ذكر أقسام الناس في باب الصفات من حيث الإثبات والنفي، وبيان أن الأشاعرة يثبتون سبع صفات لله فقط والرد عليهم. حفظ
الشيخ : الآن اللي فهمنا من كلام المؤلف أن الناس انقسموا إلى ثلاثة أقسام في باب الصفات بين مثبت ومعطل، يعني مثبت للجميع أو ناف للجميع ، والثالث : متناقض يثبت البعض وينفي البعض ، ومن المعلوم أن هذا الثالث هم الأشاعرة ومن سلك سبيلهم يُثبتون لله تعالى بعض الصفات وينكرون بعضاً مع إثباتهم الأسماء على أنهم في إثبات هذه الصفات التي يثبتونها لا يُوافقون أهل السنة أو لا يوافقون السلف فيما يثبتونه والذي يثبتونه من الصفات سبق لنا بيانُه وأنه سبع مجموعة في بيت ذكره السفاريني :
" له الحياة والكلام والبصر *** سمع إرادة وعلم واقتدر "
بقدرة سبع صفات يثبتونها لله والباقي لا يثبتونه الرحمة والرضا والغضب والسخط والكراهة والبُغض والمحبة والوجه وما أشبه ذلك كل هذا عندهم ليس بثابت لله على وجه الحقيقة، يجب أن يؤوّل طيب لماذا ؟ منهم من قال : لأن العقل لا يدل عليه ونحن لا نثبت إلا ما دل عليه العقل، ومنهم من قال : لأن إثباته يستلزم التجسيم لأننا لا نشاهد ما يتصف بذلك إلا ما هو جسم، فإذا أثبتنا حقيقته لله لزم أن يكون جسما ثم قالوا : الأجسام متماثلة وكُل ما استلزم باطلا فهو باطل لأن المماثلة باطلة أفهمتم الآن ؟
طيب نقول لهم ما دليلكم على إثبات العقل لهذه الصفات السبع ؟ قالوا : الإيجاد يدل على على القدرة الإيجاد يدل على القدرة كل السموات والأرض والبشر والحيوان كله موجد لله فهو دليل على إيش ؟ على القدرة هذا صحيح ولا لا ؟ صحيح التخصيص يدل على الإرادة ويش معنى التخصيص ؟ يعني كون هذه سماء وهذه أرض وهذا إنسان وهذا جمل وهذه شمس وهذا قمر يدل على أن هناك إرادة فرقت بين الموجودين ولولا الإرادة لكان الخلق كله شيئا واحدا، إذن تخصيص المخلوقات كل واحد بما يختص به دليل على إيش ؟ على الإرادة صحيح ولا غير صحيح ؟ صحيح طيب نظرنا إلى هذه المخلوقات وجدنا أنها مُحكمة متقنة (( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار )) قالوا : إحكام هذه الأشياء وإتقان هذه الأشياء يدل على العلم لأن الجاهل ما يُتقن لو تجي تنثر هذا المسجل عند واحد تنثره مرة وتقول يلا ركبه لي وهو ما عرف ما درس كيف يُركب نعم ، يستطيع يركبه ولا لا ؟ ما يستطيع لو ركبه على غير انتظام ما صلح قالوا فهذا النظام البديع والإحكام الغريب يدل على العلم صح هذا ولا لا ؟ صحيح نوافق فاجتمع عندنا الآن ثلاث صفات وهي القدرة والإرادة والعلم طيب قالوا : وهذه الصفات لا تقوم إلا بحي ، لأن الميت ما يستطيع ليس عنده قدرة ولا عنده إرادة ولا علم إذاً نثبت صفة الحياة بهذه الطريقة بأنها من لازم كونه عليماً قادراً مريدا أن يكون حيا صح ولا لا؟ طيب الحي إما أن يكون أعمى أصم أخرس أو بصيرا سميعا متكلماً والأول ممتنع على الله ما يمكن بهذا العيب فبقي الثاني لزم الثاني وهو أنه سميع بصير مُتكلم ويش نقول ؟ صحيح ؟ صحيح وليتهم قالوا : والمريد إما أن يكون سفيها وإما أن يكون حكيماً، صحيح ولا لا ؟ والأول سفيها ممتنع فلزم الثاني وهو الحكمة لكن ما قالوا هذا ما هدوا إلى أن يقولوا هذا مع العلم بأن هذا من أظهر ما يكون المريد للشيء يجي صبي مريد الصبي مسك فنجان الشاي وضرب به البنت أراد ولا ما أراد ؟
الطالب : أراد .
