ثم ضرب سبحانه وتعالى مثلا ثانيا وهو المثل الناري فقال ^ ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله ^ وهذا كالحديد والنحاس والفضة والذهب وغيرها فانها تدخل الكير لتمحص وتخلص من الخبث فيخرج خبثها فيرمي به ويطرح ويبقى خالصها فهو الذي ينفع الناس # ولم ضرب الله سبحانه وتعالى هذين المثلين ذكر حكم من استجاب له ورفع بهداه راسا وحكم من لم يستجب له ولم يرفع بهداه راسا فقال الذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو ان لهم ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به اولئك لهم سوء الحساب وماواهم جهنم وبئس المهاد والمقصود ان الله تعالى جعل الحياة حيث النور والموت حيث الظلمة فحياة الوجودين الروحي والجسمي بالنور وهو مادة الحياة كما انه مادة الاضاءة فلا حياة بدونه كما لا اضاءة بدونه وكما به حياة القلب فبه انفساحه وانشراحه وسعته كما في الترمذي عن النبي # اذا دخل النور القلب انفسح وانشرح قالوا وما علامة ذلك قال # الانابة الى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله # ونور العبد هو الذي يصعد عمله وكلمه الى الله تعالى فان الله تعالى لا يصعد اليه من الكلم الا الطيب وهو نور ومصدر عن النور ولا من العمل الا الصالح ولا من الارواح الا الطيبة وهي ارواح المؤمنين التي استنارت بالنور الذي انزله على رسوله والملائكة الذين خلقوا من نور كما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها وعن النبي قال # خلقت الملائكة من نور وخلقت الشياطين من نار وخلق ادم مما وصف لكم فلما كانت مادة الملائكة من نور كانوا هم الذين يعرجون الى ربهم تبارك وتعالى وكذلك ارواح المؤمنين هي التي تعرج الى ربها وقت قبض الملائكة لها فيفتح لها باب السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة الى ان ينتهي بها الى السماء السابعة فتوقف بين يدي الله عز وجل ثم يامر ان يكتب كتابه في اهل عليين فلما كانت هذه الروح روحا زاكية طيبة نيرة مشرقة صعدت الى الله عز وجل مع الملائكة واما الروح المظلمة الخبيثة الكدرة فانها لا تفتح لها ابواب السماء ولا تصعد الى الله تعالى بل ترد من السماء الدنيا الى عالمها ومحتدها لانها ارضية سفلية والاولي علوية سمائية فرجعت كل روح الى عنصرها وما هي منه وهذا منه مبين في حديث البراء بن عازب الطويل الذي رواه الامام احمد وابو عوانه الاسفرائيني في صحيحه والحاكم وغيرهم وهو حديث صحيح # والمقصود ان الله عز وجل لا يصعد اليه من الاعمال والاقوال والارواح الا ما كان منها نورا اقربهم اليه واكرمهم عليه . حفظ