الرابعة والاربعون ان الذكر راس الشكر فما شكر الله تعالى من لم يذكره وذكر البيهقي عن زيد بن اسلم ان موسى عليه السلام قال رب قد انعمت علي كثيرا فدلني على ان اشكرك كثيرا قال اذكرني كثيرا فاذا ذكرتني كثيرا فقد شكرتني كثيرا واذا نسيتني فقد كفرتني وقد ذكر البيهقي ايضا في شعب الايمان عن عبد الله بن سلام قال قال موسى عليه السلام يارب مالشكر الذي ينبغي لك فاوحى الله تعالى اليه ان لا يزال لسانك رطبا من ذكري قال يارب اني اكون على حال اجلك ان اذكرك فيها قال وما هي اكون جنبا او على الغائط او اذا بلت فقال وان كان قال يارب فما اقول قال تقول سبحانك وبحمدك وجنبني الاذى وسبحانك وبحمدك فقني الاذى # قلت قالت عائشة كان رسول الله يذكر الله تعالى على كل احيانه ولم تستثن حالة من حالة وهذا يدل على انه كان يذكر ربه تعالى في حال طهارته وجنابته واما في حال التخلي فلم يكن يشاهده احد يحكي عنه ولكن شرع لامته من الاذكار قبل التخلي وبعده مايدل على مزيد الاعتناء بالذكر وانه لا يخل به عند قضاء الحاجة وبعدها وكذلك شرع للامة من الذكر عند الجماع ان يقول احدهم بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا واما عند نفس قضاء الحاجة وجماع الاهل فلا ريب انه لا يكره بالقلب لانه لابد لقلبه من ذكر ولا يمكنه صرف قلبه عن ذكر من هو احب شئ اليه فلو كلف القلب نسيانه لكان تكليفه بالمحال كما قال القائل يراد من القلب نسيانكم % وتأبى الطباع على الناقل # فأما الذكر باللسان على هذه الحالة فليس مما شرع لنا ولا ندبنا اليه رسول الله ولا نقل عن احد من الصحابة رضي الله عنهم وقال عبد الله بن ابي الهذيل ان الله تعالى ليحب ان يذكر في السوق ويحب ان يذكر على كل حال الا على الخلاء # ويكفي في هذه الحال استشعار الحياء والمراقبة والنعمة عليه في هذه الحالة وهي من اجل الذكر فذكر كل حال بحسب ما يليق بها واللائق بهذه الحال التقنع بثوب الحياء من الله تعالى واجلاله وذكر نعمته عليه واحسانه اليه في اخراج هذا القذر المؤذي له لو بقي فيه لقتله فالنعمة في تيسير خروجه كالنعمة في التغذي به وكان علي بن ابي طالب اذا خرج من الخلاء مسح بطنه وقال يالها نعمة لو يعلم الناس قدرها وكان بعض السلف يقول الحمد لله الذي اذاقني لذته وابقى في منفعة واذهب عني مضرته وكذلك ذكره حال الجماع ذكر هذه النعمة التي من بها عليه وهي اجل نعم الدنيا فاذا ذكر نعمة الله تعالى عليه بها هاج من قلبه هائج الشكر فالذكر راس الشكر وقال النبي لمعاذ والله يامعاذ اني لاحبك فلا تنس ان تقول دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك فجمع بين الذكر والشكر كما جمع سبحانه وتعالى بينهما في قوله تعالى ^ فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ^ فالذكر والشكر جماع السعادة والفلاح . حفظ