وفي المسند من حديث عبدالله بن عمرو عن النبي # ان الله تعالى خلق خلقه في ظلمة والقى عليهم من نوره فمن اصاب من ذلك النور اهتدى ومن اخطاه ضل فلذلك اقوال # جف القلم على علم الله تعالى وهذا الحديث العظيم اصل من اصول الايمان وينفتح به باب عظيم من ابواب سر القدر وحكمته والله تعالى الموفق # وهذا النور الذي القاه عليهم سبحانه وتعالى هو الذي احياهم وهداهم فاصابت الفطرة منه حظها ولكن لما لم يستقل بتمامه وكماله أكمله لهم واتمه بالروح الذي القاه على رسله عليهم الصلاة والسلام والنور الذي اوحاه اليهم فادركته الفطرة بذلك النور السابق الذي حصل لها يوم القاء النور فانصاف نور الوحي والنبوة الى نور الفطرة نور على نور فاشرقت منه القلوب واستنارت به الوجوه وحييت به الارواح واذعنت به الجوارح للطاعات طوعا واختيارا فازدادت به القلوب الصفات العليا الذي يضمحل فيه كل نور سواه فشاهدته ببصائر الايمان مشاهدة نسبتها الى القلب نسبة المرئيات الى العين ذلك لاستيلاء اليقين عليها وانكشاف حقائق الايمان لها حتى كانها تنظر الى عرش الرحمن تبارك وتعالى بارزا والى استوائه عليه كما اخبر به سبحانه وتعالى في كتابه وكما اخبر به عنه رسوله يدبر امر الممالك ويامر وينهى ويخلق ويرزق ويميت ويحيي ويقضي وينفذ ويعز ويذل ويقلب الليل والنهار ويداول الايام بين الناس ويقلب الدول فيذهب بدولة وياتي باخرى والرسل من الملائكة عليهم الصلاة والسلام بين صاعد اليه بالامر ونازل من عنده به واوامره ومراسيمه متعاقبة على تعاقب الايات نافذه بحسب ارادته فما شاء كما شاء في الوقت الذي يشاء على الوجه الذي يشاء من غير زيادة ولا نقصان ولا تقدم ولا تاخر وامره وسلطانه نافد في السموات واقطارها وفي الا رض وما عليها وما تحتها وفي البحار والجو وفي سائر اجزاء العالم وذراته يقبلها ويصرفها ويحدث فيها ما شاء وقد احاط بكل شئ علما واحصى كل شئ عددا ووسع كل شئ رحمة وحكمة ووسع سمعه الاصوات فلا تختلف عليه ولا تشتبه عليه بل يسمع ضجيجها باختلاف لغاتها على كثرة حاجاتها لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه كثرة المسائل ولا يتبرم بالحاح ذوي الحاجات واحاط بصره بجميع المرئيات فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء فالغيب عنده شهادة والسر عنده علانية يعلم السر واخفى من السر فالسر ما انطوى عليه ضمير العبد وخطر بقلبه ولم تتحرك به شفتاه واخفى منه ما لم يخطر بعد فيعلم انه سيخطر بقلبه كذا وكذا في وقت كذا وكذا له الخلق والامر وله الملك والحمد وله الدنيا والاخرة وله النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن له الملك كله وله الحمد كله وبيده الخير كله واليه يرجع الامر كله شملت قدرته كل شئ ووسعت رحمته كل شئ وسعت نعمته الى كل حي # يساله من في السموات والارض كل يوم هو في شان يغفر ذنبا ويفرج هما ويكشف كربا ويجبر كسيرا ويغني فقيرا ويعلم جاهلا ويهدي ضالا ويرشد حيران ويغيث لهفان ويفك عانيا ويشبع جائعا ويكسو عاريا ويشفي مريضا ويعافى مبتل ويقبل تائبا ويجزي محسنا وينصر مظلوما ويقصم جبارا ويقيل عثرة ويستر عورة ويؤمن من روعة ويرفع اقواما ويضع اخرين لا ينام ولاينبغي له ان ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع اليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلفه ويمينه ملاى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار ارايتم ما انفق منذ خلق الخلق فانه لم يغض ما في يمينه # قلوب العباد وتواصيهم بيده وازمة الامور معقودة بقضائه وقدره الارض جميعا يوم القيامة والسموات مطوبات بيمينه يقبض سمواته كلها بيده الكريمة والارض باليد الاخرى ثم يهزهن ثم يقول انا الملك انا الملك انا الذي بدات الدنيا ولم تكن شيئا وانا الذي أعيدها كما بدأتها لا يتعاظمه ذنب ان يغفره ولاحاجة يسالها ان يعطيها لو ان اهل سمواته واهل ارضه واول خلقه واخرهم وانسهم وجنهم كانوا على اتقى قلب رجل منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئا ولو ان اول خلقه واخرهم وانسهم وجنهم كانوا على افجر قلب رجل منهم ما نقص ذلك من ملكه شيئا ولو ان اهل سمواته واهل ارضه وانسهم و جنهم وحيهم وميتهم ورطبهم ويابسهم قاموا في صعيد واحد فسالوه فاعطي كلا منهم ما ساله ما نقص ذلك مما عنده مثقال ذرة ولو ان اشجار الارض كلها من حين وجدت الى ان تنقضي الدنيا اقلام والبحر وراءه سبعة ابحرتمده من بعده مداد فكتب بتلك الاقلام وذلك المداد لفنيت الاقلام ونفذ المداد ولم تنفذ كلمات الخالق تبارك وتعالى وكيف تفنى كلماته عز وجل جلاله وهي لا بداية لها ولا نهاية والمخلوق له بداية ونهاية فهو احق بالفناء والنفاد وكيف يفنى المخلوق غير المخلوق # هو الاول الذي ليس قبله شئ والاخر الذي ليس بعده شئ والظاهر الذي ليس دونه شئ والباطن الذي ليس دونه شئ تبارك وتعالى احق من ذكر واحق من عبد واحق من حمد واولى من شكر وانصر من ابتغى وارأف من ملك واجود من سئل و اعفى من قدر واكرم من قصد واعدل من انتقم حلمه بعد علمه وعفوه بعد قدرته ومغفرته عن عزته ومنعه عن حكمته و موالاته عن احسانه ورحمته # ما للعباد عليه حق واجب % كلا ولا سعي لديه ضائع # ان عذبوا فبعدله او نعموا % فبفضله وهو الكريم الواسع # وهو الملك لاشريك له والفرد فلا ندله والغني فلا ظهير له والصمد فلا ولد له ولا صاحبة والعلي فلا شبيه له ولا سمي له كل شئ هالك الا وجهه وكل ملك زائل الا ملكه وكل ظل قالص الا ظله وكل فضل منقطع الا فضله لن يطاع الا باذنه ورحمته ولن يعصي الابعلمه الا بعلمه وحكمته يطاع فيشكر ويعصى فيتجاوز ويغفر كل نقمة منه عدل وكل نعمة منه فضل اقرب شهيد وادنى حفيظ حال دون النفوس واخذ بالنواصي وسجل الاثار وكتب الاجال فالقلوب له مفضية والسر عنده علانية والغيب عنده شهاده عطاؤه كلام وعذابه كلام ^ انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ^ # فاذا اشرقت على القلب انوار هذه الصفات اضمحل عندها كل نور ووراء هذا ما لا يخطر بالبال ولا تناله عبارة والمقصود ان الذكر ينور القلب والوجه والاعضاء وهو نور العبد في دنياه وفي البرزخ وفي القيامة . حفظ