( بيان أن حياة الصالحين ألذ عيشا في الدنيا ) والحافظات الغيب منهن التي*** قد أصبحت فردا من النسوان فانظر مصارع من يليك ومن خلا*** من قبل من شيب ومن شبان وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ***ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان إن كان قد أعياك خود مثل ما*** تبغي ولم تظفر إلى ذا الآن فاخطب من الرحمن خودا ثم قد*** م مهرها ما دمت ذا إمكان ذاك النكاح عليك أيسر إن يكن*** لك نسبة للعلم والايمان حفظ
الشيخ : يقول: إذا أعياك في هذه الدنيا خود يعني امرأة مستورة طيبة الخلق والخُلق فاخطب إلى الرحمن، يعني: قدم المهر إلى الله عز وجل لخطبة الحور العين، وذلك بماذا؟ بالإيمان والعمل الصالح، والإيمان والعمل الصالح هو مهر أيسر من مهور نساء الدنيا، وهو أيضا يطيب به القلب، وينشرح به الصدر، وتنبسط به النفس، ولا حياة ألذ من حياة أهل الإيمان والصلاح، أبدا، حتى قال بعض السلف: " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ".
الملوك وأبناء الملوك سرورهم ورفاهيتهم سرور جسد، لا سرور قلب، رفاهية جسد، لا رفاهية نفس، وإن كانوا منعمين، ويخدمون، وتقدم لهم أطيب الفواكه والأطعمة والفرش والأسرة، لكن نفوسهم ليست مسرورة، نفوسهم في حبس، في ضيق. (( لكن من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )) حياة طيبة، لم يقل: لنوسعن عليه في الرزق والقصور والمراكب، حياة طيبة، تجد قلبه منشرحا منعما مسرورا دائما، لا ينغلق، حتى إنه إذا انغلق فتح له باب الاستغفار، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله سبعين مرة )، فتجده دائما منشرحا، لأنه يقول بلسان الحال إن فاتتني الدنيا أدركت الآخرة، وإن لم تفتني جمعت بين الدنيا والآخرة، فهو يترقب دارا أكمل من داره التي هو فيها، أكمل بكثير، لأنه يؤمن بها، فيترقبها ويسعى للوصول إليها، ومع ذلك يجعل الله في قلبه من السرور والبهجة وطيب العيش ما لا يحصل لغيره.