ولنذكر فصولا نافعة تتعلق بالذكر تكميلا للفائدة الفصل الاول الذكر نوعان احدهما ذكر اسماء الرب تبارك وتعالى وصفاته والثناء عليه بهما وتنزيهه وتقديسه عما لا يليق به تبارك وتعالى # وهذا ايضا نوعان # احدهما انشاء الثناء عليه بها من الذاكر وهذا النوع هو المذكور في الاحاديث نحو سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله وبحمده ولا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ونحو ذلك فافضل هذا النوع اجمعه للثناء واعمه نحو سبحان الله عدد خلقه فهذا افضل من مجرد سبحان الله وقولك الحمد لله عدد ما خلق في السماء وعدد ما خلق في الارض وعدد ما بينهما وعدد ما هو خالق افضل من مجرد قولك الحمد لله وهذا في حديث جويرية ان النبي قال لها لقد قلت بعدك اربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه سبحان الله رضاء نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته رواه مسلم # وفي الترمذي وسنن ابي داود عن سعد بن ابي وقاص انه دخل مع رسول الله على امراة بين يديها نوى او حصى تسبح بها فقال أخبرك بما هو أيسرعليك من هذا فقال سبحان الله عدد ما خلق في السماء وسبحان الله عدد ماخلق في الارض وسبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ماهو خالق والله اكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك ولا اله الا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة الا بالله مثل ذلك # الثاني الخبر عن الرب تعالى باحكام اسمائه وصفاته نحو قولك الله عز وجل يسمع اصوات عباده ويرى حركاتهم ولا تخفي عليه خافية من اعمالهم وهو ارحم بهم من ابائهم وامهاتهم وهو على كل شئ قدير وهو افرح بتوبة عبده من الفاقد راحلته ونحو ذلك وافضل هذا النوع الثناء عليه بما اثنى به على نفسه وبما اثنى به عليه رسول الله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل وهذا النوع ايضا ثلاثة انواع حمد وثناء ومجد فالحمدلله الاخبار عنه بصفات كماله سبحانه وتعالى مع محبته والرضاء به فلا يكون المحب الساكت حامدا ولا المثني بلا محبة حامدا حتى تجتمع له المحبة والثناء فان كرر المحامد شيئا بعد الشئ كانت ثناء فان كان المدح بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك كان مجدا وقد جمع الله تعالى لعبده الانواع الثلاثة في اول الفاتحة فإذا قال العبد ^ الحمد لله رب العالمين ^ قال الله حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال اثنى علي عبدي واذا قال ^ مالك يوم الدين ^ قال مجدني عبدي # النوع الثاني من الذكر ذكر امره ونهيه واحكامه وهذا ايضا نوعان احدهما ذكره بذلك اخبارا عنه امر بكذا ونهى عنه كذا واحب كذا وسخط كذا ورضى كذا # والثاني ذكره عند امره فيبادر اليه وعند نهيه فيهرب منه فذكر امره ونهيه شئ وذكره عند امره ونهيه شئ اخر فاذا اجتمعت هذه الانواع للذاكر فذكره افضل الذكر واجله واعظمه # فائدة فهذا الذكر من الفقه الاكبر وما دونه أفضل الذكر اذا صحت فيه النية # ومن ذكره سبحانه وتعالى ذكر الائه وانعامه واحسانه واياديه ومواقع فضله على عبيده وهذا ايضا من اجل انواع الذكر # فهذه خمسة انواع وهي تكون بالقلب واللسان تارة وذلك افضل الذكر وبالقلب وحده تارة وهي الدرجة الثانية وباللسان وحده تارة وهي الدرجة الثالثة فافضل الذكر ما تواطا عليه القلب واللسان وانما كان ذكر القلب وحده افضل من ذكر اللسان وحده لان ذكر القلب يثمر المعرفة ويهيج المحبة ويثير الحياء ويبعث على المخافة ويدعو الى المراقبة ويزع عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئا من هذه الأثار وإن أثمر شيئ منها فثمرة ضعيفة . حفظ