الخامسة والاربعون ان اكرم الخلق على الله تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطبا بذكره فانه اتقاه في امره ونهيه وجعل ذكره شعاره فالتقوى اوجبت له دخول الجنة والنجاة من النار وهذا هو الثواب والاجر والذكر يوجب له القرب من الله عز وجل والزلفى لديه وهذه هي المنزلة # وعمال الاخرة على قسمين منهم من يعمل على الاجر والثواب ومنهم من يعمل على المنزلة والدرجة فهو ينافس غيره في الوسيلة والمنزلة عند الله تعالى ويسابق الى القرب منه وقد ذكر الله تعالى النوعين في سورة الحديد في قول الله تعالى ^ ان المصدقين والمصدقات واقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم اجر كريم ^ فهؤلاء اصحاب الاجور والثواب ثم قال ^ والذين امنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون ^ فهؤلاء اصحاب المنزلة والقرب ثم قال والشهداء عند ربهم لهم اجرهم و نورهم فقيل هذا عطف على الخبر من الذين امنوا بالله ورسله اخبر عنهم بانهم هم الصديقون وانهم الشهداء الذين يشهدون على الامم ثم اخبر عنهم بخبر آخر ان لهم اجرا وهو قوله تعالى ^ لهم اجرهم ونورهم ^ فيكون قد اخبر عنهم باربعة امور انهم صديقون وشهداء فهذه هي المرتبة والمنزلة # قيل تم الكلام عند قوله تعالى ^ الصديقون ^ ثم ذكر بعد ذلك حال الشهداء فقال ^ والشهداء عند ربهم لهم اجرهم ونورهم ^ فيكون قد ذكر المتصدقين اهل البر والاحسان ثم المؤمنين الذين قد رسخ الايمان في قلوبهم وامتلاوا منه فهم الصديقون وهم اهل العلم والعمل والاولون اهل البر والاحسان ولكن هؤلاء اكمل صديقية منهم ثم ذكر الشهداء وانه تعالى يجري عليهم رزقهم ونورهم لانهم لما بذلوا انفسهم لله تعالى اثابهم الله تعالى عليها ان جعلهم احياء عنده يرزقون فيجري عليهم رزقهم ونورهم فهؤلاء السعداء # ثم ذكر الاشقياء فقال ^ والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك اصحاب الجحيم ^ والمقصود انه سبحانه وتعالى ذكر اصحاب الاجور والمراتب وهذان الامران هما اللذان وعدهما فرعون السحرة ان غلبوا موسى عليه الصلاة والسلام فقالوا أان لنا لاجرا ان كنا الغا لبين قال نعم وانكم إذا لمن المقربين أي اجمع لكم بين الاجر والمنزلة عندي والقرب مني فالعمال عملوا على الاجور والعارفون عملوا على المراتب والمنزلة والزلفى عند الله واعمال هؤلاء القلبية اكثر من اعمال اولئك واعمال اولئك البدنية قد تكون اكثر من اعمال هؤلاء وذكر البيهقي عن محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى قال قال موسى عليه السلام يا رب أي خلقك اكرم عليك قال الذي لايزال لسانه رطبا بذكري قال يارب فاي خلقك اعلم الذي يلتمس الى عمله علم غيره قال يارب أي خلقك اعدل قال الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس قال يارب أي خلقك اعظم ذنبا قال الذي يتهمني قال يارب وهل يتهمك احد قال الذي يستخبرني ولا يرضى بقضائي وذكر ايضا عن ابن عباس قال لما وقد موسى عليه السلام الى طور سيناء قال يارب أي عبادك احب اليك قال الذي يذكرني ولا ينساني وقال كعب قال موسى عليه السلام يارب اقريب انت فاناجيك ام بعيد فاناديك فقال تعالى ياموسى انا جليس من ذكرني قال اني اكون على حال اجلك عنها قال ما هي ياموسى قال عند الغائط والجنابة قال اذكرني على كل حال وقال عبيد بن عمير تسبيحة بحمد الله في صحيفة مؤمن خير له من جبال الدنيا تجري معه ذهبا وقال الحسن اذا كان يوم القيامة نادى مناد سيعلم اهل الجمع من اولى بالكرم اين الذين كانت ^ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ^ قال فيقومون فيتخطون رقاب الناس قال ثم ينادى مناد سيعلم اهل الجمع من اولى بالكرم اين الذي كانت ^ لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ^ قال فيقومون فيتخطون رقاب الناس قال ثم ينادي مناد سيعلم اهل الجمع من اولى بالكرم اين الحمادون لله على كل حال قال فيقومون وهم كثير ثم تكون التبعة والحساب فيمن بقي واتى رجل مسلم الخولاني فقال له اوصني يا ابا مسلم قال اذكر الله تعالى تحت كل شجرة ومدرة فقال زدني فقال اذكر الله تعالى حتى يحسبك الناس من ذكرالله تعالى مجنونا قال وكان ابو مسلم يكثر ذكر الله تعالى فراه رجل وهو يذكر الله تعالى فقال امجنون صاحبكم هذا فسمعه ابو مسلم فقال ليس هذا بالجنون ياابن اخي ولكن هذا ذو الجنون . حفظ