( معنى التبديل في قوله تعالى:"يوم تبدل الأرض غير الأرض" والرد على الجهم القائل بتبديل جميع المخلوقات يوم القيامة، وقوله أن الموت ليس هو خروج الروح من البدن وإنما الروح عرض من الأعراض )
وقضى بأن الله يجعل خلقه*** عدما ويقلبه وجودا ثان العرش والكرسي والأرواح وال*** أملاك الأفلاك والقمران
والأرض والبحر المحيط وسائر الـ*** أكوان من عرض ومن جثمان
كل سيفنيه الفناء المحض لا*** يبقى له أثر كظل فاني
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا ***محض الوجود إعادة بزمان
هذا المعاد وذلك المبدأ الذي*** جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والألى*** قالوا مقالته إلى الكفران
لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا *** أن الرسول عناه بالإيمان
هذا كتاب الله أنى قال ذا*** أو عبده المبعوث بالبرهان
أو صحبه من بعده أو تابع*** لهم على الإيمان والإحسان
بل صرح الوحي المبين بأنه*** حقا مغير هذه الأكوان
فيبدل الله السموات العلى*** والأرض أيضا ذان تبديلان
وهما كتبديل الجلود لساكني النـ*** ـيران عند النضج من نيران
وكذاك يقبض أرضه وسماءه*** بيديه ما العدمان مقبوضان
وتحدث الأرض التي كنا بها*** أخبارها في الحشر للرحمن
وتظل تشهد وهي عدل بالذي*** من فوقها قد أحدث الثقلان
أفيشهد العدم الذي هو كاسمه*** لا شيء، هذا ليس في الإمكان
لكن تسوى ثم تبسط ثم تشـ***ـهد ثم تبدل وهي ذات كيان
وتمد أيضا مثل مد اديمنا*** من غير أودية ولا كثبان
وتقيء يوم العرض من أكبادها*** كالاسطوان نفائس الأثمان
كل يراه بعينه وعيانه*** ما لامرئ بالأخذ منه يدان
وكذا الجبال تفت فتا محكما*** فتعود مثل الرمل ذي الكثبان
وتكون كالعهن الذي ألوانه*** وصباغه من سائر الألوان
وتبس بسا مثل ذاك فتنثني*** مثل الهباء لناظر الإنسان
وكذا البحار فإنها مسجورة*** قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا*** لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكورة وهذا خاسف*** وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الأفلاك تنثر كلها*** كلآلئ نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق شقا ظاهرا*** وتمور أيضا أيما موران
وتصير بعد الانشقاق كمثل ها*** ذا المهل أو تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما*** أيضا وأنهما لمخلوقان
والحور لا تفني كذلك جنة الـ*** مأوى وما فيها من الولدان
ولأجل هذا قال جهم إنها*** عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والأنبياء فإنهم تحت الثرى*** أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم*** أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بلى*** منه تركب خلقة الإنسان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما*** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان ولأجل ذلك لم يقر الجهم بال*** أرواح خارجة عن الأبدان
لكنها من بعض أعراض بها***قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للأرواح بعد فراقها*** أبدانها والله أعظم شأن
إما عذاب أو نعيم دائم*** قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها*** تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لأنهار بها*** حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا*** في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم*** ونعيمهم للروح والأبدان
بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم*** أجسام تلك الطير بالإحسان
ولها قناديل إليها تنتهي*** مأوى لها كمساكن الإنسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة*** منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها أشد من الذي*** قد عاينت أبصارنا بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا*** ذا كله تبا لذي نكران
حفظ
الشيخ : خلاصة هذا البحث: أن هذا الرجل اللي هو الجهم زعم أن المعاد يوم القيامة ليس لهذه الأجسام وأن هذا الخلق الموجود المشاهد الآن يفنى يوم القيامة فناءً كاملا ولا يوجد منه شيء أبدا كالظل تنسخه الشمس هل يبقى ظلا ؟ لا ما يبقى شيء ثم يعيد الله تعالى الخلق من جديد فيعيد حيواناً إنساناً بهائم وحوشاً وهكذا أيضا السموات يعيدها من جديد والأرض يعيدها من جديد والكواكب يعيدُها من جديد كل شيء يعاد من جديد ليش ؟ قال لأن هذا هو معنى التبديل أنت إذا قلت أبدل لي هذه الحقيبة بهذا الكتاب ، الحقيبة تنتقل مني إليك والكتاب ينتقل منك إلي فالبديل غير المبدل منه والله يقول : (( يوم تُبدل الأرض غير الأرض والسماوات )) ولا شك أن هذا القول باطل والتبديل الذي ذكر الله عز وجل ليس تبديل ذات بذات لكنه تبديل وصف بوصف واستشهد المؤلف لذلك بقوله تعالى : (( بدلناهم جلودا غيرها )) قال : إن الجلد باقي لكنه نضج من النار (( كلما نضِجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها )) فهي لما نضِجت نشأت من جديد وهي هي واستدل أيضاً بأن الله يطوي السماوات ويطوي الأرضين والطي للمعدوم ممكن ولا غير ممكن ؟ غير ممكن واستدل أيضاً بأنه لو كان خلقا جديدا لعُذب من لا يستحق العذاب ونجا من يستحق العذاب، لأن هذا الكافر راح عُدم نهائيا وجاء كافر جديد بدله وعذبنا هذا الكافر وهذا معقول ولا غير معقول ؟ غير معقول ولا يمكن أن الله عز وجل يخلق أقواماً يعذبهم وأقوام ينعمهم بدون أي عمل ثم عرج المؤلف أيضاً إلى معنى آخر يقوله الجهم قال : " إن الموت ليس خروج الروح من البدن " الروح وصف من الأوصاف كالطول والقصر والحُمرة والسواد والبياض ، عرض من الأعراض والصحة مات الإنسان وفُقد هو وحياته راح فليس هناك روح ولا عذاب في القبر ولا نعيم ولا نعيم في الجنة ولا شيء نعم ما تبقى، لأن عنده التسلسل ممنوع الجنة الموجودة ما هي موجودة كما عرفتم والولدان سيفنون كما هو قوله الأول كل هذا مبني على إيش ؟ على قواعد فاسدة مخالفة للكتاب والسنة أيضاً يُبطلها العقل كما يُبطلها النقل فالمؤلف كل هذا الفصل رحمه الله جاب له أمثلة والظاهر أن شرح الأمثلة يبي يطول علينا شوي ويُمكن تراجعون عليها مثل كتاب * حادي الأرواح * أو غيرها من الكتب .