( بيان مذهب الجبرية وشبهتهم والرد عليهم ) جهم بن صفوان وشيعته الألى*** جحدوا صفات الخالق الديان بل عطلوا منه السموات العلى*** والعرش أخلوه من الرحمن ونفوا كلام الرب جل جلاله*** وقضوا له بالخلق والحدثان قالوا وليس لربنا سمع ولا*** بصر ولا وجه، فكيف يدان وكذاك ليس لربنا من قدرة*** وإرادة أو رحمة وحنان كلا ولا وصف يقوم به سوى*** ذات مجردة بغير معان وحياته هي نفسه وكلامه*** هو غيره فاعجب لذا البهتان وكذاك قالوا ما له من خلقه***أحد يكون خليله النفساني وخليله المحتاج عندهم وفي*** ذا الوصف يدخل عابد الأوثان فالكل مفتقر اليه لذاته*** في أسر قبضته ذليل عان ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ*** ـقسري يوم ذبائح القربان اذ قال إبراهيم ليس خليله*** كلا ولا موسى الكليم الداني شكر الضحية كل صاحب سنة*** لله درك من أخي قربان والعبد عندهم فليس بفاعل*** بل فعله كتحرك الرجفان وهبوب ريح أو تحرك نائم*** وتحرك الأشجار للميلان والله يصليه على ما ليس من*** أفعاله حر الحميم الآن لكن يعاقبه على أفعاله*** فيه تعالى الله ذو الإحسان والظلم عندهم المحال لذاته*** أنى ينزه عنه ذو السلطان ويكون مدحا ذلك التنزيه ما*** هذا بمعقول لذي الأذهان حفظ
الشيخ : ... يبين شيئاً من مذهب الجهمية مذهب الجهمية هو الجبر بالنسبة لأفعال العبد وأن العبد مجبر على عمله وليس هو الفاعل وإنما فعله كما يقول : " كتحرك الرجفان "
" وهَبوب الريح أو تحرك النائم *** وتحرك الأشجار "
يعني مثلا أنا عندما أقول هكذا وهكذا هذا غصب عليه، الفعل فعل الله وأنا ما لي إرادة أبدا ولا قدرة مثل ما لو أن الشجرة تهزها الرياح يمينا وشمالا هل لها إرادة ؟ ما لها إرادة إنسان مثلا بردان يرجف من البرد له إرادة ؟ ما له إرادة الرجفان هذا ما له إرادة فهم يقولون إن الإنسان ليس له فعل اختياري وأنه مجبر على عمله والله عز وجل يصليه نار جهنم ويعاقبه على فعل لا يُنسب إليه إنما ينسب إلى من ؟ إلى الله لكن يُعاقبه على أفعاله ... هو والعياذ بالله، الله يعاقب هذا الإنسان المجبر المسكين ما له فعل إطلاقاً والفعل لله، يعاقبه على أفعاله الله يعاقبه على أفعاله ، طيب هذا ظلم ولا عدل؟ ظلم عظيم قيل لهم هذا ظلم كيف الله عز وجل يجبره على الفعل والفعل فعل الله ثم بعد ذلك يصليه نار جهنم ويعاقبه على أفعاله هذا ظلم أليس كذلك؟ قالوا لا الظلم عندنا هو الشيء الممتنع لذاته، الظلم المحال لذاته هذا الظلم أما شيء يفعله الله عز وجل في مُلكه فليس بظلم لو فعله الله في ملك غيره لكان ظالما لكن هذا محال لذاته كيف لذاته ؟ لأن الملك ملك مَن ؟ ملك الله كل من في السموات فهو لله، فتعذيبه هذا الرجل على ما فعله هو فيه تصرف في ماذا ؟ في ملكه إذن ليس بظالم والظلم لله محال، لأن الظلم أن يتصرف الفاعل في ملك غيره ولا مالك إلا الله فيكون حينئذٍ الظلم بالنسبة لله محالٌ إيش ؟ لذاته طيب المؤلف رد عليهم
" أنى ينزه عنه ذو السلطان *** ويكون مدحا ذلك التنزيه "
يعني إذا قلت إن الظلم محال لذاته فكيف ينزه الله عنه ، إذا كان محالا لذاته هل يحتاج أن ينزه الله عنه ، إذا كان محال هل يحتاج أن يقال إن الله لا يظلم؟ ما يحتاج نعم كيف أن ننزه الله عن الظلم ؟ ونقول هذا مدح لله عز وجل لكمال عدله لا يظلم ثم نقول إن الظلم محال، لأن الشيء المحال لا يمدح الإنسان عليه، الشيء المستحيل مستحيل لا يمدح عليه لا إيجادا ولا عدماً مع أن الله عز وجل يقول : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ) فهذا يدل على إمكانه ولا على عدم إمكانه ؟ على إمكانه لكن الله حرمه لكمال عدله حرمه على نفسه، المهم خلاصة هذه القطعة أن مذهب الجبرية في أفعال العباد الجبر أنه مُجبر عليه لا إرادة له وأن الحركات الاختيارية بمنزلة تحرك الأشجار بالهواء فإذا قيل لهم تعليقهم على ذلك ظلم؟ قالوا لا الظلم هو الشيء المستحيل وهذا لا يستحيل لأن الظلم أن يتصرف الإنسان في حق غيره أو ملك غيره وهذا من ملك الله ... فإذن لا ظلم لأنه يتصرف في ملكه بماذا نرد عليهم ؟ نقول هذا التفسير الذي ذكرتموه للظلم لا يحمد عليه لماذا ؟ لأن المحال لا يمدح الإنسان على عدم فعله لأنه لو أراد يفعل ما يقدر فلا يمدح على عدم فعله، والله عز وجل نزه نفسه عن الظلم متمدحا بذاته ولا لا ؟ فلو كان محالا لذاته صار نفي الظلم عن الله تنزيها له عما لا يليق به صار عبثا لا فائدة منه ، والأمر هذا واضح، أما الرد عليهم في قولهم إن الإنسان مجبر فليس هذا موضعه إنما الكلام الآن نفهم مذهبهم وأما الرد عليهم فواضح، كل إنسان يعرف أن فعله باختياره ولا لا ؟ باختياره هناك أشياء ما هي باختياره كالموت والمرض هذه ما هي باختياره لا شك ، لكن الأفعال الاختيارية التي يفعلها الإنسان عمل صالح ...قول ، فعل هذا باختياره ولا لا ؟ ولهذا لو أمسكنا واحدا من هؤلاء وضربناه ضرباً مُبرحا شديداً وقال ايش هذا أكثرتَ علي ، ويش نقول له هذا غصبا علينا ، أمر مقدر والمقدر ما لنا عنه يرضى بهذا ولا ما يرضى؟
الطالب : ما يرضى
الشيخ : ما يرضى أمير المؤمنين لما جيء إليه بسارق فأمر بقطع يده كما ذكر عنه قال : مهلا يا أمير المؤمنين والله ما سرقت هذا إلا بقدر الله فقال له : ونحن ما نقطعك إلى بقدر الله صح فالمهم أن هذا القول لا يمكن أن يستقيم عليه أحد إطلاقا ولو أننا قلنا به لفسدت السموات والأرض وكان كل إنسان يزني ويسرق ويقتل ويشرب الخمر نعم لا يلام عليه ولا يضره شيء لأنه بغير اختياره وبغير إرادته نعم .