته من العلماء مثله ما على العلماء إلا البلاغ عليهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر لكن ليس عليهم أن يأتمر الناس وينتهوا يبلغوا وأما أن الناس يأتمرون بأمرهم وينتهون بنهيهم فهذا ليس واجبا عليهم (( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )) افعل السبب لهداية الخلق وابذل ما تستطيع ولكن لا يضيق صدرك بما كان عليه الناس لأنك إن فعلت هذا اشتغلت بعيوب الناس عن عيوب نفسك وصار لا مالك هم إلا الناس وهذا يؤثر على الإنسان تجده يحب للناس الخير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة لكن ينسى نفسه الحمد لله ما دام الله عز وجل قال لنبيه المكلف بالرسالة وتبليغها قال : (( إن عليك إلا البلاغ )) نحن بيننا وبينهم مسافات وعسى أن نقوم بما يجب أن نبلغ ولهذا قال : (( فما أرسلناك عليهم حفيظا )) .
" وقوله : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَاوِيلاً )) " إن تنازعتم يعني اختلفتم في شيء قال بعضكم هذا حرام وقال بعضكم هذا واجب أو هذا مباح فإلى من نرجع ؟ إلى شيئين لا ثالث لهما إلى الله والرسول إلى الله كيف نصل إلى الله ؟ إلى كتابه الحمد لله كتاب الله بيننا والقرآن الكريم كالمراسيم الملكية مثلا وحاشاه القرآن منها لكن هو بيننا نرجع إلى كلامه والرسول في حياته إليه نفسه حتى يحكم بيننا بعد مماته إلى ما صح من سنته صلى الله عليه وسلم لكن اسمع (( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) يعني إن كنتم صادقين في الإيمان بالله واليوم الآخر فعند التنازع ارجعوا إلى الله ورسوله والإيمان بالله واليوم الآخر يقترنان جميعا دائما في القرآن الكريم لأن الإيمان بالله باعتبار البداية واليوم الآخر باعتبار النهاية فباعتبار البداية إذا كان الإنسان مؤمنا بالله لا بد أن يكون في قلبه حركة ليصل إلى الرب عز وجل محبة له ورغبة فيما عنده اليوم الآخر كذلك إذا كان الإنسان عنده إيمان باليوم الآخر قوي فسيتجنب كل ما يكون سببا للعقوبة في ذلك اليوم (( ذلك خير وأحسن تأويلا )) تأويلا بمعنى مآلا خير في الحال حتى لو غلب أحدنا أجيبوا يا جماعة حتى لو غلب يصير خير له وهو مغلوب نعم الإنسان إذا تواضع لله ورجع عن قوله لأنه يخالف الكتاب والسنة فهو ليس بمغلوب بل هو غالب على نفسه والجهاد جهاد النفس أما بالنسبة للغالب فواضح أنه خير له لأنه دل على خير وقال بالخير فكان خيرا له أحسن تأويلا أي أحسن عاقبة من أن يركب بعضكم رأسه ولا يخضع للحق كل يقول أنا من أنا أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفونني ولا أقبل منك ولا شيء ويش أنت ؟ كانك رجل فأنا رجل ويأبى إذا أبى وذاك أبى سوف يبقى التنازع وتبقى الأمة متفرقة ولا خير في أمة متفرقة أبدا فصار الرجوع إلى الله ورسوله خيرا في الحال وفي المآل ولا تظن أنك إذا غلبت حين رجعت إلى الكتاب والسنة أن مآل ذلك وعاقبته سيكون سوءا لك وسيقول الناس فلان غلب مسكين ما عنده علم لا هو خير بل إنك إذا رجعت إلى الحق وثق الناس بك أكثر كما أنك إذا سئلت عن شيء لا تعلم عنه وثق الناس بك أكثر أما الإنسان اللي ما شاء الله كل مسألة ولو كانت من أعضل المسائل تلج عليه على طول يقول الحكم فيها كذا الحكم كذا أو يقول فيها قولان والعلم عندي ... ها أيقال هذا كما قرأنا في بعض الكتب رجل يقال له ابن جني اسمع يا يحي لعلك ما سمعتها من قبل ما سمعتها إي ابن جني هو إنسي ما هو جني عالم من علماء النحو كان له شيخ كبير أب شيخ كبير وأبوه متزعم المشيخة ويجلس للناس وهو ما عنده علم وولده أعلم منه فيقول له ولده يا أبت كل ما جاءك أحد قل في المسألة قولان لا تبت فيها قل فيها قولان والتفصيل عند ابني وأنا أكفيك فكان كل ما قال أحد هل هذا حرام ولا موه بحرام قال فيها قولان والتفصيل عند الابن تمشي الأمور فقام رجل ذكي وقال له : أفي الله شك ؟ جوابه أن تقول لا شك فيه الذي يشك في الله كافر قال أفي الله شك يريد أن يقول هذا الشيخ الكبير فيها قولان فعلا قال فيها قولان أفي الله شك ؟ قال : فيها قولان والعلم عند الابن الابن ماذا قال ؟ قال نعم صدق أبي فيها قولان ويريد بذلك إعراب الآية أفي الله شك هل شك فاعل أو شك مبتدأ مؤخر وهو جيد في النحو انفك اللغز وخاب أمل الذي تحداه لأن ابنه وجد مخرجا فالمهم أنك إذا رجعت إلى الحق حينما حصل النزاع وحكمتم الكتاب والسنة ورجعت للحق لا تظن إن هذه هزيمة هذه غنيمة ولهذا أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري في كتاب القضاء الذي كتبه إليه عمر وهو هذا الكتاب الذي بنى عليه ابن القيم كتابه * إعلام الموقعين * نهاه أن يمنعه من قول الحق ما قضاه بالأمس قال : ( إذا أدلى أحد إليك اليوم بشيء موافق للحق احكم به ولا تقول أمس حكمت بضده ) الرجوع للحق فضيلة ولهذا يذكر وذكره الفرضيون والفرضيون والنحويون يستشهدون بآثار أو بأشعار النحويون يستدلون بالأشعار نعم من قائل هذا البيت ؟ قال قاله رجل من بني ضبة استشهدوا ببيت على إعراب كتب من القائل ؟ قاله رجل من بني ضبة دور عاد بني ضبة والرجل فيهم ذا من يلقاهم كذلك الفرضيون يذكرون أشياء وآثارا قد لا تصح .