قال المؤلف : "المثالان السابع والثامن، قوله تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وقوله: {ونحن أقرب إليه منكم}. حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة. والجواب: أن تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفاً للكلام عن ظاهره لمن تدبره. أما الآية الأولى فإن القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك، حيث قال: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد . إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}. ففي قوله: {إذ يتلقى} دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقيين. وأما الآية الثانية: فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار، والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة، لقوله تعالى:{حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون}. ثم إن في قوله: {ولكن لا تبصرون}. دليلاً بيناً على أنهم الملائكة، إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره، وهذا يعين أن يكون المراد قرب الملائكة لاستحالة ذلك في حق الله ـ تعالى ـ. " حفظ
الشيخ : " المثال السابع " منين ؟ من الأمثلة التي احتج بها أهل التعطيل على أهل الإثبات وقالوا كيف تنكرون علينا نعم التأويل وأنتم تتأولون .
" المثال السابع والثامن قوله تعالى : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) وقوله تعالى : (( ونحن أقرب إليه منكم )) حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة " .
هاتان آيتان فيهما يقول الله عز وجل : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) نحن الضمير يعود على الله وعلى هذا يكون الضمير المستتر في الخبر عائدا على من ؟ على الله هذا ظاهر اللفظ (( أقرب إليه )) كذلك قوله : (( ونحن أقرب إليهم منكم )) أي من الحلقوم الضمير في نحن يعود على الله والضمير المستتر في الخبر يعود على الله فظاهر الآيتين أن الله نفسه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد وكذلك أيضا أقرب إلى الإنسان من ايش ؟ من الحلقوم يا جماعة (( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون )) نحن أقرب إليه أي إلى الحلقوم يا جماعة .
الطالب : إلى الحلقوم .
الشيخ : أي إلى الحلقوم. (( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم )) إلى ايش ؟ إلى الحلقوم ويجوز أن يكون المعنى نحن أقرب إليه أي إلى الميت المحتضر منكم هم قالوا إنكم إذا فسرتم القرب فيهما بقرب الملائكة فهذا تأويل أي صرف للكلام عن ظاهره أفهمتم الآن ؟ هل لهم حجة في هذا وإلا لا ؟ نعم إذا كان هذا ظاهر اللفظ فلهم حجة ولكن كما قلنا أولا التأويل إذا كان بدليل فهو حق ولا يسمى تأويلا بالمعنى الاصطلاحي ولكن يسمى تفسيرا طيب .
" والجواب : أن تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفاً للكلام عن ظاهره لمن تدبره " .
ولهذا أحث إخواني الطلبة على التدبر قبل الحكم كما أمر الله عز وجل : (( أفلا يتدبرون القرآن )) (( أفلا يتدبروا القول )) (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته )) تدبر لا تتعجل في الحكم ولهذا قال من تدبره .
" أما الآية الأولى : فإن القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك - أي على الملائكة - حيث قال : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) ففي قوله : (( إذ يتلقى المتلقيان )) دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقيين " .
وعلى هذا فيكون قوله : (( إذا يتلقى )) متعلق بأقرب الذي هو اسم التفضيل (( إذ يتلقى المتلقيان )) وهنا يحسن الوقوف (( إذ يتلقى المتلقيان )) المتلقيان لماذا ؟ لئلا يتوهم واهم أن قوله قعيد بدل من المتلقيان وليست كذلك بل (( إذ يتلقى المتلقيان )) ثم استأنف وقال : (( عن اليمين و عن الشمال قعيد )) طيب هنا فهمنا إيش ؟ أن المراد بالقرب قرب الملائكة لأنه قيد ذلك أقرب إليه أي إلى الإنسان من حبل الوريد حين يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد هكذا قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو ظاهر عند التدبر .
" وأما الآية الثانية : فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار والذي يحضر عند الميت والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة لقوله تبارك و تعالى : (( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )) ثم إن في قوله : (( ولكن لا تبصرون )) دليلا بينا على أنهم الملائكة إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره وهذا يعين أن يكون المراد قرب الملائكة لاستحالة ذلك في حق الله تعالى " .
وهذا ما قرره شيخ الإسلام رحمه الله قال : " إن المراد بذلك قرب الملائكة " وبين وجه ما قال وهو وجيه كما ترى .