معنى قول الناظم: اذ كان عن رب العلى مستغنيا*** فيكون حينئذ لنا ربان والرب باستقلاله متوحد*** أفممكن أن يستقل اثنان لو كان ذاك تنافيا وتساقطا*** فإذا هما عدمان ممتنعان (الكلام على مثال التمانع) حفظ
الشيخ : نعم، " إذ كان عن رب العلا مستغنيا *** فيكون حينئذ لنا ربان "
لأنه إذا قدر شيئان قديمان كان كل واحد منهما هاه؟ مستغنيا عن الآخر ولا لأ؟ لأن هذا قديم لا يحتاج إلى محدث، والثاني قديم لا يحتاج إلى محدث، فحينئذ يكون لنا ربان كل منهم قديم مستغن عن الآخر، انتبهوا يا جماعة.
" إذ كان عن رب العلا مستغنيا *** فيكون حينئذ لنا ربان
والرب باستقلاله متوحد *** أفممكن أن يستقل اثنان "

الجواب: لأ، الرب لابد أن يكون مستقلا واحدا، لا يمكن أن يكون ربان، ودليل ذلك ما يعرف عند العلماء بدليل التمانع، مثاله، قال: " لو ذاك " يعني لو كان هناك اثنان، " تنافيا وتساقطا *** " صح؟ لو كان هناك ربان تنافيا يعني تعاكسا وتساقطا، " *** فإذا هما عدمان ممتنعان "
طيب، كيف ذلك؟ لو كان هناك اثنان مستقلان ربان لانفرد كل واحد، نعم، بمملكته ومخلوقاته، وحينئذ لابد أن يقع النزاع بينهما، فإما أن يعجز كل منهما عن الآخر، وإما أن يغلب أحدهما الآخر، فإن عجز كل واحد منهما عن الآخر تساقطا، وصار كل منهما لا يصلح أن يكون ربا، لأن الرب لابد أن يكون قاهرا غالبا، وإن غلب أحدهما الآخر صار هو الرب والثاني ليس برب.
فالحاصل أنه لو كان للعالم خالقان للزم أحد أمرين، إما انتفاء الربوبية عنهما جميعا، وإما ثبوتها لأحدهما، أما أن تثبت لهما جميعا فهذا محال، وإلى هذا يشير قوله تعالى: (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذن لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض )) فإذا علا بعضهم على بعض فالعالي هو الرب، وهذا هو الذي أشار إليه ابن القيم رحمه الله:
" لو كان ذاك تنافيا وتساقطا *** فإذا هما عدمان ممتنعان "
بقي واحد احتمال واحد، وهو أن يغلب أحدهما الآخر، فإذا غلب أحدهما الآخر فهو الرب.