( بيان أن الواجب على الإنسان الصدع بالحق ولا يخاف إلا الله مع الصبر عند الدعوة وما حكم هجر أهل البدع ونظر أهل السنة في أهل البدع ) واسمع نصيحة من له خبر بما*** عند الورى من كثرة الجولان ما عندهم والله خير غير ما*** أخذوه عمن جاء بالقرآن والكل بعد فبدعة أو فرية*** أو بحث تشكيك ورأي فلان فاصدع بأمر الله لا تخش الورى*** في الله واخشاه تفز بأمان واهجر ولو كل الورى في ذاته*** لا في هواك ونخوة الشيطان واصبر بغير تسخط وشكاية*** واصفح بغير عتاب من هو جان واهجرهم الهجر الجميل بلا أذى*** أن لم يكن بد من الهجران وانظر إلى الأقدار جارية بما*** قد شاء من غي ومن إيمان حفظ
الشيخ : المؤلف رحمه الله في هذه الأبيات في هذه القطعة أن الواجب على الإنسان أن يصدع بالحق ولا يخشى إلا الله عز وجل فإن الأمان في خشية الله والخوفَ كل الخوف في خشية الناس فمن خشي الله خافه الناس ومن خاف الناس وطئه الناس ولهذا قال رحمه الله : " لا تخش الورى*** في الله واخشاه تفز بأمان " وأرشد رحمه الله إلى أن الواجب الصبر من غير أن يتسخط أو يشكو لا تتسخط ولا تشكو واصبر وأما الهجر فقال : إن لم يكن منه بُد فاهجره وإلا فلا ثم أمرنا أن ننظر إلى أقدار الله عز وجل في هؤلاء المُعرضين عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأن لنا أيها الإخوة بالنسبة للمُعرضين عن كتاب الله وسنة رسوله لنا فيهم نظران : النظر الأول النظر القَدري يعني النظر إلى قدر الله عز وجل فهُنا نرحمهم ونرق لهم ونحمد الله عز وجل أن عافانا مما ابتلاهم به لأن هذا من أقدار الله عز وجل
والنظر الثاني : ننظرهم بعين الأمر أي بعين الشرع وحينئذٍ نلزمهم بما يقتضيه الشرع ونجبرهم عليه ونؤدبهم عليه ونعذبهم فيه كما قال الله تعالى في الزانية والزاني قال : (( فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )) فأنت إذا نظرت إلى هذا المخذول والعياذ بالله تأوي له تقول مسكين كيف صُد عن الهدى واتبع الهوى والردى ترق له لكن في الأمر الذي هو الشرع تُلزمه به وتؤدبه على ما فعل حتى يستقيم على أمر الله عز وجل ولهذا قال المؤلف : " وانظر إلى الأقدار " أقدار من ؟ أقدار الله سبحانه وتعالى "جارية بما قد شاء من" إيش ؟ "من غي ومن إيمان" نعم .