الشيخ : حكمة ولا سفه ؟
الطالب : سفه
الشيخ : سفه ، سفه ولا لا؟ واضح ، إذن كل مريد فإما أن يكون حكيما وإما أن يكون سفيها والثاني ممتنع على الرب عز وجل أن يكون سفيها فلزم أن يكون حكيما لكن ما يقول هكذا إي نعم ولهذا يكون فعل الله وحكم الله وتشريع الله لغير حكمة، لكن لمطلق الإرادة
طيب بارك الله فيكم ، الآن هذا دليل العقل لإثبات هذه الصفات السبع فما جوابنا ، والباقي كله محوه من قاموس الكتاب والسنة ولا أثبتوه طيب ويش هذا تناقض ولا لا ؟ تناقض من أعظم التناقض فنحن نرد عليهم بأشياء كثيرة وجوه عقلية أولاً نقول : اعتمادكم على العقل فيما يثبت لله ويُنفى عنه هذا باطل من أصله لأن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والخلفاء والأئمة من بعدهم ما جعلوا مدار الأشياء هذه على العقل، فالاعتماد على العقل طريق مُحدث بدعي ضلال لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) هذه واحدة
ثانيا نقول : اعتمادكم على العقل مخالف للعقل ما نقول العقل لا يثبته نقول هو مخالف للعقل وبين هذه والتي قبلها فرق ، كيف يكون مخالف للعقل؟ لأن من المعلوم لكل أحد أن طريق الإثبات في هذه الأمور هو السمع ليس من الطريق أن نثبت لله تعالى شيئا أو ننفيه إلا عن طريق السمع، أليس كذلك ؟ فالعقل إذن العقل يؤيد أننا لا نعتمد في إثبات هذه الأمور أو نفيها إلا على السمع لا على العقل ، فصار تحكيم العقل في هذه الأمور مخالفاً للعقل
ثالثا أن نقول : يمكن أن نثبت ما نفيتموه بالعقل كما أثبتم ما أثبتموه بالعقل ونقول مثلا : جلب النعم ودفع النقم دليل على إيش؟ على الرحمة فلتُثبت كما استدللتم بالتخصيص على الإرادة ونقول : عقوبة المجرمين ومثوبة الطائعين دليل على كراهة الأولين ومحبة الآخرين أليس كذلك؟ إذ لا يمكن لشخص أن يمسك إنسانا ويجلده ويضربه ضرباً مبرحا والله إني أحبك أحب إلي من كثير من الناس وهو يضربُه العقوبة تدل على إيش ؟
الطالب : على الكراهة
الشيخ : على الكراهة لكن واحد يضرب شخص ضربا مبرحاً ويجلده والله إني أكرهه صادق ولا لا ؟
الطالب : صادق
الشيخ : صادق، طيب إنسان آخر دعا شخصا إلى بيته وأكرمه غاية الإكرام وألبسه من خير اللباس وأركبه من خير المركوب وقال تدري لم فعلت بك هذا ؟ قال نعم قال : لأني أكرهك، يمكن هذا ولا ما يمكن ؟ ما يمكن إذن مثوبة الطائعين وعقوبة المجرمين دليل واضح على أن الله يحب الأولين ويكره الآخرين واضح ؟ فنقول لهم يمكن أن نثبت ما نفيتموه بأي طريق ؟ بطريق العقل كما أثبتم أنتم ما أثبتموه بطريق العقل بل إن إثباتنا قد يكون أوضح
طيب رابعاً : أن نقول لهم هب أن العقل لا يدل على ما نفيتم هب أن العقل ما يدل على إثبات الرحمة لله أو إثبات الرضا أو الغضب أوما أشبه لك ولكن السمع أثبته فإذا انتفى الدليل العقلي على زعمكم فقد أثبته الدليل السمعي والقاعدة التي أطبق عليها جميع العقلاء "أن انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول" واضح القاعدة هذه؟ " انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول" لأن المدلول قد يثبت بدليل آخر فهب أن هذا الدليل انتفى لكن فيه دليل آخر وكما أن هذا في المعقولات فهو أيضاً في المحسوسات أرأيت لو كان لمكة ثلاثة طرق فأردت أن أسافر إليها فجاءني رجل فقال إن الطريق الشمالي مغلق أقول طيب ... أروح مع الطريق الوسط قال مغلق إيش أقول ؟ أروح مع الطريق الجنوبي فهل إذا انسد طريقان يوصلان إلى مكة ولها ثلاثة طرق يستلزم انسداد الثالث؟ لا فإذا كانت هذه الصفات كما زعمتم لا يدل عليها العقل فالسمع يدل عليها فوجب إثباتها بالدليل السمعي القائم السالم عن المعارض المقاوم ، واضح هذا؟ يجب إثباتها بإيش ؟ بالدليل السمعي القائم السالم عن المعارض المقاوم ما فيه شيء عارض ، فتبين بهذا أن المؤلف رحمه الله يقول لهؤلاء الجماعة أنتم متناقضون .