قال المؤلف : "..إلى أن قال: والتكفير هو من الوعيد، فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول، صلى الله عليه وسلم، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها، ولم تثبت عنده أو عارضها عنده معارض آخر، أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً. وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال: "إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين. ففعلوا به ذلك فقال الله: ما حملك على ما فعلت؟ قال : خشيتك فغفر له". فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك. والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول، صلى الله عليه وسلم، أولى بالمغفرة من مثل هذا. ا.هـ." حفظ
الشيخ : إلى أن قال : " والتكفير هو من الوعيد. فإنه وإن كان القول تكذيبا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام " التكفير لا شك أنه من الوعيد وهو أيضا حكم حكم ينتقل به الإنسان من العصمة إلى إباحة الدم والمال وهو وعيد لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين يقول من فعل كذا فقد كفر و ( ثنتان من الناس بهما كفر ) لا يريد مجرد الخبر إنما يريد الوعيد والتنفير من هذا العمل .
قال : " لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام " معنى حديث عهد بإسلام أنه أسلم قريبا " أو نشأ ببادية بعيدة " بعيدة عن المدن وعن العلم " ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة " وهذا هو الحق لقول الله عز وجل : (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) ولقوله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )) ولقوله : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا )) " وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص " ولو سمعها لأقر " أو سمعها ولم تثبت عنده " وهذا عذر إذا سمع نصوصا فيه التكفير لكن لم تثبت عنده فإنه لا يمكن أن يعمل بها ولا يجل أن يعمل بها " أو نعم أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً " نعم ربما يسمع النصوص ويعرف مدلولها وهي ثابتة عنده لكن وجد دليل يعارضه فإذا كان يعارضها فلا بد أن يحتاج إلى ايش ؟ إلى التأويل بأن يحمل النصوص المثبتة على وجه لا يعارض الثبوت المعنوي المعارضة كل هذه أعذار . لكن متى تكون عذرا ؟ تكون إذا بذل الإنسان جهدا ولكن لم يتبين له فهو معذور طيب .
قال رحمه الله : " وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال : ( إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدِر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين ففعلوا به ذلك فقال الله : ما حملك على ما فعلت قال : خشيتك فغفر له ) " .
هذا رجل مسرف على نفسه ظالم لنفسه كثير الخطايا والعصيان خاف من الله عز وجل فقال لأهله إذا مت فأحرقوني يعني أحرقوني بالنار ثم اسحقوني سحقا حتى أكون كالتراب ثم ذروني في اليم اليم يعني البحر حتى يتفرق مع هذه الأموات ثم أقسم أن الله لو قدر عليه لعذبه وهو فار من ايش ؟ من عذاب الله عز وجل لا يريد أن يعذبه الله سبحانه وتعالى فأوصى بهذه الوصية فقال الله له بعد أن جمعه جل وعلا من اليم قال له ما حملك على هذا ؟ قال خشيتك يا رب فغفر الله له ما أكرم الله عز وجل مع أن هذا رجل يقول شيخ الإسلام : " فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري بل اعتقد أن لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه فغفر له ذلك " إذن هذا عذر عذر ولو لم يكن عذرا لعاقبه الله عز وجل على شكه في قدرة الله ثم قال أيضا : " والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا " المتأول من أهل الاجتهاد هذا شرط إذا اجتهد وتبين وتبين له الحق على وجه التأويل مع حرصه على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى بالعذر وهذا من سعة رحمة الله عز وجل وهو داخل في عموم قوله تعالى : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) .