الفصل الثاني الذكر افضل من الدعاء الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل اوصافه والائه واسمائه والدعاء سؤال العبد حاجته فاين هذا من هذا # ولهذا جاء في الحديث من شغله ذكري عن مسالتي اعطيته افضل ما اعطي السائلين ولهذا كان المستحب في الدعاء ان يبدا الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسال حاجته كما في حديث فضالة بن عبيد ان رسول الله سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله تعالى ولم يصلي على النبي فقال رسول الله عجل هذا ثم دعاه فقال له او لغيره اذا صلى احدكم فليبدا بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه ثم يصلي على النبي ثم يدعو بعد بما شاء رواه الامام احمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في صحيحه وهكذا دعاء ذي النون عليه السلام قال فيه النبي دعوة اخي ذي النون ما دعا بها مكروب الا فرج الله كربته لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين وفي الترمذي دعوة اخي ذي النون اذ دعا وهو في بطن الحوت ^ لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ^ فانه لم يدع بها مسلم قط الا استجاب له # وهكذا عامة الادعية النبوية على قائلها افضل الصلاة والسلام ومنه قوله في دعاء الكرب لا اله الا الله العظيم الحليم لا اله الا الله رب العرش العظيم لااله الا الله رب السموات ورب الارض ورب العرش الكريم ومنه حديث بريدة الاسلمي الذي رواه اهل السنن وابن حبان في صحيحه ان رسول الله سمع رجلا يدعو وهو يقول اللهم اني اسالك باني اشهد انك انت الله لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد فقال والذي نفسي بيده لقد سال الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى وروى ابو داود والنسائي من حديث انس انه كان مع النبي جالسا ورجل يصلي ثم دعا اللهم اني اسالك بان لك الحمد لا اله الا انت المنان بديع السموات والارض ياذا الجلال والاكرام يا حي ياقيوم فقال النبي لقد دعا الله باسمه الاعظم الذي دعي به اجاب وإذا سئل به اعطى فاخبر النبي ان الدعاء يستجاب اذا تقدمه هذا الثناء والذكر وانه اسم الله الاعظم فكان ذكر الله عز وجل والثناء عليه انجح ما طلب به العبد حوائجه # وهذه فائدة اخرى من فوائد الذكر والثناء انه يجعل الدعاء مستجابا فالدعاء الذي تقدمه الذكر والثناء افضل واقرب الى الاجابة من الدعاء المجرد فان انضاف الى ذلك اخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان ابلغ في الاجابة وافضل فانه يكون قد توسل المدعو بصفات كماله واحسانه وفضله وعرض بل صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته فهذا المقتضى منه واوصاف المسؤول مقتضى من الله فاجتمع المقتضي من السائل والمقتضي من المسؤول في الدعاء وكان ابلغ وألطف موقعا واتم معرفة وعبودية # وانت ترى في المشاهد ولله المثل الاعلى ان الرجل اذا توسل الى ما يريد معروفة بكرمة وجوده وبره وذكر حاجته هو وفقره ومسكنته كان اعطف لقلب المسؤول واقرب لقضاء حاجته فاذا قال له انت جودك قد سارت به الركبان وفضلك كالشمس لاتنكر ونحو ذلك وقد بلغت بي الحاجة والضرورة مبلغا لا صبر معه ونحو ذلك كان ابلغ في قضاء حاجته من ان يقول ابتداء اعطني كذا وكذا فاذا عرفت هذا فتامل قول موسى في دعائه ^ رب اني لما انزلت الي من خير فقير ^ وقول ذي النون في دعائه لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين وقول ابينا ادم ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين وفي الصحيحين ان ابا بكر الصديق قال يارسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي فقال قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وانه لا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك انت الغفور الرحيم فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحالة والتوسل الى ربه عز وجل بفضله وجوده وانه المنفرد بغفران الذنوب ثم سال حاجته بعد التوسل بالامرين معا فهكذا ادب الدعاء واداب العبودية . حفظ