(بيان القسم الأول من الناس وهم العلماء الربانيين الذين لهم عناية بالنصوص فهما ومرادا ومقصدا) فالأولون لإلفهم ذاك الخطـا***ب وإلفهم معناه طول زمان طال المراس لهم لمعناه كما اشـ***ـتدت عنايتهم بذاك الشأن والعلم منهم بالمخاطب اذ هم*** أولى به من سائر الإنسان لهم أتم عناية بكلامه*** وقصوده مع صحة العرفان فخطابه نص لديهم قاطع*** فيما أريد به من التبيان حفظ
الشيخ : " فالأولون" يعني بيّن هذا السبب لماذا كان هذا الدليل الواحد نصاً عند قوم وظاهراً عند قوم ومجملاً عند آخرين .قال :
" فالأولون" صار نصاً عندهم " لإلفهم ذاك الخطـا *** بَ وإلفهم معناه طول زمان "
اللهم اجعلنا منهم هؤلاء ألفوا خطاب الله ورسولِه وألِفوا معناه وصار المعنى الظاهر لغيرهم نصاً عندهم حتى إن بعضهم يُميِّز صحة الحديث من ضعفه بمجرد ما يسمعه وإن لم ير سنده لماذا ؟ لأنهم ألفوا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام واختلط بدمائهم حتى كانوا يعرفون هذا كلام الرسول من كلام غيره كما أننا نحن الآن إذا طالعنا كُتب عالم من العلماء ثم مرت بنا عبارة من عباراته وإن لم تنسب إليه عرفنا أنها من كلامِه ،كثيراً ما يمر علينا شيء من كلام شيخ الإسلام نعرف أنه كلامه وإن لم يكن منسوباً لأننا طالعنا كلامَه كثيراً وألفناه وكذلك ابن القيم وغيره فالحاصل أن هؤلاء الذين ألِفوا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام وفهموه يكون المعنى عندهم نصاً يقول :
" طال المراس لهم لمعناه كما اشـ *** ـتدت عنايتهم بذاك الشانِ
والعلم منهم بالمخاطِبِ إذ همُ *** أولى به من سائرِ الإنسان
ولهم أتمُّ عنايةٍ بكلامِه *** وقصودِه مع صحة العرفان
فخطابُه نصٌ لديهم قاطعٌ *** فيما أريد به من التبيان "

ذكر رحمه الله أموراً متعددة :
أولاً : أنهم ألفوا الخطاب خطاب الرسول عليه الصلاة والسلام وألفوا معناه من كثرة ممارستهم له هذه واحدة
ثانياً : أن لهم عناية تامة في معرفة كلام النبي صلى الله عليه وسلم وتدبر معناه حتى يكون عندهم نصاً قاطعاً
ثالثاً : أنهم يعلمون بحال الرسول عليه الصلاة والسلام ومُراده ومقصده لأنهم يعرفون الغايات الحميدة من الشريعة الإسلامية فتجدهم يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم بخطابِه نصاً قاطعا لأنهم يعرفون مقاصدَ الشريعة فلأجل هذه الأمور الثلاثة أو الأربعة كانوا يعلمون مراد النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه عِلماً قاطعا نصا ولهذا قال :
" فخطابه نص لديهم قاطع *** فيما أريد به من التبيان " .