الفصل الثالث قراءة القرءان افضل من الذكر والذكر افضل من الدعاء هذا من حيث النظر لكل منهما مجردا وقد يعرض للمفضول ما يجعله اولى من الفاضل بل يعينه فلا يجوز ان يعدل عنه الى الفاضل وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود فانه افضل من قراءة القران فيهما بل القراءة فيهما منهي عنها تحريم او كراهة وكذلك التسميع والتحميد في محلهما افضل من القراءة وكذلك التشهد وكذلك رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني بين السجدتين افضل من القراءة وكذلك الذكر عقيب السلام من الصلاة ذكر التهليل والتسبيح والتكبير والتحميد افضل من الاشتغال عنه بالقراءة وكذلك اجابة المؤذن والقول كما يقول افضل من القراءة # وان كان فضل القران على كل كلام كفضل الله تعالى على خلقه لكن لكل مقام مقال متى فات مقاله فيه وعدل عنه الى غيره اختلت الحكمة وفقدت المصلحة المطلوبة منه # وهكذا الاذكار المقيدة بمحال مخصوصة افضل من القراءة المطلقة والقراءة المطلقة افضل من الاذكار المطلقة اللهم الا ان يعرض للعبد مايجعل الذكر او الدعاء انفع له من قراءة القران مثاله ان يتفكر في ذنوبه فيحدث ذلك له توبة و استغفار او يعرض له ما يخاف اذاه من شياطين الانس والجن فيعدل الى الاذكار والدعوات التي تحصنه وتحطه وكذلك ايضا قد يعرض للعبد حاجة ضرورية اذا اشتغل عن سؤالها او ذكر لم يحضر قلبه فيهما واذا اقبل على سؤالها والدعاء لها اجتمع قلبه كله على الله تعالى واحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالا فهذا يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه انفع وان كان كل من القراءة والذكر افضل واعظم اجرا # وهذا باب نافع يحتاج الى فقه نفس وفرقان بين فضيلة الشئ في نفسه وبين فضيلته العارضة فيعطي كل ذي حق حقه ويوضع كل شيئ موضعه فللعين موضع وللرجل موضع وللماء موضع وللحم موضع وحفظ المراتب هو من تمام الحكمة التي هي نظام الامر والنهي والله تعالى الموفق# وهكذا الصابون والاشنان انفع للثوب في وقت والتجمير وماء الورد وكيه انفع له في وقت وقلت لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوما سئل بعض اهل العلم ايما انفع للعبد التسبيح او الاستغفار فقال اذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد انفع له وان كان دنسا فالصابون والماء الحار انفع له فقال لي رحمه الله تعالى فكيف والثياب لا تزال دنسة ومن هذا الباب ان سورة ^ قل هو الله احد ^ تعدل ثلث القران ومع هذا فلا تقوم مقام ايات المواريث والطلاق والخلع والعدد ونحوها بل هذه الايات في وقتها وعند الحاجة اليها انفع من تلاوة سورة الاخلاص # ولما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء وهي جامعة لاجزاء العبودية على اتم الوجوه كانت افضل من كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الاعضاء فهذا اصل نافع جدا يفتح للعبد باب معرفة مراتب الاعمال وتنزيلها منازلها لئلا يشتغل بمفضولها عن فاضلها فيربح ابليس الفضل الذي بينهما او ينظر الى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها و ان كان ذلك وقته فتفوته مصلحته بالكلية لظنه ان اشتغاله بالفاضل اكثر ثوابا واعظم اجرا وهذا يحتاج الى معرفة بمراتب الاعمال وتفاوتها ومقاصدها وفقه في اعطاء كل عمل منها حقه وتنزله في مرتبته وتفويته لما هو اهم منه او تفويت ما هو اولى منه وافضل لامكان تداركه والعود اليه وهذا المفضول ان فات لا يمكن تداركه فالاشتغال به اولى وهذا كترك القراءة لرد السلام وتشميت العاطس وان كان القران افضل لانه يمكنه الاشتغال بهذا المفضول والعود الى الفاضل بخلاف ما اذا اشتغل بالقراءة فاتته مصلحة رد السلام وتشميت العاطس وهكذا سائر الاعمال اذا تزاحمت والله تعالى الموفق . حفظ