فأعطى الله العبد مددًا وعدةً وأعوانًا وسلاحًا لهذا الجهاد وأعطى أعداءه مددًا وعدةً وأعوانًا وسلاحًا وبلا أحد الفريقين بالآخر وجعل بعضهم لبعضٍ فتنةً ليبلو أخبارهم ويمتحن من يتولاه ويتولى رسله ممن يتولى الشيطان وحزبه كما قال تعالى : { وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربك بصيرًا } وقال تعالى { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعضٍ } وقال تعالى : { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم } فأعطى عباده الأسماع والأبصار والعقول والقوى وأنزل عليهم كتبه وأرسل إليهم رسله وأمدهم بملائكته وقال لهم { أني معكم فثبتوا الذين آمنوا } وأمرهم من أمره بما هو من أعظم العون لهم على حرب عدوهم وأخبرهم أنهم إن امتثلوا ما أمرهم به لم يزالوا منصورين على عدوه وعدوهم وأنه إن سلطه عليهم فلتركهم بعض ما أمروا به ولمعصيتهم له ثم لم يؤيسهم ولم يقنطهم بل أمرهم أن يستقبلوا أمرهم ويداووا جراحهم ويعودوا إلى مناهضة عدوهم فينصرهم عليه ويظفرهم بهم فأخبرهم أنه مع المتقين منهم ومع المحسنين ومع الصابرين ومع المؤمنين وأنه يدافع عن عباده المؤمنين ما لا يدافعون عن أنفسهم بل بدفاعه عنهم انتصروا على عدوهم ولولا دفاعه عنهم لتخطفهم عدوهم واجتاحهم . وهذه المدافعة عنهم بحسب إيمانهم وعلى قدره فإن قوي الإيمان قويت المدافعة فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
حفظ